الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قضاء حوائج الناس

8 أكتوبر 2007 01:21
إن قضاء الحوائج باب واسع يشمل كل الأمور المعنوية والحسية التي حثّ الإسلام عليها، وأمر المؤمنين على البذل والتضحية فيها، لما فيه من تقويةٍ لروابط الأخوة وتنمية للعلاقات البشرية، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه''، وكرب الدنيا كلها بالنسبة لكرب الآخرة لا تساوي شيئاً، فإن كرب الآخرة شيء عظيم، نسأل الله أن ينجينا منها· وباعتبار الزمان والمكان فإن هذا الحق قد زاد أثره وعظم أجره فى ظل صعوبات الحياة وتوارد مشاكلها، من هنا كان لهذا الخلق أثره العظيم على حياة الناس· أحب الناس فقضاء حوائج الناس، حق من الحقوق العظيمة التي أوصى الله -عز وجل- بها وحث عليها رسول الله صلى عليه وسلم، حيث يقول لنا: ''أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة، أو يقضي عنه ديناً، أو يطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد -مسجد المدينة- شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام''· هذا الحديث الشريف أشار إلى منزلة عظيمة جداً، ودرجة عالية رفيعة، ذلك أن محبة الله للعبد شيء عظيم، فإن الله إذا أحب عبداً أحبه أهل السماء والأرض، وإن الله إذا أحب عبداً لا يعذبه، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ''إن الله تعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل فقال: يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض''· وقال: ''والله لا يلقى حبيبه في النار''· وذكر الإمام أبو حامد الغزالى فى كتابه ''مكاشفة القلوب'': ''عن عبد الله بن الحسن -رضى الله عنه- قال: أتيت باب عمر بن عبد العزيز فى حاجة فقال: إذا كانت لك حاجة فأرسل إلينا رسولاً، أو اكتب إلينا كتاباً، فإننى لأستحيي من الله أن يراك ببابي· وقال علي بن أبى طالب -كرم الله وجهه: والذي وسع سمعه الأصوات ما من أحد أودع قلباً سروراً إلا خلق الله تعالى من هذا السرور لطفاً، فإذا نزلت به نائبة جرى إليها كالماء في انحداره حتى يطردها كما تطرد غريبة الإبل· فعلى كل مسلم أن يسعى لإزالة ما يحل بالمسلمين من النائبات والمصائب والكروب، فمن ابتلي بضائقة بذلت له من مالك، أو حثثت الأغنياء على التصدق عليه ومعونته، ومن حاق به ظلم ظالم رددت عنه الظلم ما وجدت إلى ذلك سبيلاً· ومن هنا فكل مسلم مكلف شرعاً أن يسعى جاهداً لإزالة النائبات أو تخفيفها عن المسلمين، والله سبحانه يعده على ذلك بأن يدفع عنك كرب يوم القيامة· ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة''· وقال صلى الله عليه وسلم: ''أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تطرد عنه جزعاً أو تقضي عنه ديناً''· ومن أحب الأعمال إلى الله أن تقضي عن مسلم ديناً· وإن الله تبارك وتعالى قد جعل للغارمين نصيباً في الصدقات المفروضة، وجعل لهم حقاً معلوماً في مال الأغنياء، قال تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) (التوبة: 60)· والغارمون هم: من ركبتهم الديون ولزمتم، ثم لم يجدوا لها وفاء، فأهل الأموال مطالبون شرعاً بقضاء دين الغارمين· وهو حق أصيل لهم· الجزاء من جنس العمل فهل تحب أن تكون من الآمنين يوم القيامة؟ فاستمع لقول ابن عباس -رضى الله عنه- يقول: ''إن لله عباداً يستريح الناس إليهم في قضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم، أولئك هم الآمنون من عذاب يوم القيامة''· ولقد كثرت الأحاديث التى تحث على السعي في قضاء حوائج المسلمين· ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ''والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه''· وقوله: ''من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته''· وإن الله تبارك وتعالى يجزل لهذا المنفق ويعطيه خيراً مما بذل وأكثر· ويكفي أن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، فالجزاء من جنس العمل· ولك أن تتأمل أن تسعى في حاجة نفسك أنت، أم يسعى الله العليم القدير، الذي بيده ملكوت كل شيء، وعنده خزائن كل شيء، في قضاء حاجتك· قال الضحاك في قوله تعالى: (إنا نراك من المحسنين) في قصة يوسف عليه السلام: كان إحسانه إذا مرض رجل في السجن قام عليه، وإذا ضاق عليه المكان وسع له· وقيل لابن المنكدر: أي الأعمال أفضل؟ قال: إدخال السرور على المؤمن· قيل: أي الدنيا أحب إليك؟ قال: الإفضال على الإخوان· أي: التفضل عليهم والقيام بخدمتهم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©