الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السور «الجميل».. فكرة «ترامب» المجنونة

17 أكتوبر 2016 10:42
بعد ما يقرب من عام من التخمين، كشف المترشح الرئاسي الجمهوري الأوفر حظاً دونالد ترامب -أخيراً- عن الكيفية التي يخطط بها لجعل المكسيك تدفع تكاليف إنشاء الجدار الذي يريد تشييده بطول الحدود الأميركية- المكسيكية، والذي يقول إنه سيبنيه عندما يصبح رئيساً للولايات المتحدة. وفي مذكرة من صفحتين بادر بإرسالها إلى صحيفة «واشنطن بوست» لتوضيح الطريقة التي سيموّل بها تكاليف إنشاء السياج أو السور الحدودي الذي سيمتد بطول ألف ميل، قال ترامب: إنه سيهدد المكسيك باستقطاع جزء من التحويلات التي يرسلها المكسيكيون المقيمون في الولايات المتحدة، وتقدر قيمتها بنحو 25 مليار دولار، ما لم تدفع المكسيك تكاليف إنشاء السياج. وقال: إنه إذا ما فشلت المكسيك في سداد ما يتراوح بين «5- 10 مليارات دولار دفعة واحدة» لتشييد السياج الحدودي، فإن الولايات المتحدة ستقوم بتمديد قانون «باتريوت» لمكافحة الإرهاب، لاقتطاع جزء من تحويلات المكسيكيين المقيمين في الولايات المتحدة لأسرهم في الوطن. وأضاف على نحو فج: «إن هذا قرار سهل بالنسبة للمكسيك». يقول مانويل أوروزكو، الخبير في شؤون الهجرة في مؤسسة أبحاث الحوار بين البلدان الأميركية ومقرها واشنطن، الذي أجرى العديد من الدراسات حول تحويلات الأسر، إن اقتراح ترامب لاستقطاع هذه التدفقات يبدو في الحقيقة اقتراحَ «مختل»، لأن الرئيس الأميركي لن تكون له أي سلطة لفعل مثل هذا الشيء. وقال: إن الأمر يحتاج لإجراء من الكونجرس. والأهم من ذلك، أن مثل هذا الإجراء سيأتي بنتائج عكسية، لأن من شأنه أن يشل اقتصاد المكسيك، ويدفع مزيداً من المكسيكيين للانتقال إلى الولايات المتحدة. وقال الخبير «أوروزكو» أثناء حديثه معي: إن «التأثير الفوري سيتمثل في زيادة معدلات الهجرة». واستطرد موضحاً: «إنك ستخنق الملايين من الأشخاص المكسيكيين مالياً، وستحرمهم من نحو نصف دخلهم الشهري. وهذا من شأنه أن يدفع كثيراً منهم للسعي للحصول على حياة أفضل في الولايات المتحدة». إن خفض التحويلات العائلية سيخلق حالة من الفوضى في الاقتصاد المكسيكي، لأن هذه التدفقات الشهرية تصل إلى أكثر من عائدات المكسيك من السياحة، والأهم من ذلك أنها أموال تذهب مباشرة إلى جيوب أفقر الفقراء في المكسيك. وهناك ما يقرب من ستة ملايين من أسر المكسيك التي يقدر عددها بنحو 28 مليون أسرة ممن يتلقون تحويلات عائلية. وفي بعض الولايات التي تعاني من الفقر، مثل ولايات أوكاساكا وتشياباس، يعتمد العديد من الأسر على هذه التحويلات النقدية في معيشتهم. فإذا ما أخذت هذه الأموال بعيداً، فإنه لن يكون أمامهم خيار آخر سوى الهجرة، حتى وإن كان ذلك دون وثائق رسمية. وربما يرد ترامب قائلاً إن جداره المقترح «الجميل» هذا سيمنع المكسيكيين من عبور الحدود بطريقة غير شرعية، مهما كانت دوافعهم. بيد أن أكثر من 40 في المئة من المهاجرين غير الشرعيين لا يدخلون البلاد عبر الحدود البرية، ولكنهم يأتون جواً عبر المطارات الأميركية. إنهم يأتون بتأشيرات سياحية ويتجاوزون مدة الإقامة، بحسب ما يقول مسؤولون أميركيون. ومفهومٌ أن جدار ترامب المقترح لن يفعل شيئاً لمنع هؤلاء المهاجرين. وعلاوة على ذلك، فإن خفض التحويلات النقدية العائلية سيدفع مزيداً من الشباب المكسيكيين إلى أتون الجريمة، ما قد يدفع بالنتيجة أعداداً أكبر من المكسيكيين للهجرة. والمكسيك عندما تعاني أكثر من الجريمة، وتصبح غير المستقرة اجتماعياً، لن تكون جيدة كجار وشريك بالنسبة للولايات المتحدة، بحسب ما يرى خبراء في شؤون الهجرة. ورأيي الشخصي أن اقتراح ترامب ليس اقتراحاً غير إنساني فحسب، ولكنه أيضاً يأتي بنتائج عكسية. وكما قال أوروزوكو، فسيساعد فقط على زيادة تدفق المهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة، في الوقت الذي تراجعت فيه معدلات الهجرة غير الشرعية إلى أقل مما كانت عليه في عام 2008. إنه واحد من اقتراحات ترامب التبسيطية والساذجة، مثل تعهده بترحيل 11 مليوناً من سكان الولايات المتحدة الذين لا يحملون وثائق، أو الانسحاب من «الناتو»، وهي اقتراحات من شأنها أن تضر أكثر مما تنفع. وبعد هزيمة ترامب في الانتخابات الأولية في ولاية ويسكونسن يوم الثلاثاء، أخشى أن يزيد من اقتراحاته الشعبوية المعادية للأجانب في الأسابيع المقبلة، حتي يستمر في تصدر العناوين الرئيسية وجذب مزيد من الأصوات اليمينية المتطرفة إلى صناديق الاقتراع. إنه يتصدر العديد من استطلاعات الرأي في الانتخابات التمهيدية المقبلة، بما في ذلك انتخابات نيويورك، ويجب أن يفوز بها بشكل حاسم للحفاظ على فرصة لائقة للفوز بترشيح الجمهوريين. * كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©