الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرس الوطني.. جيش «بوتين» الجديد

11 ابريل 2016 22:41
أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إصلاحاً كبيراً لأجهزة إنفاذ القانون في روسيا شمل إنشاء جيش داخلي يأتمر بأوامره شخصياً، وليس تابعاً لإحدى وزارات الحكومة، فيما يُعتبر أقوى مؤشر منذ سنوات على قلق وانشغال الزعيم الروسي بالحفاظ على سلطته. ففي الخامس من أبريل، أحال بوتين مشروع قانون على البرلمان الروسي ينص على إنشاء «حرس وطني» من «جنود الداخلية» التابعين لوزارة الداخلية. وبشكل عام، تعتمد وزارة الداخلية على قوة الشرطة، و«جنود الداخلية» الذين يبلغ قوامهم 170 ألفاً هم شرطة مكافحة الشغب ووحدات محاربة التمرد، وهي القوات التي تحملت، خلال ولايتي بوتين الأوليين، مهمة القتال في منطقة الشيشان الانفصالية سابقاً، كما تتولّى عادة أيضاً فض وتفريق التجمعات العامة والمظاهرات غير المصرح لها. وإضافة إلى «جنود الداخلية»، فإن كل وحدات النخبة التابعة للوزارة، التي يلقبها نشطاء المعارضة بـ «رواد الفضاء» بسبب خوَذ أفرادها دائرية الشكل ومعداتهم الشبيهة بتلك التي ترى في فيلم «حرب النجوم»، ستصبح جزءاً من جيش بوتين، الذي يمكن توسيعه بشكل أكبر في المستقبل. وسيمثل عدد أفراد «الحرس الوطني» أكثر من نسبة 15 في المئة من القوات المسلحة الروسية التي يفترض أن تتعامل مع التهديدات الخارجية. وهذه القوة الكبيرة والمدربة بشكل جيد ستعمل خارج إطار وزارة الداخلية وستكون تحت قيادة فيكتور زولوتوف، الذي يُعتبر أحد المقربين من بوتين منذ وقت طويل حيث عينه رئيساً لحرسه الشخصي مباشرة بعد الانتقال إلى الكريملن في 2000. وعلى غرار العديد من أصدقاء بوتين الآخرين في الجهاز الحكومي، يبدو زولوتوف أغنى بكثير مما قد يسمح به راتبه الرسمي، وولاؤه الشخصي للرئيس أكبر من ولاء وزير الداخلية فلاديمير كولوكولتسيف. وسيصبح زولوتوف الآن تابعاً مباشرة لبوتين. ومثلما كتبت عالمة السياسة تاتيانا ستانوفايا في مقال لمركز «كارنيجي» الروسي، فبغض النظر عما إذا كان وزير الداخلية من المقربين من بوتين أو ممن يمارسون معه رياضة الجودو، فـ «إن يده سترتعش عندما يتعين اتباع الأوامر في لحظة توتر كبير ممكنة في حين يتمتع زولوتوف بأكبر قدر ممكن من الحماية من هذا التردد». وعلاوة على ذلك، فإن ولاء «الحرس الوطني» أكثر تأكيداً من ولاء وزارة الدفاع، التي يديرها سيرجي شويغو، صاحب الشعبية الكبيرة -والاستقلالية المتزايدة أيضاً، على ما يقال. وكانت آخر مرة قام فيها بوتين بتعديل لـ«الوزارات القوية» في 2003، وذلك في محاولة منه لجعلها أقرب وأشبه بالمؤسسات السوفييتية التي عرفها في شبابه. غير أن الخطوة الجديدة تبدو ذات أهمية ودلالة أكبر نظراً لأن الزعيم الروسي سيتسلم شخصياً السيطرة على الجيش.. ومن المهم هنا ملاحظة توقيت ذلك. ذلك أن الانتخابات البرلمانية ستجرى في سبتمبر، على رغم أنها لن تمثل حدثاً مهماً لأن البرلمان الجديد الذي ستتمخض عنه سيوافق بشكل أوتوماتيكي، على الأرجح، على قرارات الكريملن، تماماً على غرار البرلمان الحالي. ولكن إذا شابت الانتخابات المقبلة أعمال تزوير كبيرة على غرار انتخابات 2011، فقد تندلع الاحتجاجات من جديد. وعلى رغم أن استطلاعات الرأي ما زالت تشير إلى أن بوتين يتمتع بمستويات مرتفعة من الدعم بعد التدخلين العسكريين في أوكرانيا وسوريا، إلا أن الروس باتوا يعيشون تحت ضغط كبير بسبب استمرار الأزمة الاقتصادية. وبوتين، الذي يبدو أنه يعتقد بأن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين لا يسعون لزعزعة استقرار نظامه فحسب ولكن أيضاً لتفكيك روسيا، لا يريد ترك أي شيء للحظ أو الصدفة، ومن الواضح أن توقيته مدروس بعناية حيث يسعى لاستكمال عملية إعادة تنظيم القوات قبل الاستحقاق المقبل. وبحلول وقت الانتخابات الرئاسية في 2018، سيكون «الحرس الوطني» قد تخلص من مشاكل البدايات وستكون لديه كل الصلاحيات والسلطات اللازمة للتصدي لأية مؤامرة غربية محتملة والتخلص من أي انشقاق صاخب أو عنيف. ولكن مرة أخرى، يرى المنتقدون أنه بدلًا من قطع خطوات على طريق الانفتاح والتحرير، اختار نظام بوتين الانغلاق والانكفاء على نفسه، هذا في وقت يواصل فيه الرجل الذي على رأسه الاستئثار بمزيد من الصلاحيات والسلطات المباشرة. ولا شك أن إنشاء «حرس وطني» يعكس عدم ثقة بوتين في ما تبقى من مؤسسات روسيا: فهو يشعر بثقة أكبر عندما يكون محوطاً بأصدقاء قدامى ومسيطراً على قوة قتالية كبيرة. * محلل سياسي روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©