الأسهم التكنولوجية في بورصة نيويورك .. انتعاش له مدلولاته

كثيراً ما يشبّه الخبراء أسواق البورصة العالمية بميزان الحرارة الذي يستخدمه البشر كوسيلة غير مباشرة للتعرف على حالتهم الصحية؛ فهي غالباً (وليس دائماً) ما تكون مؤشراً قوياً على حسن الأداء والقدرة على التخطيط والإنجاز بالنسبة للشركات المختلفة من خلال إظهار المخططات والبيانات التي تظهر تغير أسعار أسهمها العائمة· وبعد أن شهدت البورصات تلك الهزّة العنيفة التي أعقبت توارد الأخبار الأولى حول تداعي نظام قروض الرهن العقاري في الولايات المتحدة بسبب ارتفاع معدلات العجز عن الوفاء بالالتزامات لدى المتعاملين، وعقب انتشار آثار هذه الظاهرة في دول العالم ذات الاقتصاد الحر كافة، بدا للخبراء بكل وضوح أن الشركات التكنولوجية تحتكم إلى قوة خاصة تجعلها قادرة على الصمود بقوة أمام مثل هذه الأعاصير الهوجاء· وفيما كانت المؤشرات العامة للأسهم العالمية تتعافى ببطء شديد من تلك الضربة الموجعة عقب الإجراءات السريعة التي اتخذتها البنوك المركزية للاقتصادات الكبرى وخاصة في الولايات المتحدة التي سارعت إلى ضخ السيولة النقدية في الأسواق، كانت أسهم القطاعات التكنولوجية تسجل مكاسب قوية وسريعة في سوق وول ستريت· ويسوق تقرير نشرته مجلة فوربس العديد من الأمثلة على المستوى العالي لتماسك وصلابة أسهم الشركات التكنولوجية فيشير إلى أن سهم شركة (ريسيرتش إن موشن) التي تصنع جهاز (بلاك بيري) ارتفع عصر يوم الجمعة الماضي بمقدار 11,88 دولاراً إلى 112,42 دولاراً أو بنسبة 11,8 بالمئة بعد أن كانت الشركة قد سجلت خلال الربع الثاني أرباحاً تفوق ضعف ما حققته خلال الربع الثاني من العام الماضي· ويأتي المثال الثاني من الشركة التي تمتلك محرك البحث الشهير (ياهو) والتي سجلت بدورها مكاسب قوية عقب صدور تقارير تحليلية من خبراء الأسهم تفيد بأنها ستحقق أرباحاً كبيرة بعد قرار تقسيمها إلى ثلاث وحدات منفصلة· وارتفع سهمها عصر الجمعة الماضي بمقدار 2,6 بالمئة إلى 27,85 دولاراً· وأما عملاقة محركات البحث على الإطلاق شركة (جوجل)، فلقد سجل سهمها يوم الجمعة الماضي ارتفاعاً بلغ 15,22 دولار ليستقر عند 594,25 دولار أو ما يعادل ارتفاعاً بلغ 2,6 بالمئة· وسجلت (مايكروسوفت) أيضاً تحسناً نسبياً في سعر سهمها الذي ارتفع 24 سنتاً إلى 29,95 دولار أو ما يساوي 0,8 بالمئة عقب الإطلاق الناجح للعبة الفيديو الجديدة (هالو3)· وكانت هذه المكاسب التي حققتها الشركات التكنولوجية مرافقة لارتفاع عام في مؤشر الأسهم التكنولوجية (ناسداك) الذي ارتفع يوم الجمعة الماضي 39 نقطة أو ما يعادل 1,4 بالمئة بالرغم من أن الأخبار الطيبة لم تكن تشمل كل الأسهم المشاركة في تشكيل هذا المؤشر· ومن ذلك مثلاً أن سهم شركة (كلير واير) التي تعمل في قطاع الشبكات اللاسلكية، سجل في ذلك اليوم تراجعاً كبيراً بعد صدور تقرير تصنيفي سلبي بشأنها عن شركة (بير ستيرنز) مما أدى إلى هبوط القيمة السوقية لسهمها 2,86 دولار إلى 20,75 دولار أو بنسبة 12,11 بالمئة· وعلى كل حال، يمكن القول إن الارتفاع المتواصل في أسهم الشركات التكنولوجية إنما يعكس بصدق توجهاً واضحاً من المستثمرين للاستثمار في هذا القطاع الواعد بعد أن اتضحت العوائد السوقية الضخمة التي ينطوي عليها بسبب الثورة التي تشهدها التكنولوجيا الرقمية بفروعها المختلفة وخاصة صناعة الاتصالات·