الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

غسان زقطان: شعر الأرض المحتلة تخلص من الحيلة البلاغية

غسان زقطان: شعر الأرض المحتلة تخلص من الحيلة البلاغية
5 أكتوبر 2007 22:30
الشاعر الفلسطيني غسان زقطان أحد الأصوات المهمة في الخريطة الشعرية العربية المعاصرة ، بدأ مسيرته منذ نهاية السبعينيات في العاصمة الأردنية عمان ، ثم انتقل إلى بيروت ، وبعدها إلى دمشق ، وتونس ، إلى أن استقر في رام الله ، وهذه المسيرة الثقافية المديدة أفرزت ثماني مجموعات شعرية منها:(عرض حال) و(صباح مبكر) و(أسباب قديمة) و(ورايات) و(بطولة الأشياء) إضافة إلى عملين روائيين هما (سماء خفيفة) و(وصف الماضي) والعديد من الأعمال النثرية والكتابية المتصلة بالسينما والتلفزيون والتوثيق والتي تصب كلها في إطار تجربته الإبداعية المتميزة ومعه كان هذا الحوار: النص الشعري * ما الذي تغير على النص الشعري الفلسطيني بعد العودة إلى أرض الوطن؟ ** ربما انكسرت أشياء كثيرة من التي كنا نعتقد أنها ثوابت، وأهمها قضيتان أساسيتان هما المشهد المكاني (الوطن) وهذه المقارنة مع المشهد المتخيل عبر البلاغة الأدبية والحنين، وهذا الخلاف أقرب إلى صدمة نص، وهو بالتأكيد سيكون له أثر على المصطلح، وعلى بنية القصيدة والصورة، أما التغيير الآخر فهو فكرة العودة نفسها التي ارتبطت دائماً بمشروع شمولي، والآن نلاحظ أنها فردية ولا تشبه على الإطلاق العودة البلاغية والثقافية والإبداعية التي اتفق عليها طيلة سنوات المنفى· * هل كنت مستغر قاً بحلم العودة بشكل كلي؟ ** لا أدعي ذلك، فقد كانت لدي اقتراحات، وكان لدي فهمي فالمكان مختلف عما كان، والعودة مختلفة عن رغباتنا، نعم ثمة اختلافات كبيرة، أنت تعود الآن إلى مكان ناقص، والمكان هو المكان الوحيد الذي لا يمكن تعويض نقصانه والتشوهات التي أجريت عليه، ليس بالإمكان إجراء عملية ترميم، فإما أن تعيش معه أو تعوضه بحلم بلاغي آخر، وأنا لست مستعداً للدخول في حيلة بلاغية مع النص حتى أعوض نقصان الوطن· * لكن هذه الصدمة لم تصب الثقافة برمتها· ** ربما أصابت الثقافة العائدة، فالثقافة التي بنيت داخل الوطن على أيدي رموز معينة كانت قريبة من الواقع المعاش، بخلاف الثقافة العائدة، ودعني استعمل مرة أخرى الحيلة البلاغية في الخارج، حيث استعاضت هذه الثقافة بنسج لوحة كاملة عن وطن متخيل، وبدت منجزة وغير قابلة أبداً للنقد· رحلة مختلفة هل تعتقد أن عدم قدرة الثقافة العائدة على التعايش مع الواقع ضمن الصورة المتخيلة يضطر البعض إلى الخروج من الوطن على غرار محمود درويش نهاية الستينيات؟ ** الآن الموضوع مختلف تماماً، ففي رأيي أن رحلة محمود درويش كانت رحلة فردية جداً، بعكس الاتجاه العام، ففي مطلع السبعينيات كان هناك انسياق كامل يتجه نحو فلسطين سياسياً وبلاغياً وثقافياً، في حين محمود خرج وحيداً في رحلة ضد الريح والشجرة والتيار والقافلة، وقد زحزح مفردة الوطن من القاموس، وجعله أشمل وأعمق، وما اتهم به في حينها نحن نواجهه الآن، والاعتراف العميق الذي قدمه محمود عبر رحلة معاكسة نحن نواجهه الآن عبر رحلة مختلفة تماماً، وهي قضية مؤلمة، وهي سمة من سمات البنية الشرقية للإبداع، ثنائية قائمة على نفي النص الآخر، فقسمنا العالم بين شرير وطيب، بين أسود وأبيض، وهذه الثنائيات ممكن أن تنتج عنها ثنائيات لامتناهية ستصل إلى المنفى، والوطن، فالمنفى كان شريراً وقاسياً ومريراً في حين أن الوطن يعوض كل هذه القسوة، وهذا الحرمان، ولكن هذه الثنائية انكسرت تماماً، فالمتلقي ليس شريراً بهذا الشكل الكلي، بالعكس المتلقي لديه أحلامه ورقته وثوابته في حين الوطن ليس منجزاً، وليس كاملاً، وهذا التداخل في طريقه لبناء لغة جديدة، ولا أجد أنني اشعر بحنين ما إلى منفاي الأول عمان، وإلى منفاي الثاني، ومنفاي الثالث، ولا يتعارض ذلك على الإطلاق مع علاقتي الحقيقية بوطني، علينا أن نخرج من هذه الثنائية القاتلة، ونفكر بطريقة جديدة· * لكنك لم تعد إلى بلدك الأصلي· ** في المصطلح السياسي والمتعارف عليه أنني انتمي الى اللاجئين في أقصى قرى الخليل، لذا نستطيع أن نتحدث عن عودة لاجىء على منفى أو مستوى من مستوياته، فقريتي محتلة منذ العام ·1948
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©