الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مدينة القصبة·· عبق التاريخ بين الجدران والأزقة

مدينة القصبة·· عبق التاريخ بين الجدران والأزقة
5 أكتوبر 2007 22:29
احتضنت قاعة ابن زيدون برياض الفتح بالجزائر العاصمة العرض الأول للفيلم الوثائقي ''القصباجيون'' في إنتاج مشترك جزائري أوروبي ،من إخراج ''أن كازاليس ''· والذي يعكس الجانب الإنساني للقصبة عند بعض الشخصيات التي صنعت التاريخ العريق لهذا المعلم· وأنت تمشي بين أزقتها العتيقة وتصعد سلالمها الضيقة وأسقفها المتعانقة يخيل إليك أنك خارج الزمن ،تبتعد للحظات عن الإسمنت المسلح الذي أصبح الأنموذج الوحيد لمعظم الأحياء والشوارع والأزقة الجزائرية، من أزقتها العتيقة تنبعث رائحة العراقة والتاريخ، جدرانها البيضاء وأبوابها الثقيلة المميزة وشرفتها المشدودة بعمد من حطب تروي لزائرها حكايات عصور طوال لتقول بصمت وشموخ أنا المدينة الهاربة بأقبيتي من كل شيء حديث ،أنا قصبة الجزائر ،مدينة الأبواب الخمسة والعيون الخمس· بهذه المناسبة أشاد ياسين لعلاوي مدير'' ليت ميديا وقوريك للإنتاج السينمائي'' بشجاعة وأمل سكان القصبة الذين يمثلون أحسن رسالة شجاعة ومقاومة للأجيال المستقبلية للحفاظ على تاريخ هذا الحي العريق· وقد تم انجاز هذا الفيلم الوثائقي ( 52 دقيقة) بين نهاية 2006 وبداية 2007 من طرف فريق مشترك جزائري أوروبي· ومن بين الشخصيات المحورية في هذا الفيلم الوثائقي المجاهدة الرمز جميلة بوحيرد رئيسة جمعية حماية القصبة وابنة هذا الحي تروي مختلف الأحداث التي عاشتها بجانب المجاهدين في هذا الحي التاريخي الذي يحكي ماضي وحاضر البلاد بصفة عامة والجزائر العاصمة بصفة خاصة · تروي المجاهدة أن إعادة تهيئة القصبة يفقدها طابعها المعماري، متأسفة عن تقلص عدد بناياتها من 8000 بناية إلى 1200 فقط في الوقت الحالي مؤكدة على ضرورة حماية منزلها العائلي الذي كان ''مهدا للثوار'' بالعاصمة· وطاف مصور الفيلم بمختلف أزقة القصبة وبما تبقى من مقاهيها وحرفها التي تقلصت نشاطاتها بنسبة 95 بالمائة· كما بين المخرج بعض أسوارها وسطوح منازلها المطلة على البحر· وكان هذا الفيلم فرصة لبعث حنين بعض الطاعنين في السن القاطنين بالقصبة لسهرات الموسيقى الشعبية المميزة التي كان يحييها شيوخ الطابع الشعبي وعلى وجه الخصوص الشيخ الناظور والحاج مريزق و الحاج محمد العنقى· ونقل الفيلم انطباعات احد أبناء القصبة المهندس المعماري لخضر كرجاني المقيم بفرنسا والذي أكد أنه يحاول أن يحافظ على هندسة القصبة ويعرف بها عن طريق إعادة إحيائها في كل أعماله الفنية· في محاولة لوصف قصبة الجزائر أو كما تسمى بالعامية الجزائرية ''الدزاير لقديمة '' الجزائر القديمة، نبدأ من شوارعها فهي كثيرة بنيت فيها البيوت على خطين متوازيين، تتوسطهما سلالم ضيقة جدا، مبنية من الحجر ،صممت أبواب المنازل بشكل يحافظ على الحريات الشخصية،إذا لا تتقابل الأبواب إلا فيما ندر ، فعلى ضيق الأزقة فكر المهندسون القدامى في راحة السكان ؛ وجعلت هذه الأبواب من الخشب الصلب المرصع بمسامير من حديد حيث لا تفتح بسهولة ، وبمجرد أن تدخل أحد هذه المنازل يقابلك رواق صغير يعرف ''بالدريبة ''، وهو لفظ محلي ممهد للدخول أو الخروج من البيت ويليه ''الزريبة '' مكان صغير يربط فيه الحمير ،للذين يملكون حميرا، فالحمير كانت الأوفر حظا في القصبة لأنها الوحيدة التي تتمكن من دخولها بسب ضيق الأزقة ومعادها يبقى خارج أسوار المدينة·وهذان المكانان جمعا في مثل جزائري شهير هو''من الزريبة للدريبة'' يضرب كناية على المشوار القصيرة مسافته وكثيرا ما يقال للتهكم، وبعدها ندخل لبهو البيت الذي فيه الغرف والمطبخ الذي يعرف في القصبة باسم ''لخيامة''، وكثيرا ما تكون مثل هذه البيوت بيتا مشتركا بين عدة أشخاص، لكل غرفة ويشتركون في الخيامة و''بيت الصابون''، مكان لغسل الثياب، والحمامات، وكان البهو محرما على النساء والصبايا إلا في فترة الأعمال المنزلية وتكون صباحية وبعدها يكون استراحة لرجال والنساء يبقين في سطوح المنازل يمارسن صناعاتهن التقليدية كالتطريز على الحرير والغزل وغيرها، فالنساء الجزائريات كن يرتدين إلى وقت قريب جدا(الاستقلال) ثوبا يخفين فيه كل جسدهن؛ يعرف باسم''حايك لمرمة ''ويغطين أوجههن بنقاب يعرف باسم''لعجار''، وما يميز القصبة شرفاتها المرفوعة بعمد من خشب رغم مرور الزمن لم يبلى ، شرفات متعانقـــــة عناقا أبديا ،هذا الوصف لشارع أو زنقة كما تسمى في القصبة تتكرر بنفس الشكل على مساحة 70هكتارا لم يبق منها الآن إلا ما أنقذ بعد فوات الأوان·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©