متحف قصر العين·· معلم أثري يسرد نشأة قائد وميلاد زعيم

عبق الماضي يفوح شذاه من قلب السكن القديم للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه''، فعلى امتداد المنطقة التجارية الواقعة في الجنوب الشرقي من مدينة العين يمتد قصر العين ليشكل معلماً أثرياً يسرد نشأة قائد وميلاد زعيم· يحمل بداخله حقبة زمنية ماضية، تلف ذكرياته كل زوايا القصر المترامية على امتداد الواحات العامرة المجاورة للجزء الغربي من القصر، حيث يتخلل الواحات الأفلاج والسواقي التي كانت ترويها، وتزود القصر القديم بالمياه العذبة النقية· ولأن القصر القديم يحكي قصة رجل انبثقت جذوره من صحراء مدينة العين لتصقل شخصية مرموقة تتسم بالانشراح وسعة الصدر ونفاذ البصر والبصيرة، وتطغى عليها الحكمة لتكسبها بجدارة لقب حكيم العرب·· فقد ذاعت شهرة هذا القصر، وتحول اليوم الى متحف خاص بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله''، حيث يعود بناؤه إلى عام ،1937 عندما تولى -المغفور له- مقاليد الحكم في مدينة العين· وانطلاقاً من حرص المغفور له الشيخ زايد -رحمه الله- على التأكيد على الهوية التاريخية لدولة الإمارات، وفكره الثاقب لربط الماضي بالحاضر والتطلع إلى مستقبل زاهر لهذه الدولة الفتية، والتي أصبحت تضاهي كثيرا من الدول التي سبقتها بعقود من السنين، ويشهد لها الكل أنها من صنع أياديه الكريمة وأفكاره النيرة، قامت الدائرة الخاصة لصاحب السمو رئيس الدولة وسمو ولي العهد بتكليف كبار المهندسين الاستشاريين لإحياء المجمع السكني القديم؛ ليكون رمزا ومزارا، موضحا للجيل المعاصر والأجيال القادمة وزوار هذا البلد العناصر المعمارية والهوية التراثية لدولة الإمارات العربية المتحدة ومسيرتها الحضارية· الترميم والصيانة لم تكن فكرة تحويل القصر الى معلم أثري وسياحي وليدة لحظتها، بل هي نتاج دراسة امتدت لسنوات، حيث أثمرت تلك الجهود عن متحف ضخم، يحتوى على العديد من القطع الأثرية القديمة، وهو ما أضاف لرصيد مدينة العين معلماً أثرياً مهماً، وبشكل مختلف يحكي للزائر مسيرة وطن بأكمله· يتكون القصر القديم المترامي الأطراف من عدة أقسام، ويعتبر الفناء الداخلي والمجالس والسكن العائلي ومباني الحراسات والخدمات من أهم أقسام القصر، في حين يتميز مجلس الخيمة الكبيرة بأنه المكان الذي كان يجلس فيه الشيخ زايد -رحمه الله- ويستقبل ضيوفه وكبار الزوار وذلك من خلال اعتزازه بالحياة البدوية، لكونها رمزا للضيافة العربية والكرم الأصيل المتمثل في شخصه النبيل· ماضٍ متجدد جاء مشروع إعادة الترميم انطلاقاً من التوجه السليم للشيخ زايد بن سلطان -رحمه الله- لحفظ الماضي ليكون بصمة ورمزا للجيل المعاصر والأجيال القادمة، حيث تمت الاستعانة بكبار المهندسين والاستشاريين لإحياء المجمع السكني القديم، ليشكل جانبا مهماً من الهوية التراثية لدولة الإمارات، ويعطي الزائر انطباعا جيداً عن مسيرة الدولة في الحفاظ على التراث والمعالم الأثرية فيها· وقد بدأت أعمال ترميم القصر في عام ،1998 واستمرت قرابة سنتين، ليظهر بعدها القصر القديم بهذه الروعة الجمالية ويتحول الى متحف يحمل الزائر في رحلة للماضي البعيد· مبنى الإدارة استوحت فكرة مبنى الإدارة من عناصر العمارة التراثية، وهو يقع في بداية المدخل الرئيسي للمتحف، حيث طور ليتماشى مع المباني القديمة في الخلف، ويمزج بين روح الماضي وحداثة العصر· وقد أُخذ في الاعتبار عند تصميم المباني الإضافية إبعاد القصر عن زحام الشارع وحركة السير على الطريق المجاور، حتى يحظى الزائر بنقلة فعلية للماضي· ويحتوي المبنى على المكاتب والخدمات العامة للزوار وغرفة الحراسة والسيطرة، ومعارض صور عن الماضي، بالإضافة للوحات السيراميكية وصور عن المعالم والعناصر التراثية المقترنة بتاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي· الهندسة المعمارية وهي تشمل السور المرتفع الذي تتخلله البوابة الرئيسية للمدخل الفرعي والذي يعلوه عقد مفصص أو مقصوص مرفوعا على جوانب جدران· مواد البناء لأن المجمع السكني يعود لحقبة زمنية سالفة، فقد تمت الاستعانة في أعمال الترميم بالمواد ذاتها في الترميم من طين ولبن وجص، والأحجار الموجودة محليا، وجذوع النخيل والحصير والدعن وأخشاب ''التيك'' المستعملة في السقوف والشبابيك والأبواب وغيرها، وذلك بهدف أن يحفظ المبنى القديم أصالته وطابعه التراثي، ولكي لا يخلق الترميم فرقا بين المبنى القديم والترميم الذي أدخل عليه· كما يوجد في القصر معارض صور· بالإضافة للوحات السيراميكية وصور عن المعالم والعناصر التراثية المقترنة بتاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي وبشخص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله· الافتتاح يعود افتتاح متحف قصر العين الى عام 2000 حين ألحق بهيئة أبوظبي للسياحة بأمر من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يزال القصر مقصدا لكل زائر لمدينة العين·