السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سليمان معصراني: أكتب عن رحلتي ومثلي الأعلى ابن بطوطة

سليمان معصراني: أكتب عن رحلتي ومثلي الأعلى ابن بطوطة
5 أكتوبر 2007 02:43
الرحالة السوري سليمان معصراني يستعد لدخول كتاب غينس للأرقام القياسية، لأنه قطع حتى الآن نحو 29 ألف كم، وهي أطول مسافة قطعها إنسان سيراً على الأقدام· وسليمان معجب بابن بطوطة وكتابه (الأسفار)، ويعكف على كتابة تفاصيل رحلاته، كي يقدم تجربته ومتعته في السفر مشياً للقراء العرب· لكنه يختلف عن ابن بطوطة، لأنه اختار السفر مشياً على الأقدام، تحدياً لإعاقته، لأنه كان مصاباً بمرض شلل الأطفال· ورغم أنه حاصل على درجة الماجستير في الهندسة الطبوغرافية، إلا أنه لم يتمكَّن من الحصول على عمل في إحدى الشركات الخاصة، بسبب إعاقته، مما ولد العزم لديه على أن يتحدى الأصحاء، وليثبت أن الشلل الحقيقي إنما ذاك الذي يصيب الإرادة والطموح والخيال، لا الجسد!· وفي ذكرى ميلاده في 3/8/،2004 بدأ رحلته الطويلة والمستمرة سيراً على الأقدام، فزار الأردن والسعودية والإمارات وقطر والكويت، وبقية دول الخليج، كما وصل إلى مصر ودول المغرب العربي، وشملت رحلته حتى الآن إيران وأوزباكستان وأذربيجان وكازاخستان وأفغانستان· وبلغ عدد الدول التي زارها حتى الآن 28 دولة، وهو مصمم على أن يواصل رحلته سيراً على الأقدام ليزور كل بلدان العالم· وبين نهاية المرحلة الرابعة من رحلته، وغمرة استعداده للرحلة الجديدة، التقت به (الاتحاد) في دمشق· قلت لسليمان: هل توثق أسفارك ورحلاتك؟ فأجاب: طبعاً أنا أكتب، ومثلي الأعلى ابن بطوطة في كتابه (الأسفار)، وأتمنى أن أنجز ربع ما أنجزه هذا الرحالة العربي العظيم، ولهذا فأنا أكتب بالتفصيل عن كامل رحلتي، وعن كل دولة زرتها بالتواريخ، وماذا وقع لي من مصادفات أو طرائف أو أحداث، كما أكتب عن عاداتها وتقاليدها وطعامها وشرابها ولباسها· وسألته عن نوعية المعرفة التي يمكن للرحالة أن يحصل عليها، ولا يحصل عليها المسافر العادي، فأجاب: إذا ذهبت إلى تونس بالطائرة، فما الذي تكتسبه من معرفة؟ وما الذي تراه؟ بينما أنا دخلت تونس من نقطة الحدود الليبية، وسرت على قدمي إلى العاصمة، وخلال شهرين من المشي اكتسبت خبرة كبيرة من خلال المدن والقرى التي مررتُ بها، وتعرفت إلى العادات والتقاليد والأزياء، وصنوف الطعام والشراب· أليست هذه معرفة لا تقدر بثمن، تغني رصيدك، وتفيد منها الآخرين، عندما تنشرها في كتاب· وسألته لماذا يجب على الناس أن يعتبروا عمل الرحالة أمراً نبيلاً، فأجاب: لأنه ينقل إليهم خبراته، وأضاف: أنا كسوري أفتخر برحالة سوري كبير اسمه (عدنان تللو)، وهو رحّالة قديم، جاب العالم كله على دراجة نارية، وبعد ذلك أقام معرضاً للصور، وأصدر كتاباً عن رحلاته المشوقة، فنقل مشاهداته وخبراته للناس· أليس هذا عملاً نبيلاً؟ قلت لسليمان: هل يستحق تأليف كتاب أن تنفق عمرك من أجله؟ فأجابني دون تردد: نعم، يستحق، لأنك لا تضيع عمرك في المقهى أو الانتظار، بل تعيش حياتك بمتعة، وأنت تجوب العالم، ثم تحدث الناس، بما عشت، ورأيت· مصادفات طريفة أمام إلحاحي، فتح سليمان بعض أوراق كتابه المخطوط، وأطلعني على بعض المصادفات، فعندما وصل إلى دارفور في السودان، أعلنت المنظمات الدولية والأهلية هناك أن رحالة سورياً قادم سيْراً على الأقدام ليزور الأطفال، فأوقفوا القتال لمدة يومين، حتى زار الأطفال المرضى والمشردين· وفي القاهرة دعاه عادل إمام لحضور مسرحيته، وخرج عن نص المسرحية وداعبه قائلاً: (يا راجل تمشي سبع أيام من نويبع حتى القاهرة·· مغلّب حالك ليه؟) وبعد انتهاء المسرحية، دعاه مع عدد من الممثلين إلى العشاء· في الإمارات ودول الخليج عموماً أخذ انطباعاً مهماً، لأنه عندما كان يسير لم يكن يسير وحده، بل كان الكثير من الناس يشاركونه المشي، وأحياناً كانت الشرطة ترافقه كنوع من التكريم· أما في أفغانستان فقد تعرض سليمان لعملية سلب من قطاع الطرق، ولحق به ضرب مبرح، ونزف حتى شارف على الموت أو كاد، لولا أن أنقذه أفغاني شهم، وعالجه على نفقته في المستشفى، وكان يتحدَّث معه بلغة الإشارة، وحينها تلقى اتصالاً هاتفياً من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، الذي اطمأن إلى صحته وشجعه على المضي في رحلته، مما كان له الأثر الكبير في رفع معنوياته ومتابعة الرحلة بعد شفائه· في البيئة والعمران اقتبست مما كتبه سليمان في مخطوطته، وإذا به يذكر أنهم في السودان يحبون أن يبنوا بيوتهم من طابق واحد، ويحبون أن يكون لديهم فسحة، والأبنية لديهم قليلة جداً، وعندما تدخل إلى بيت تشعر من برودته وكأنه مكيف!· وفي أوزباكستان يذكر جامع طشقند، ويعتبره من أروع المساجد التي زارها، ويقول: إن الطقس في أوزباكستان رائع جداً ومعتدل، فلا يشعر المرء بالحر ولا بالبرد!· ويضيف: زرتُ في أوزباكستان مدينة (نبويه)، لكني لم أستطع أن أذهب إليها مشياً على الأقدام، لأن الطريق كان معشباً وخطراً جداً، حيث يصل ارتفاع العشب إلى مترين، وقد ألح عليَّ البعض أن أركب القطار ففعلت· ونبويه مدينة جميلة جداً تتمتع بطبيعة خلابة، وشعبها مسلم ولديه عادات قريبة من عاداتنا، ويتمتع بدماثة الأخلاق والروح المرحة· أما عن زيارته لشيراز في إيران، فيقول معصراني: في شيراز شهدت الفصول الأربعة في يوم واحد!· صباحاً كان هناك برد ومطر، وعند الظهيرة بدأ الطقس يتحول إلى خريف، ثم إلى ربيع، ثم أصبح صيفاً عند المساء· وفي شيراز لديهم متحف يفتخرون به، وهو متحف (موزة)، وهو من أروع المتاحف الإسلامية التي رأيتها حتى الآن، ويتضمن آثاراً من القرون الماضية، يتضمن أحجاراً كريمة وتحف· ويذكر أنه في دولة الكويت زار متحفاً خاصاً هو متحف طارق رجب، وقال: عندما تدخلُ إلى هذا المتحف، فلا عين رأت ولا أذن سمعت، من الآثار والتحف الموجودة من زمن رسول الله (ص)، إلى زمننا هذا· لديه باب الكعبة منذ عام 1360 للميلاد، وكذلك مفتاحها· ولديه نماذج لبردة الكعبة المشرفة، وسيوف قديمة جداً، بالإضافة إلى أصغر مصحف وأكبر مصحف في العالم· ويتحدث معصراني عن خصوصية المدن، فيقول: لكل مدينة في الجزائر خصوصيتها وطباعها وأكلها وتراثها وملابسها، أما في ليبيا فطرابلس تختلف عن بنغازي وغدامس، بل إنهم يختلفون باللهجة· أما مدينة تونس، فهي مدينة رائعة، وأهلها يحبون الضيف، واللون الأخضر، والبيئة عندهم مقدَّسة· شخصيات وزيارات أثناء رحلاته قابل سليمان عدداً كبيراً من حكام الدول، والناشطين والناشطات في المجال الإنساني· وكان يهتم بمدن العمل الإنساني، ولاسيما مراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال المصابين بالسرطان، كما زار المراكز التأهيلية للمعاقين، ودور المسنين، ودور الرعاية الخاصة بالأيتام، وقد توقف مطولاً أمام مشاهداته لمراكز مرضى التوحد عند الأطفال في دول الخليج· ويعتبر سليمان أن رحلاته أكسبته الصبر وزادت من قوة إرادته، ويقول: كنت قبل أن أبدأ بهذه الرحلة إنساناً عجولاً لجوجاً، وهذه الرحلة أعطتني قوة صبر كبيرة، وأصبحت أؤمن عن حق بأن الإرادة تصنع المعجزات· بداية فردية ومشاريع إنسانية قبل أن ينطلق سليمان معصراني في أول رحلة له، كان قد اجتمع بممثل منظمة الصحة العالمية في سوريا، وحصل منه على الرعاية والتأييد لرحلته التي تهدف إلى نصرة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة· واليوم فإن سليمان يستعد برعاية الجامعة العربية، وبتأييد ومباركة عمر موسى أمينها العام، للإعلان عن تأسيس المنظمة العربية للأعمال الإنسانية، وهي منظمة غير حكومية، ستعمل على إقامة واحد وعشرين مشروعاً خيرياً إنسانياً لصالح الأطفال العرب المصابين بالشلل أو السرطان· وخلال مسيرته حظي سليمان بدعم من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، وهو الذي اقترح عليه أن يكمل مشواره من أجل النضال ضد سرطان الأطفال·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©