الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكيدة

المكيدة
4 أكتوبر 2007 23:32
زعموا أن أسداً كان في أرضٍ كثيرة المياه والعشب؛ وكان في تلك الأرض من الوحوش في سعة المياه والمرعى شيء كثير؛ إلا أنه لم يكن ينفعها ذلك لخوفها من الأسد؛ فاجتمعت وأتت إلى الأسد، فقالت له: إنك لتصيب منا الدابة بعد الجهد والتعب؛ وقد رأينا لك رأياً فيه صلاح لك وأمن لنا· فإن أنت أمّنتنا ولم تخفنا، فلك علينا في كل يوم دابة نرسل بها إليك في وقت غدائك، فرضي الأسد بذلك، وصالح الوحوش عليه، ووفين له به· ثم إن أرنباً أصابتها القرعة، وصارت غداء الأسد؛ فقالت للوحوش: إن أنتن رفقتن بي فيما لا يضركن؛ رجوت أن أريحكن من الأسد· فقالت الوحوش: وما الذي تكلفيننا من الأمور؟ قالت: تأمرن الذي ينطلق بي إلى الأسد أن يمهلني ريثما أبطئ عليه بعض الإبطاء· فقلن لها ذلك لك· فانطلقت الأرنب متباطئة؛ حتى جاوزت الوقت الذي كان يتغدى فيه الأسد· ثم تقدمت إليه وحدها رويداً، وقد جاع؛ فغضب وقام من مكانه نحوها؛ فقال لها: من أين أقبلت؟ قالت: أنا رسول الوحوش إليك: بعثني ومعي أرنب لك، فتبعني أسد في بعض تلك الطريق، فأخذها مني، وقال: أنا أولى بهذه الأرض وما فيها من الوحش· فقلت: إن هذا غداء الملك أرسلني به الوحوش إليه· فلا تغصبنه، فسبك وشتمك· فأقبلت مسرعة لأخبرك· فقال الأسد: انطلقي معي فأريني موضع هذا الأسد· فانطلقت الأرنب إلى جب فيه ماء غامر صافٍ؛ فاطلعت فيه، وقالت: هذا المكان· فاطلع الأسد، فرأى ظله وظل الأرنب في الماء؛ فلم يشك في قولها؛ ووثب إليه ليقاتله، فغرق في الجب· فانقلبت الأرنب إلى الوحوش فأعلمتهن صنيعها بالأسد· الجاهل كان في بعض المدن طبيب له رفق وعلم، وكان ذا فطنة فيما يجري على يديه من المعالجات، فكبر ذلك الطبيب وضعف بصره· وكان لملك تلك المدينة ابنة قد زوجها لابن أخ له، فعرض لها ما يعرض للحوامل من الأوجاع· فجيء بهذا الطبيب، فلما حضر، سأل الجارية عن وجعها وما تجد، فأخبرته، فعرف داءها ودواءها، وقال: لو كنت أبصر، لجمعت الأخلاط على معرفتي بأجناسها، ولا أثق في ذلك بأحد غيري· وكان في المدينة رجل سفيه، فبلغه الخبر، فأتاهم وادعى علم الطب، وأعلمهم انه خبير بمعرفة أخلاط الأدوية والعقاقير، عارف بطبائع الأدوية المركبة والمفردة، فأمره الملك أن يدخل خزانة الأدوية فيأخذ من أخلاط الدواء حاجته، فلما دخل السفيه الخزانة، وعرضت عليه الأدوية، ولا يدري ما هي، ولا له بها معرفة، أخذ في جملة ما أخذ منها صرة فيها سمّ قاتل لوقته، وخلطه في الأدوية، ولا علم له به، ولا معرفة عنده بجنسه· فلما تم خلط الأدوية، سقى الجارية منه، فماتت لوقتها· فلما عرف الملك ذلك، دعا بالسفيه، فسقاه من ذلك الدواء، فمات من ساعته·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©