رسائل الحب والحرب.. قضايا تُطرح لأول مرة

تبدو أسرة المسلسل السوري ''رسائل الحب والحرب'' سعيدة جداً بالنجاح الذي حققه، وبالإقبال الجماهيري الذي ناله، بعد عرض حلقاته الأولى على الشاشة الصغيرة· وهذا العمل الذي تعرضه الفضائية السورية للمخرج باسل الخطيب والكاتبة ريم حنا، لفت الأنظار إليه بجرأته الكبيرة، وطرحه لقضايا راهنة ساخنة تابع خلالها المشاهدون أحداثاً درامية، مرت على لبنان أثناء الحرب بين المقاومة الفلسطينية واللبنانية وبين الجيش الإسرائيلي، الذي كان يسعى لإبعاد الفلسطينيين عن جنوبي الليطاني عام ،1982 والذي تحول إلى غزو شامل وحصار لبيروت، ثم احتلالها· لينتهي الأمر بخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، حيث يخلو الجو لجيش الاحتلال ليعيث فساداً في بيروت، وتقع مجزرة صبرا وشاتيلا· ثم يندحر الاحتلال إلى منطقة حدودية في الجنوب، وسرعان ما يتقهقر الإسرائيليون منها عام ،2000 حيث نشاهد تحطيم أبواب سجن الخيام من قبل الجنوبيين لإطلاق أبنائهم· ويمر المسلسل سريعاً عبر مراحل ومنعطفات تاريخية ليكون شاهداً عليها، إلى أن يصل إلى أحداث 11 سبتمبر في نيويورك، والتي تزامنت مع انتفاضة الأقصى، وينتهي المسلسل بحرب يوليو ·2006 الحب يجمع ويفرّق هذه الأحداث الكبيرة والساخنة والدامية، تشكل الأرضية التي يتابع المشاهد من خلالها الشخوص والروابط الإنسانية الروحية التي يجمعها الحب ويفرقها· فهذا هو السوري جلال إبراهيم الذي له اهتمامات بالكتابة، يدخل السجن بتهمة سياسية ملفقة، ويتورط في السياسة، ثم يهرب من السجن، ويعبر الحدود اللبنانية ليلتحق بصديقه الفلسطيني قاسم في الجنوب اللبناني، حيث يقاوم قاسم مع رفاقه الذين يتحدرون من جنسيات عربية وغير عربية· ويعمل جلال مراسلاً يرصد أحداث الحرب بين الفلسطينيين واللبنانيين من جهة وبين الجيش الإسرائيلي من جهة ثانية· وينتقل جلال من جنوب لبنان إلى بيروت، ويعمل في مجلة تحت اسم مستعار، يرافقه طوال حياته، ولا سيما بعد أن علم أن حبيبته وزوجته (نيسان) طلقته، وتزوجت العقيد ناظم· وتلتحق عروبة شقيقة جلال به في بيروت، حيث تتعرف هناك على نجاة خطيبة قاسم التي تعيش في مخيم صبرا وشاتيلا، وتعمل في مكتب الإعلام الفلسطيني، وتصبحان صديقتين، بينما تتعلق (سعيدة) بجلال، فتأويه في بيت والدها· وحين يبدأ حصار بيروت، تعلق عروبة في الجنوب، وتنخرط في مقاومة العدو وتنتهي الحرب، لنكتشف أن نجاة هي الناجية الوحيدة من أسرتها التي قضت في مذبحة صبرا وشاتيلا· أما عروبة التي يعتقلها الاحتلال في سجن الخيام، فتتحرر من الاعتقال عام 2000 عند اندحار الجيش الإسرائيلي من الجنوب· بينما يصاب شقيقها جلال بمرض عضال، فيقرر العودة إلى سوريا غير آبه بالسجن، لأنه اختار أن يموت في وطنه· هذه الشخصيات الأساسية التي تتحرك في العمل تكشف عن معاناة الحرب ومشاعر الحب في أوقات غير عادية من تاريخ لبنان والمنطقة· جرأة مخرج العمل باسل الخطيب قال: إن ''رسائل الحب والحرب'' يقارب بحوادثه وشخصياته وأفكاره مناطق حساسة وجريئة وقريبة من جيل كامل، ولم يسبق تناولها في الدراما السورية والعربية، وأضاف: إن الرهان الحقيقي في الدراما، هو في اختيار المواضيع الجدية الراهنة والحارة والجريئة، وقد امتلكنا مادة غنية جداً عندما تناولنا الشخصيات في العمل، والتعقيدات التي رافقت مصائرها، والانعطافات الدرامية الحادة التي شهدتها حياتهم وحياة الناس من حولهم· ولا سيما أن المرحلة التي تناولناها مملوءة بالأحداث، ولا زالت حاضرة وماثلة في أذهان الكثيرين· ويعبر الخطيب عن سعادته، لأنه استطاع أن يقدم هذه الجرعة الكبيرة من الجرأة في طرح الأفكار والمواضيع· ويضيف: إن العمل يتحدث عن رحلة تحد تمر بها الشخصيات، ولا سيما شخصية جلال الصحفي الذي كانت دائرة حياته صغيرة ومغلقة· وفجأة يرى نفسه مع شخصيات أخرى، في خضم أحداث تاريخية كبيرة ومعقدة ومصيرية، إذ لا يمكن لأحد منا أن يعيش بمعزل عن الهم العام· ويشير الخطيب إلى أن العمل على المستوى التاريخي يؤرخ لأحداث قريبة، وهو يعكس إلى حد كبير نبض الشارع العربي، وكيف كان الناس يفكرون· وهو يشكل ملحمة وطنية وقومية· وبعد أن كانت بعض المحطات تتخوف من هذا العمل، فإنها بدأت تطلبه الآن لعرضه بعد رمضان، ولا سيما بعد الصدى الذي أحدثه عند جمهور المشاهدين العرب· نص شاعري كاتبة العمل السيناريست ريم حنا تقول: إن شخصيات عملها يختارهم القدر، ليكونوا محور تجاربه في أقسى حالاتها، فيعبث بمصائرهم ويزجهم في دروب معاكسة تماماً للدروب التي كان يفترض أن يسيروا عليها· وهذا ما جعل العمل يقارب عالماً غير مرئي للنفس الإنسانية· وتضيف ريم: إن المخرج الصديق باسل الخطيب وغيره من النقاد اعتبروا هذا العمل أشبه بقصيدة شعرية لما فيه من رومانسية شفافة تلامس الهم الإنساني، ولما يقدمه من قيم فكرية ووطنية، وأنا أشكر جميع هؤلاء لآرائهم· لكني أقول إنني كتبت هذا العمل بصدق وواقعية، لأننا سنشاهد عبر أحداث دامية ومفجعة شخصيات تنسج علاقات إنسانية شفافة، وتأتلف فيما بينها ائتلافاً روحياً شديد الغرابة، مما يفتح الباب أمام المصالحة مع الذات والآخر· النجمة سلاف فواخرجي جسدت شخصية نيسان حبيبة وزوجة جلال، التي يرغمها العقيد ناظم على الطلاق من زوجها ليتزوجها· وتقول: إن هذا العمل هو الأقرب إلى نفسي والأهم بالنسبة لي، ولا سيما أن نيسان التي ألعب شخصيتها تشبهني في كثير من التفاصيل، لذلك فأنا سعيدة بهذا العمل الذي أثبت بعد عرض نصفه تقريباً أنه أحد أهم أعمال الدراما هذه السنة، لما بذله المخرج باسل الخطيب من جهد إبداعي متميز، حيث تعامل مع النص بشفافية وحرفية عالية وجمال واضح· لذلك فأنا لا أستغرب أن يقول بعض النقاد إن باسل الخطيب وريم حنا قد عملا قصيدة جميلة من خلال هذا العمل· الفنان سلوم حداد قام بإتقان بتجسيد دور العقيد ناظم، القاسي، المستبد، المتسلط، والذي يعتبر أن كل الناس يتآمرون عليه، وقد برع سلوم في لعب هذه الشخصية، إلى حد التماهي الكامل معها، ومع تفاصيل حركاتها، وأسلوب كلامها· نخبة من الفنانين يقع العمل في ثلاثين حلقة، ويؤدي الشخصيات فيه نخبة من الفنانين السوريين في مقدمتهم: سلوم حداد، سلاف فواخرجي، قصي خولي، ريم علي، رامي حنا، نضال نجم، صباح الجزائري، سليم صبري، مانيا نبواني، نجاح سفكوني، نبيلة النابلسي، حسن عويتي، ثناء دبسي، نادين سلامة، أحمد الزين، وآخرون·