الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

من نشيد الجدار

من نشيد الجدار
3 أكتوبر 2007 23:03
عندما اشتعلت النار تلتهم جسده الصافي، حين قرر تجربتها وهو في الخامسة من العمر للخلاص من نار صدقها في زمن الماء، وبعد ثلاث محاولات للموت وقفت العجوز في وجهه ومزقته·· كان الموت ابيض بنصاعة الكفن تحاول النار قتل الكفن ويحاول الكفن قتله·· العجوز مزقتهما دون أن تدري أن النار اشتعلت في كفيها · تلك العجوز يعرفها ويحبها·· كانت تبارك الصيادين وتجلب مفتاح النهار لابنها الوحيد، تحب البرتقال والتفاح وتشهد في كل ليلة أفول الظلام·· تنقش الحناء على أكف العرائس·· طويلة تعبر اليم والزهايمر لم يستطع اختراق ذاكرتها العتيقة، كانت تشاهد الحكايات المحجوبة منذ زمن بعيد عن أعين الصغار وتبوح: في بواكير القرن العشرين اندلعت في البلاد عاصفة نمت في صدر أميرة وأمير، فلم تنج البلاد منها لثماني سنوات · الحب يا أبنائي صانع المعجزات الجميلة، وصانع الدمار في الآن نفسه·· وكذلك هي المعتقدات قاتلة·· في بداية ليلة من يوم ما من أيام بواكير القرن العشرين أتى رجل من طرف البلاد، كريم وقائد في قومه، قدم اليمنى فقدموا له اليمنى وحظي بفاتنة البلاد ـ الأميرة المدللة ـ في عصر اليوم التالي أتى الرجل القادم من طرف البلاد ليؤدي صلاة العصر في المسجد الكبير·· المسجد الشامخ منذ زمن بعيد على هضبة تطل على البحر·· المسجد المليء بأنفاس المحاربين الذين وقفوا لسنين جدارا طويلا أمام الغزاة القادمين من أوروبا كي تبقى البلاد بكرامة ·· المسجد المليء بأنفاس الغواصين الذين ضربوا القاع حتى اهتز العالم وأتوا بالدانة الكبيرة ليزينوا بها معشوقتهم الفاتنة في قلوبهم إلى الأبد ·· المسجد المليء بالأنفاس حتى يومنا المرتبك· إلى هذا المسجد أتى ذلك الرجل القادم من طرف البلاد ليؤدي صلاة العصر، وبعد الصلاة أتى العاشق الكبير الذي خطفت منه معشوقته في لمحة عين ·· وأمام الجمع استل خنجره ووجه عدة طعنات في قلب القادم من طرف البلاد، وذهب إلى معشوقته وهو يلعق الدم : لن أطفئ العشق في أحشائي، فهو متوهج حتى العمى والأبصار أيتها القديسة· إلا أنها لحظة واحدة كاد فيها أن يموت بحد المعتقد الأقسى من خنجره، حين طلت أم معشوقته القريبة منه: ماذا صنعت ؟ ـ ولا ·· لقد قتلته· ـ أيها المجنون ·· إنها أختك بالرضاعة· في اليوم التالي دفن القادم من طرف البلاد ، وصهلت الخيول ·· استلت السيوف ·· رصاص البنادق انطلق بلا هوادة · ثمان من السنوات وحرب الأهل بين مد وجزر، ولولا القتلى والجرحى الكثر لما توقفت تلك الحرب· *** هذا شيء من خرافتها الكبيرة ومن حقائقها المدفونة في رأسها·· وعندما قالت هذه الحكاية بكى·· وعندما اقترب بعد سنين طويلة من إدراك أزوف موتها قالت: ستصاب بالحب أيها الصغير المنعتق من النار·· لن تنجو، المفتاح معي إلى القبر·· فلمن وردة الأحجار وذلك الراقص الذي تدونه في قصيدتك المجنونة حين يمر الأسود كشارع طويل يسير إلى اللانهايات·· أحبك و أتفرج على الألم الذي صار يسكن أعماقك· فيا مفتاح الليل ادفعه إلى الأبيض إلى الأسود إلى الأحمر، الأصفر، إلى أي شيء جميل كي ينجو·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©