الصائمون وغيرهم

كنت أقف أمس في إشارة المرور بانتظار الفرج وتشريف اللون الأخضر لينطلق ركب السيارات مسروراً بالإفراج عنه· قبل الانطلاقة المرتقبة توقفت بجانبي سيارة رينج روفر سوداء فارهة لامعة أثارت إعجابي وكانت تصدح منها أصوات موسيقى البوب الصاخبة، والحقيقة أنني اعتقدت للوهلة الأولى أنني ظلمت الرجل وانه ربما يستمع لأناشيد دينية أو أي شيء آخر· فأردت التأكد، ففتحت نافذة سيارتي فأعجبتني الموسيقى فقد كان انريكيه اجليشيس يصدح بأغنيته الرائعة ''سأكون بطلك''·· لكن الوقت غير ملائم لها؛ لأننا في عز الظهر والناس صائمون· وربما شعر صاحبنا بشيء من الغرور، فما كان منه إلا أن فتح نافذة سيارته وأخرج مدواخه وطرق به حافة النافذة من الخارج، ونفث بقية الدخان من فمه بشكل سينمائي· شاب مواطن يظهر عليه العز والنعمة·· لكنه لا يستحيي ولا يراعي حرمة الصوم، ولا مشاعر الصائمين، الله يهدي·· استعذت بالله من الشيطان الرجيم، وقلت: اللهم إني صائم·· لعله على سفر جاء من العين أو من دبي أو لعله مريض فعليه عدة من أيام أخر·· الله يهدينا ويشفي مرضانا·· غير أن الزحام يكاد يفطر الصائمين، فالبعض يسب ويشتم من العصبية ومن تصرفات السائقين غير المسؤولة، خصوصا سائقي سيارات الأجرة الذين يعتبرون الشارع ملكا خاصا لهم لا يشاركهم فيه أحد·· وخرجت أمس أيضا متأخراً من المكتب قبل الإفطار بنحو نصف ساعة، فقد كنت مدعواً على مائدة صديق في منزله، ووجدت الشوارع شبه خالية إلا من بضع سيارات تركض مسرعة لا تعير الإشارة الحمراء أي أهمية، فالسائق صائم ويجب أن يسابق الزمن ليصل قبل الإفطار· تعتقد أنك فزت وتخلصت من السائقين المتهورين ومن إشارات المرور التي لا تحب سوى اللون الأحمر، لكنك تجد مشكلة أخرى بانتظارك فلا تجد موقفاً لسيارتك وقد صدح الأذان وغابت الشمس وبعد قليل سيحين موعد صلاة التراويح وأنت كما أنت تبحث عن موقف لسيارتك· وشرطة المرور لا فرق عندهم بين صائم أو مفطر ومخالفات الوقوف في مكان ممنوع أو في فوهة الحريق بالمرصاد دائما· سعيد البادي