الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دموع الجموع تضرعاً وعبادة

دموع الجموع تضرعاً وعبادة
3 أكتوبر 2007 22:47
كلمات باكية وألفاظ نادمة نطق بها محمد أحمد -عربي الجنسية- في مسجد بورسعيد بإمارة دبي عقب صلاة العشاء في إحدى ليالي رمضان، بعد أن أخذ مكانه في ركن من أركان بيت الله يدعوه·· يرجو رحمته ويخشى عذابه· يقول محمد: ''انفطر قلبي على ما فرطت في جنب الله، وأحمد الله أن أمهلني منذ 30 عاماً حتى أدركني شهر رمضان هذا العام، فأنا أعتقد أنه سيكون فرصة؛ لعلِّي أتوب وأعود إلى ملك الملوك، بعد أن ارتكبت من المعاصي مختلف أنواعها، وذقت ألوان الشهوات بشتى صنوفها·· فما أغنتني عن غيرها وما كفتني عن سواها''· ويشير إلى أنه في كل معصية كان يشعر بشيء كبير ينقصه ولم يجده إلا مع دخول شهر رمضان، مؤكداً أن رمضان هذا العام سيكون غير السنوات الماضية، لأنه قرر أن يفتح صفحة جديدة مع الله ويصطلح مع مولاه· ويؤكد محمد أحمد أنه وجد ما كان يبحث عنه وهو القرب من الرحمن والبعد عن الشيطان والتماس اللذة في الطاعة والراحة في العبادة، مشيراً إلى أنه سينشغل في هذا الشهر بالدعاء ومناجاة الله؛ لأنه يشعر فيها بحالة خاصة· الدكتور محمد عبادة الكبيسي الباحث الأول في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي يعتقد أن هذه الحالة تمثل شريحة كبيرة من المسلمين الذين يجعلون شهر رمضان بداية حقيقية لعلاقة جديدة، مشيراً إلى أن الدعاء هو العامل المؤثر في تحقيق التوبة والاستفادة من هذا الشهر الكريم، مؤكداً أن الدعاء من أعظم العبادات، وقد أمر القرآن الكريم بالدعاء، وحثّ عليه، وحبّب فيه حيث قال: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، وقال أيضا: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)· وتواردت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم بالترغيب في الدعاء والحث عليه، جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ''الدعاء هو العبادة''، وقال صلى الله عليه وسلم: ''إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفْراً''· ويؤكد الباحث الأول في الشؤون الإسلامية بدبي أننا في أشد الحاجة إلى الدعاء في عالم المادة، حيث إن الإنسان خلق من مادة وروح، وأراد الله تعالى للإنسان أن يعيش حياته باتزان، فلا يطغى جانب على جانب؛ إذ لا توجد في الإسلام رهبانية تقاطع الحياة، ولا مادية تنكر الروح· فالإسلام قائم على التوازن بين المعنويات والماديات، والدعاء وسيلة من الوسائل التي تساهم في تحقيق هذا التوازن بين الروح والجسد· وإذا طغت المادة على الروح ساءت الأخلاق، وفسدت العلاقات، وربما لهذا نجد أن المجتمعات الأكثر انشغالاً بالماديات، هي المجتمعات التي عندها فراغ روحي، حيث تكون كثير من العلاقات الاجتماعية في تلك المجتمعات علاقات مادية بحتة، مبنية على المصلحة الضيقة، دون اعتبار للروح والأخلاق والأخوة الإنسانية· ويتطرق الكبيسي إلى فوائد الدعاء، مشيرا إلى انه يعود بالنفع على الإنسان في نفسه وفي مجتمعه، فهو وسيلة يتصل بها الإنسان بربه، ويظهر التذلل بين يديه، فيعرف قدر نفسه، ولا يتكبر على عباد الله، ولا يعتدي على مخلوقات الله، ولا يسرف في نعم الله، فيسعد بذلك حاله وحال المجتمع من حوله· ويؤكد أن الدعاء في رمضان له شأن عظيم، لأن رمضان موسم القلوب والأرواح، تنتصر فيه النفس على شهواتها وملذاتها، وتصفو من شوائبها، وتتعلم الصبر والتحمل، والتسامح والرحمة، فيحصل الإنسان على التوازن بين الروح والجسد، فلا يطغى أحدهما على الآخر، ولا يغرق الجسد في رمال المادة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©