الضرر يبقى إذا كانت إزالته بضرر أقوى

من القواعد الفقهية التي تهم المسلمين قاعدة ''الضرر يزال'' و''الضرر لا يزال بمثله''· ويقول الدكتور شعبان محمد اسماعيل -استاذ الفقه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة: قاعدة ''الضرر يُزال'' تعني انه إذا حدث ضرر وجب ازالته، أي يجب رفع آثار الضرر بعد وقوعه، ويدل على صحة هذه القاعدة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ''لا ضرر ولا ضرار''، وقد جاء الحديث هنا بأسلوب نفي الجنس ليكون أبلغ في النهي والزجر عن الضرر· وهذه القاعدة تمثل أساسا مهما في التشريع الاسلامي ويتفرع منها كثير من الفروع الفقهية، ويحتكم إليها الفقهاء والمجتهدون في الأمور التي لم يرد بشأنها نص شرعي خاص· ويضيف الدكتور شعبان اسماعيل: من لطائف قاعدة ''الضرر يزال'' انه اذا أشعل انسان في أرضه نارا وقت هبوب الرياح واشتدادها فطار منها شرر أحرق شيئا لجاره فعليه ضمان ما أتلف ازالة للضرر الذي أحدثه، ومثل ذلك ايضا اذا طالت أغصان شجرة لشخص وتدلت على دار جاره فأحدثت بها ضررا يكلف برفعها أو قطعها· ومن الامثلة الدالة على هذه القاعدة أيضا ما يتعلق بضمان ''التغرير'' فإن من غرر بشخص ضمن للمغرر ما تضرر بسبب تغريره به، فلو باع انسان مال غيره من غير إذن من المالك وقبض ثمنه فهلك في يده ولم يخبر المالك ببيعه فإنه يضمن الثمن· ومثل ذلك ما لو أمر غيره بالحفر في جدار دار وهو ساكن فيها وهي لغيره فحفر فضمن المالك الحافر فإنه يرجع بما ضمن على الآمر إذا كان لا يعلم ان الدار لغيره لأنه غره· وهكذا الخيارات في العقود لإزالة الاضرار الواقعة على أحد المتعاقدين كخيار العيب وخيار الغبن بالتغرير وغير ذلك مما يلحق الضرر بالناس ويجب ازالته إعمالا لهذه القاعدة· ويضيف الدكتور شعبان: يرتبط بهذه القاعدة قاعدة فقهية اخرى هي ''الضرر لا يزال بمثله'' ومعناها اذا وقع ضرر وجب ازالته لكن ازالة الضرر لا تكون بضرر مماثل للضرر الواقع ولا بما هو اقوى منه بل بما هو دونه، أي اذا كانت ازالة الضرر لا تتيسر إلا بإدخال ضرر مثله فحينئذ لا يرفع بل يجبر بقدر الإمكان، مثل اذا امتنع الراهن عن الإنفاق على العين المرهونة فإنه لا يجبر على الانفاق لأن الانسان لا يجبر على الإنفاق على ملكه، ولكن لما تعلق حق المرتهن بالعين المرهونة ولا يمكن ذلك بدون الانفاق عليها لتبقى عينها فإن الحاكم يأذن للمرتهن بالانفاق عليها ويكون ذلك دينا على الراهن· أما إذا كان الضرر الواقع لا يمكن ازالته إلا بضرر مماثل أو اقوى ولا يمكن جبره، فإنه يبقى على حاله، وإذا لم يجد المضطر لدفع الهلاك جوعا إلا طعام مضطر آخر مثله فلا يباح تناوله لأنه ازالة ضرر بضرر مماثل وليس احدهما أولى من الآخر·