نَصْب ترويجي

اتصلت بي أمس فتاة، ما إن سمعت صوتها حتى قلت: اللهم إني صائم، وخشيت على صومي من الفساد، فقد كان صوتها ناعماً في غنج ينساب الى الأذن كانسياب الماء البارد الرقراق أمام واحد مثلي صائم يشعر بالعطش· قالت: مبروك لقد فزت معنا بجائزة· قلت: الله يبارك فيك، لكني لم أشترك في أي مسابقة، ربما أخطأت في الاتصال· قالت: ألست محمداً· قلت: لا، قالت: مع ذلك فأنت رابح؛ لأن محمداً رشحك للفوز وأعطانا رقم هاتفك·· وعليك أن تأتي في مساء اليوم في المكان الفلاني لاستلام جائزتك· طوال المكالمة كنت ألعن الشيطان وأردد: اللهم إني صائم· وربما نسيت الفتاة أن تقول لي ما هي الجائزة، ولم أهتم كثيرا بالموضوع، فقبل ذلك بيومين كنت في ''المول'' -وفيه تحدث كل الحكايات الغريبة- أقبل علي رجل مبتسم متأنق مظهره يذكرك بموظفي البنك، بارك لي أيضا قائلاً إنهم اختاروني لأكون فائزاً لديهم بجائزة، وطبعاً لم أصدق الأمر وسألته أين وضع الكاميرا الخفية، وتلفت يميناً ويساراً وفتشت في شعره وفي ملابسه وكان الأمر مضحكاً بدون كاميرا وهو يخضع لتفتيش دقيق وقد ''تبهدلت'' ملابسه وهيئته المتأنقة والناس تراقب المشهد· صاح بي وقد اختفت الابتسامة وحلت محلها الجدية في محاولة لإصلاح هندامه: يا أخي والله لست الكاميرا الخفية، لكنني أقدم لك جائزة عبارة عن رحلة لشخصين لمدة أسبوع في إحدى الدول العربية والجائزة لا تشمل تذاكر السفر· فقط كل ما عليك هو أن تشرفنا في فرع شركتنا الجديد لتتعرف على خدماتنا ومنتجعاتنا السياحية وتقوم في المقابل بعد ذلك بالدعاية والإعلان لنا بين أصدقائك وأقاربك ذلك أننا اكتشفنا بالدراسات واستقصاءات الرأي أن هذه الطريقة هي الأنجع في الحصول على عملاء· قلت انظر يا سيدي أنتم كرماء وأنا أستأهل الجائزة، لكن فليكن كرمكم كاملاً وقدموا لي الجائزة كاملة فإني والله مرتاح هنا في بلادي بدون صداع السفر وأهواله ومصاريف شراء تذاكر السفر والعراك مع مسؤولي منتجعاتكم لقضاء هذه العطلة المزعومة· غير أنني لم أتمكن من التملص منه ومن منتجعاته إلا بعد أن وعدته أن أحضر الى شركته لاستلام الجائزة، ولم يتوقف هاتفي المتحرك منذ أن حان موعد حضوري الى الآن في محاولات مستميتة لإعادتي الى شبكة النصب التي كدت أقع فيها لولا ستر الله·· نصب بترخيص معتمد من البلديات تحت مسمى التسويق أو الترويج أو أي أسماء ما أنزل الله بها من سلطان· ssalbadi@gmail.com