الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

روسيا تخطط لإنشاء «سيليكون فالي» عالمي جديد

روسيا تخطط لإنشاء «سيليكون فالي» عالمي جديد
11 فبراير 2012
شارك إدوارد إف كرولي، عالم الصواريخ الأميركي، في تطوير تقنية إطلاق سفن الفضاء إلى مدارات حول الأرض. وهو الآن يعكف على الإعداد لمشروع أكثر طموحاً، رغم أن ذلك المشروع سيبعده عن منصات الإطلاق. وتم مؤخراً تعيين كرولي، البروفيسور في معهد “ماساشوسيتس” للتكنولوجيا، رئيساً لمعهد “سكولكوفو” للعلوم والتكنولوجيا في روسيا الذي يعتبر مشروعاً وليداً لتطوير جامعة بحوث على غرار معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا. وقال كرولي: “إنها أهم مهمة أكاديمية في العالم، وهي من الجسارة لدرجة تشجع على الإقدام عليها”. ويقع المعهد في قلب خطة وضعها الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف للبدء في إطلاق صناعة التكنولوجيا المتقدمة في دولته. ونظراً لقلقه من اعتماد روسيا على عائدات النفط والغاز ومن هجرة أبرز علماء ومهندسي الكمبيوتر من روسيا فهو ينشد بناء سليكون فالي روسي خارج موسكو في بلدة سكولكوفو. بالإضافة إلى معهد البحوث يهدف المشروع المسمى مركز سكولكوفو للابتكار إلى العمل كمركز للشركات الكبرى والناشئة متعددة الجنسيات المتخصصة في التكنولوجيا. وسيسكن العديد من المهندسين ورواد الأعمال والأكاديميين المنتظر أن يعملوا بالمركز في مدينة جديدة من المخطط إنشاؤها في الموقع لتستوعب 30 ألف نسمة. وستتوفر في تلك المدينة المدارس والمتاجر والحدائق. وإن سار كل شيء وفق المخطط، ستبدأ أعمال البناء في الربيع المقبل. ومع ذلك يواجه المشروع تشككاً كبيراً سواء من المستثمرين الروس أو المستثمرين الدوليين المحتملين الذين أطلق بعضهم على المشروع اسم قرية بوتمكين (وهي تعني قرية أسطورية وهمية الغرض منها خداع الزوار الأجانب). وسعياً للتغلب على تلك الشكوك سافر مندوبو المشروع - بمن فيهم فيكتور فيكسيلبرج قطب النفط والمعادن الأوكراني المولد الذي يتولى رئاسة المركز - إلى دافوس في سويسرا الشهر الماضي لتوصيل أحدث التطورات إلى شركاء المشروع والبحث عن مستثمرين جدد وتقديم كبار القائمين على المشروع مثل كرولي الذي عززت شهرته وخبرته وتاريخه مصداقية المشروع. وتخطط الحكومة الروسية لإنفاق ما يبلغ 5 مليارات دولار على مركز سكولكوفو للابتكار خلال السنوات الثلاث المقبلة. والهدف هو جذب ما يساوي ذلك المبلغ أيضاً من القطاع الخاص. ومن خلال منح البحث وغيرها من الحوافز التشجيعية الأخرى استطاع المركز اجتذاب قائمة من الشركات العملاقة الشهيرة تشمل “بوينج” و”سيسكو” و”مايكروسوفت” و”نوكيا” و”سيمنز” ، غير أنه حتى الآن لا يشكل إسهام القطاع الخاص سوى أكثر قليلاً من 10% من تمويل المركز، حسب مسؤولين رسميين روس. وقال رومان رومانوفسكي، مدير تشغيل المركز، إن المستثمرين المحتملين أصبحوا أكثر تقبلاً وإقبالاً على المشروع بعد فترة من التشكك في أول الأمر حين أعلن عن المشروع منذ نحو سنتين. وأضاف: “أن الأمر أشبه ما يكون بعلاقة ارتباط تمر بمراحل تدريجية”. وقال جون تي تشامبرز، رئيس تنفيذي شركة “سيسكو”، إن شركته تعتزم تحقيق تواجد بحثي وتطويري كبير في سكولكوفو. كما أضاف أن الشركة تعتزم استثمار مبلغ كبير في شركات ناشئة هناك، ولكنه لم يكشف عن أرقام بعينها. وأوضح تشامبرز “إنني من المقتنعين جداً بالشراكات بين القطاع العام والقطاع الخاص. صحيح أنها تواجه صعوبات في بادئ الأمر، إلا أنها حين تنجح فإن نتائجها تكون عظيمة”. وبالنسبة لشركات التكنولوجيا الأميركية، يعني مشروع سكولكوفو أكثر من مجرد الدعاية الرنانة التي تقدمها الحكومة. فالمعروف عن روسيا أنها تفرز مهندسين وعلماء كمبيوتر متميزين درج الكثير منهم لسنين على الهجرة إلى سيليكون فالي أو غيره من مراكز البحث وريادة الأعمال البارزة. كما أن روسيا طالما كانت سوقاً عصية الاختراق على عمالقة الإنترنت الأميركيين الذين يهيمنون على غيرها من المناطق بسهولة. ومن أكبر الشركات الفاعلة في روسيا في هذا المجال “ياندكس” المتخصصة في محركات البحث و”ميل دوت رو”. ومن شأن التواجد المحلي أن يساعد الشركات الأميركية على تعزيز نشاطها وعملياتها داخل روسيا. غير أن مزاولة الأعمال في روسيا بما فيها من عراقيل بيروقراطية وفساد إداري أمر ليس باليسير. إلى ذلك قال تشامبرز: “إنها مهمة صعبة وهناك عقبات على طول الطريق، ولكني أثمن مبادرات القيادة الروسية وجرأتها في الإقدام على ذلك”. ويتشكك بعض المنتقدين في إن كان في وسع مركز تكنولوجي الازدهار في دولة لا تزال الحكومة المركزية فيها هي القوة التي توجه الاقتصاد، بينما يشتهر سليكون فالي بثقافة الحرية والإبداع غير الموجه. فهل يمكن تكرار نجاح سليكون فالي في روسيا من خلال مقاربة منطوية على تدخل الحكومة في بادئ الأمر ثم تفعيل المشروع بتسلسل إداري من أعلى إلى أسفل بما يشمل القطاعين العام والخاص؟ استنكر كرولي فكرة أن تدخل الحكومة من شأنه إثارة المشاكل واحتج بأن كثير من قوة الدفع التمهيدية لتطوير سليكون فالي نبعت من عقود بين الحكومة الأميركية وشركات تكنولوجيا في كاليفورنيا. وقال إن الإنترنت أيضاً نشأ في بادئ الأمر في رحم معاهد البحوث العسكرية الأميركية. وقال كرولي، الذي يتحدث اللغة الروسية بطلاقة والذي كان قد درس لفترة قصيرة فيما يعرف اليوم بجامعة سانت بطرسبرج الحكومية خلال الحرب الباردة، إن السلطات الروسية لم تتدخل في خططه لتطوير معهد سكولكوفو. وأكد أن الحكومة الروسية شجعته على تطوير مشروع جامعة لتصبح من ضمن أفضل الجامعات العالمية. غير أن معهد سكولكوفو عقد بالفعل اتفاقية مع معهد ماساشوستس للتكنولوجيا تقوم بموجبها المؤسسة الأميركية بمساعدة نظيرتها الروسية على تطوير برامجها الأكاديمية والبحثية. وأضاف كرولي أن هذا المشروع يعتبر بمثابة نواة لمركز تكنولوجي عالمي ضخم يطمح إلى محاكاة سليكون فالي من حيث الابتكار والإبداع ويشجع العقول المتميزة الروسية على البقاء في روسيا وعدم الهجرة إلى خارجها. نقلاً عن :«انترناشيونال هيرالد تتريبيون»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©