السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حجازي والعزام في نهائي «أمير الشعراء» والبقية بانتظار تصويت الجمهور

حجازي والعزام في نهائي «أمير الشعراء» والبقية بانتظار تصويت الجمهور
10 فبراير 2011 19:21
مع استمرار مبارزات فرسان القصيد على مسرح شاطئ الراحة في العاصمة أبوظبي، وبانتهاء المرحلة الثانية من مسابقة أمير الشعراء ليلة أمس الأول، انتقل إلى الجولة النهائية كل من الشاعرين محمد تركي حجازي ومحمد العزام ليكونا في انتظار باقي المتنافسين الذين تحددهم أصوات الجمهور. وكان السهر سهر القصائد، فقد سال شهد الكلام من نصوص ازدهت بالجمال. دارت منافسات تلك الليلة بين محمد علي الخضور من سوريا، ومحمد العزام من الأردن، وعلا برقاوي من فلسطين، وهشام الجخ من مصر، وقاسم الشمري من العراق. كان أول قارئي الشعر، الشاعرة علا برقاوي من فلسطين، ومن “شهقة النون” بدأت، فقالت في مطلع قصيدتها: خبأتُ عصف هواك في فرحي وشربتُ كأس جنونك الطفحِ وصببتُ فيك أنوثتي سكناً كي لا يفيض السر من قدحي وختمتها بالبيت: والنون إن قرئت ستصرخ بي يا بنتُ فكي اللبس واتضحي وقد قال د. صلاح فضل عن النص: (إن النون حرف سري، وهو يرمز لأمور كثيرة، للأنوثة، وللحوت، وللكون أيضاً، وقد ربطته علا بالشهقة ربطاً جميلاً وقوياً وأنثوياً)، وأضاف: (لديكِ يا علا صوراً جميلة، لكنك تضطرين لقول ما لا تريدين قوله، وحجب ما لا تجرؤين على قوله، فحين تقولين مثلاً: “وتفردت في الحسن والمِلَحِ”، أرى أن “المِلَحِ” جاءت هنا لضرورة القافية، فلم تكن في موقعها، كما أنك تشتقين كلمة “جاسدْتُ”، وهذا اشتقاق غريب وطريف وغير معروف، أما أطرف الصور التي قدمتِها في قصيدتك فهي: “زرعتُ في رحم الخيال يداً/ بدأتْ مخاض اللون في قُزحي”، وهذا جميل... فهزّي إليك بجذع الشعر لأنكِ قوية). في حين قال د. علي بن تميم: (إن النون هي نون النسوة، لكن لا توجد في النص شهقة أو صيحة، إنما همسة تتوالى عن طريقها أفعالٌ بضمير المتكلم تحاول أن تبوح عن تلك الذات المترددة، الذات الأنثوية، ولذلك تستخدمين أفعالاً مثل: “خبأتُ، صببتُ، تمردتُ، جاسدت، زرعت....”، لكن القصيدة بشكلها العام ينتابها الغموض، إذ إن الاعتراف صعب في زمن تنفضح وتنكشف فيه الأسرار دفعة واحدة، ثم أجد أن هناك بعض القوافي القلقة، ومنها على سبيل المثال: “الطفح”، وكذلك: “وَحِي”، حيث أرى أنك اضطررت لتلك القافية، ولهذا أعتقد أن القصيدة بحاجة إلى ألفاظ تستطيع أن تعبر عن الذات المواربة، والواقعة بين الشهيق والزفير.. إنها قصيدة طيبة رائعة، ويمكن أن استعمل معها ما قاله ابن عربي: “الطيبون يستمتعون باللذة التي يمنحونها أكثر من اللذة التي ينالونها”. من جهته أشار أيضاً د. عبدالملك مرتاض إلى القلق الموجود في بعض قوافي القصيدة، مثل: “وَحِي، المِنَحِ، اتضحي”، وتابع بالقول: (عندكِ صوراً شعرية رائعة، ولا أنكر ذلك، لكنك بحاجة إلى التنبه للقافية، فمن يقرأ الأبيات يجد أن قافيتك توشك أن تدخلك في النظمية، ومع ذلك فإن نصك يمثل شعرية كامنة توشك أن تشهق بالانفجار). الألم والأمل قرأ قاسم الشمري نصاً شعرياً خالصاً حمل فيه ألم الأمة العربية وأملها، حمل عنوان “انحناءة إلى الأعلى” و بدأه بـهذه الأبيات: زرعوه ما بين السطور المهمله وشموسه بسنا المسلة مثقله وطن بلون الماء يختزل الرؤى لكنه عطش بثغر السنبله (أشهد أنك شاعر كبير).. بهذه الجملة بدأ د. صلاح فضل، وأكمل: (لكنك تلعب لعبة حداثية، حيث الإبهام في القصيدة، والإحالة في التعبير، وبالنسبة للقصد فلا نعرف عن أي وطن تتحدث، هل عن وطنك العراق، أم عن غيره، على أي حال هو وطن عربي، أما الإبهام في التعبير فيبدأ من عنوان القصيدة “انحناءة إلى الأعلى”، وهي حيل حداثية طريفة، تضج بشعرية حلوة، كما أن “شموسه بسنا المسلة مثقله” تعبير آخر طريف، وكذلك “عطش بثغر سنبله”، و”تختار زوج الأرملة”، وأظن أن القصيدة جيدة، وربما كانت من مخزونك القديم، لكنك أحسنت تقديمها، وأحسنت تمثيلها). د. علي بن تميم رأى من ناحيته أنه يوجد في عنوان القصيدة ثنائية الحياة والموت، وأن قاسم يتشظى بينهما، لكن برأيه أن من يضع ثنائيتان فإنه بلا شك سيقع في التكرار، وسيحاول إعادة المعنى نفسه بلبوس جديد، ثم ختم بالقول: (إن القصيدة جميلة، والجمال فيها متشح بالسوداوية، ونحن إزاء شاعر يمتلك أدواته الواعية). فيما علق د. عبدالملك مرتاض على القصيدة قائلاً للمتسابق: (العنوان على طرافته وجِدَّته مستعمل في الكتابات الجديدة، وحتى في القصص، لكنه عنوان حديث وجميل، وإذا تركنا ما تريد أن ترمز له في نصك هذا جانباً، فإننا نجد أن الواجهة الشعرية فيه تمثل وضع وطن جريح وحزين ويائس وبائس وشقي، تساور سبيل سعادته كل أنواع القهر والظلم والكبت والحرمان، وإن الصورة العامة لهذا النص مكثفة، ومنسوجة على منوال شعري شفاف، فلغته غاية في الإيحاء، ونسجه غاية في الشعرية، وشعريته غاية في الطفوح، وطفوحه فاض به النهر الإبداعي فأمرع وأثمر في التلاع والهضاب، وكأن هذا الوطن الشقي أيقونة لأسطورة صخرة سيزيف؛ يريد أن يفلت من الشقاء والعناء فلا يستطيع، وإن البيت الذي أذهلني في النص هو البيت الثامن الذي تقول فيه: “ثملٌ ودمع الأمهات سلافه/ بدنانه أحداقهن مكبله”، فما أجمل هذا الشعر، وهو طفحٌ مسطور، تضمخه غيابات ديجور، يتمرمر مع ذلك مترجرجاً في أفضية من النور). ريح عاتية ثالث الفرسان محمد العزام وقدم نصاً مميزاً نال أعجاب لجنة التحكيم وقال عنه. صلاح فضل: (قصيدتك مثل الريح العاتية، ترتج في الماء، وتتنفس في التراب، وتنمو في نسق لغة شعرية عالية، فلديك صور شعرية بالغة الجمال والقوة، وما أروع التمثيل الشعري البديع في بيتك “لغة تجوب بي السماء خيولها/ وبها أهش على قطيع سحابها”، بينما تبوح الصورة في البيت “تبني طيور الخوف عش أمانها/ في غار قافيتي وبين شعابها” بما تتكتمه القصيدة، ولا تزال طيور الخوف تعشش في كلامك، لكنها ـ وهذه هي المفارقة الطريفة ـ تفرخ شعراً حقيقياً.. خوفك خلاق، وشعرك من طبقة رفيعة). فيما علق د. علي بن تميم على النص بقوله: (أجمل ما في هذه القصيدة هو التجدد، حيث يكون الشاعر كطائر الفينيق الذي يولد من رماده ومن موته، ليتجدد وليحلق، لكنك ـ والكلام للمتسابق ـ تريد لغة غريبة تتنفس من ضلوع التراب “شجراً تنفس من ضلوع ترابها”، لغة تحلق في السماء “لغة تجوب بي السماء”، فهل تريد لغة كالصواريخ أرض جو؟) وختم د. عبدالملك مرتاض برأيه الذي جاء فيه: (إلقاؤك آسر، وحضورك بديع بامتياز، أما البيت الأخير فهو يمثل صورة شعرية رائعة “إغواؤها ليس الأخير وكلما/ أُنزلتُ .. أنهض من حطام يبابها”، فالصورة هنا تمثل إصرار الشخصية الشعرية على عدم الاستسلام، وهذا مهم جداً، ثم إن لديك نسجاً شعرياً ينثال عليك كما ينثال القطر على قصيبات الأرض فيمرع زهراً ضواعاً، وإنك يا محمد شاعر كبير). “نيرون شاعراً” بينما جاء المتسابق محمد علي الخضور بقطعة أدبية ـ حسبما قال د. صلاح فضل، فقد قرأ الخضور قصيدة “نيرون شاعراً” التي يبدأ مطلعها بالبيتين التاليين: موغل في الرؤى أفتش عني كلما قلت ها أنا ضعتُ مني أشتري الشك باليقين وألقي ريشة الوهم في مهب التمني ومما أضافه د. صلاح فضل: (شعرك يا محمد موغل في الرؤى، وجميل في الرؤية، يضطرك السياق إلى شيء من الترميز، فتقدم شعراً حقيقياً، لكن الشعراء مجانين ومبدعون في الآن ذاته، ونيرون لا يمكن أن يكون شاعراً، لأنه مجنون فقط، وليس مبدعاً، نعم.. حجر واحد سيحطِم صنم نيرون). وأشار د. علي بن تميم إلى أن: (القصيدة تستعمل قناع نيرون آخر أباطرة الرومان، ولذلك يصبح حاضراً بقوة ضمير الأنا السائدة، وفي المشهد الأول من القصيدة يظهر نيرون ليتحدث عن نفسه منكسراً محطماً، وفي المشهد الثاني تظهر صورة التمني، وهو مشهد يقوم على المفارقة، مفارقة القوة الغاشمة، ومفارقة الشاعر الضعيف المنكسر، لكنك بصورة وبأخرى لم تكن تصف نيرون، بل كنتَ وبصورة منفلتة تتعاطف معه من دون أن تدري، كما شعرتُ بأنك جمَّلت صورة الطاغية، وشوَّهت صورة الشاعر، أيها الشاعر الجميل.. فعلاً كنت تحلق بجناحين كبيرين. (أشهد بأنك شاعر ذكي) شهادة كبيرة قدمها د. عبدالملك مرتاض في نص محمد علي الخضور، ثم تساءل د. مرتاض: (كيف استطعت أن تستخلص هذه الصورة من أعماق التاريخ، وهي صورة ظلامية واستبدادية، ثم تجعل منها صورة شاعرة؟ وهنا أرى المفارقة الشعرية، ثم إن العنوان بحد ذاته شعر، أو هو قصيدة كاملة، بحيث أنك لم تكن تحتاج لقول كل الكلام الذي تلاه، فقد قلت كل شيء فيه. “ميدان التحرير” التحق هشام الجخ لحلقة تلك الأمسية ـ وهو الذي تغيب عن الحلقة الماضية بسبب ما تعيشه مصر من أحداث استثنائية ودقيقة ـ ليقدم قصيدة من وحي واقع مصر في هذه الأيام، تحت عنوان “مشهد رأسي من ميدان التحرير. وكان د. صلاح فضل أول المتحدثين من بين أعضاء لجنة التحكيم فقال: (أعرف أن الصدق الثوري هو الذي يملي عليك تلك الكلمات، لكن قصائدك ودفاترك القديمة لم تكن تخلو أبداً من الثورية، ولعلك أدركت معي وأنت ترسم ميدان التحرير من قطاع رأسي أن الهتافات التي ترددت فيه كانت تبتكر أوزاناً شعرية، وتبتكر صوراً وعبارات عجيبة، ظهر فيها أنك ممثل جيد لذلك الشعب الثائر، لكن ـ وأصدقك القول ـ أنه مازال المشهد الرائع يحتاج قصائد أخرى تحاكي قوته وبلاغته وتأثيره، فقطعتك مليئة بالإشارات التي أقدِّرها، لكن أجمل ما فيها مطلعها “خبئ قصائدك القديمة كلها/ واكتب لمصر اليوم شعراً مثلها”). وقد أكد د. علي بن تميم قول د. فضل، فمطلع القصيدة جميل ورائع ومدهش، لكن الحدث كبير ويتنامى بسرعة فجائية، وهو أكبر من ذات الشاعر، وبالتالي لا يمكن السيطرة على ذلك المشهد الكبير، ومن هنا فإن الشاعر بحاجة إلى صبر كثير، لأن الحدث هائل جداً، ولا يمكن كتابته مرحلياً. من جهته قال د. عبدالملك مرتاض: (بيت القصيد ـ كما يقال في النقد العربي القديم ـ هو البيت الأول: “خبئ قصائدك القديمة كلها/ واكتب لمصر اليوم شعراً مثلها”، فهو يمثل جمال القصيدة، أما الأبيات الأخرى فأعتقد أن فيها شيئاً من الترهل الشعري، وما أنصحك به هو أن تعنى باللغة، وأن تدمن قراءة الفحول أمثال صلاح عبدالصبور، وأحمد عبدالمعطي حجازي، أي الشعراء العرب المعاصرين، وهذا سيمدك بشحنات، لأنك تحمل في طياتك ثورة شعرية توشك أن تنفجر). المعري و”التخميس” قبل الإعلان عن البيتين الشعريين اللذين سيخمس المتسابقون أبياتهم وفقهما أكد د. علي بن تميم على أن العقل يمثل مقصداً كبيراً لكل البشر، إذ أنه في أحيان كثيرة يصدأ الفهم، ويقع البشر أسرى الرؤى المسبقة والاتباع الأعمى، ثم استحضر بيتين لأبي العلاء المعري، وطلب منهم التخميس عليهما، وهما: لقد صَدِئَتْ أفهامُ قَومٍ، فهَلْ لها صِقالٌ، ويحتاجُ الحُسامُ إلى الصّقلِ؟ سأتبَعُ مَن يَدعو إلى الخَيرِ جاهداً وأرحَلُ عنَها، ما إمامي سوى عَقلي وعن التخميس قال د. فضل: (كل شعراء الليلة يحلقون في سماء الشعرية العربية بقوة واقتدار، وهي ليلة من ليالي الشعر الحقيقي التي تزدهي بها أبوظبي، وأنا أهنئهم جميعاً، ولا أكاد أميز بينهم، فهم يتمتعون بنفس القوة، وذات العرامة والطلاقة، كما أهنئ أمير الشعراء بهذه الطاقات العظيمة). في حين أكد د. بن تميم على أن الشعراء كانوا رائعين حقاً، وتساءل: (كيف أيها الشعراء تنفلت العاطفة منكم، تلك التي تقف مزلزلة العقل لتبني روعة الشعر، وقد وجدت في تخميسكم إعادة قراءة جديدة لأبيات أبي العلاء المعري، فالعزام كان يحيل إلى إبداع جديد، والخضور أعاد قراءة القصيدة بقصيدة رائعة، وهشام مزج بين البحر الكامل والطويل). مجاراة المنهالي وبعيتي.. بين فلاة الظفرة وربوع الشام الرقة والعذوبة اعتاد جمهور “أمير الشعراء” على فقرة المجاراة بين الشعر النبطي والشعر الفصيح، وفي تلك الليلة اجتمعت قامتين من قامات برنامجي “أمير الشعراء” و”شاعر المليون”، وذلك بحضور الشاعر السوري حسن بعيتي أمير شعراء الموسم الثالث، والشاعر الإماراتي محمد النوه المنهالي أحد نجوم شاعر المليون في موسمه الثاني، فقدما قصائد في غاية الرقة والعذوبة والذائقة الشعرية أمام جمهور المسرح وأعضاء لجنة التحكيم. تأهل العزام أعلن الفنان باسم ياخور عن نتائج تصويت جمهور الإنترنت للمتسابقين الخمسة، فجاء هشام الخج أولاً بنسبة 77%، ثم محمد علي الخضور 8%، وتلاه كل من علا برقاوي وقاسم الشمري 6%، وبعدهما محمد العزام 6%. كما أعطى جمهور المسرح أغلبية أصواته لهشام الجخ الذي كسب 79%، ومن بعده جاءت علا بـ 7%، تلاها محمد العزام الذي حصل على 6%، فيما تساوت نسبة محمد علي الخضور وقاسم الشمري، وكانت 4%. غير أن لجنة التحكيم حسمت الموقف لمصلحة محمد العزام من الأردن ومنحته 39% من درجاتها، فيما تتالت درجات بقية المتسابقين كمايلي: محمد علي الخضور 38%، قاسم الشمري 37%، علا برقاوي 33%، وهشام الجخ 33% أيضاً.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©