الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ساركوزي وميركل... تعاون ثنائي في الانتخابات

11 فبراير 2012
لم يكـن مجـيء المستشـارة الألمانيـة أنجيلا ميركل إلى فرنسا لدعم الرئيس نيكولا ساركوزي في حملته الانتخابية أمراً مألوفاً لدى الفرنسيين، إذ كانت المرة الأولى التي يحصل فيها شيء مشابه، لكن ميركل ظهرت على شاشات التلفزيون الفرنسي أول من أمس متحدثة بثقة واضحة عن ساركوزي الذي يواجه منافسة شرسة من خصومه السياسيين في الحزب الاشتراكي، بل أدلت بحوار تلفزيوني قالت فيه إنه من الطبيعي أن تعبر الحدود لتأييد حملة إعادة ترشيح زميل ذي ميول محافظة. غير أن الفرنسيين اختلفوا في التعامل مع الدعم الألماني بين من اعتبره تحركاً شجاعاً الغرض منه طمأنة الفرنسيين على مستقبل بلادهم الاقتصادي، وبين من اعتبر التحرك محاولة أخيرة يقوم بها ساركوزي لتعزيز موقفه في تحد واضح لتاريخ قديم من العلاقات المتوترة انتهت بحربين عالميتين. وفيما يساند مساعدو ميركل تحركها باعتباره فكرة فرنسية لا مانع لديهم من المضي فيها، ما زال الأمر غير واضح بالنسبة لوقع التأييد الألماني على الناخب الفرنسي، وفي هذا السياق يقول "توماس كلو"، من الفرع الفرنسي للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، "يعتقد ساركوزي أن تأييد ميركل لحملته الانتخابية سيستقطب الناخبين في الوسط الذين يرون بأن على فرنسا تطبيق نفس الإصلاحات التي باشرتها ألمانيا في السابق للنهوض بالوضع الاقتصادي"، لكنه حذر أيضاً من ردة فعل سلبية للفرنسيين على التأييد الألماني، إذ ليس من اللائق أن يروج رئيس فرنسي باستمرار لألمانيا باعتبارها النموذج الذي يتعين على فرنسا الاحتذاء به. وتُظهر استطلاعات الرأي أن ساركوزي يواجه صعوبة في إقناع الفرنسيين بإعادة انتخابه بسبب التفوق الواضح لخصمه اليساري، فرانسوا هولوند، واحتلاله الصدارة في الاستطلاعات، هذا بالإضافة إلى تخوف ساركوزي الخصم من رصيده بتصويت الفرنسيين على "اليمين المتطرف" الذي تمثله مرشحة الجبهة الوطنية، مارين لوبين، وهو ما دفع صحيفة يمينية تدعمه مثل "لوفجارو" تعبر عن استيائها من الحملة الانتخابية الباهتة لساركوزي. ويراهن مساعدو ساركوزي على دعم المستشارة الألمانية لتعزيز التصور بأنه الشخص المطلوب لاستكمال التعافي الأوروبي من أزمة الديون المستفحلة التي تهدد استقرار اليورو، ويستند هذا الرأي على الرصيد الإيجابي لميركل والاحترام الذي تحظى به لدى الفرنسيين باعتبارها قائدة أكبر اقتصاد في أوروبا، كما أنها رمز النصف الآخر للتعاون الفرنسي الألماني الذي كان وراء الازدهار الأوروبي قبل الأزمة. وقد حرص الجانبان على توحيد مواقفهما بشأن عدد من القضايا من بينها الملف السوري، حيث دعا ساركوزي وميركل كلاً من الصين وروسيا إلى عدم تعطيل عمل الأمم المتحدة، كما اتفقا أيضاً على حلول مشابهة لإنقاذ اليونان من أزمتها المتواصلة وتقديم المزيد من الدعم المالي لحكومتها المتعثرة، لكن الأمر لم يكن دائماً على هذا التوافق، فقبل سنوات قليلة كان يطلق على القائدين لقب "الثنائي الغريب" بالنظر إلى الاختلاف البين في شخصيات الزعيمين، فميركل تنتمي إلى ألمانيا الشرقية بشخصيتها الصارمة وانحدارها من أسرة بروتستانتية فيما ساركوزي معروف بتلقائيته واندفاعه أحياناً، فضلاً عن استعراضه لنفسه وحديثه المسهب. بيد أن هذا الاختلاف في شخصية ساركوزي وميركل تراجع اليوم تحت واقع الأزمة الطاحنة التي تمر بها منطقة اليورو ما فرض عليهما توحيد رؤاهما لإيجاد الحلول المناسبة إلى درجة بات يطلق عليها "ميركوزي"، وإن كانت التصورات المطروحة حالياً للتعامل مع أزمة الديون تبقى ألمانية في العمق مع تأييد فرنسي. وفي تبريرها للدعم العلني الذي تقدمه ميركل للرئيس الفرنسي قالت المستشارة الألمانية في الأسابيع الأخيرة بعد انضمام فرنسا إلى السياسة الألمانية الداعية إلى مزيد من الصرامة المالية والتقشف لحل الأزمة الأوروبية، "لقد سبق لساركوزي أن ساعدني في حملتي الانتخابية، وأنا اليوم أرد له بعضاً مما أعطاني إياه". لكن أن تحظى ميركل بتقدير الفرنسيين شيء وأن تنضم رسمياً لحملة الرئيس ساركوزي وتعلن عن تجمع كبير لتأييد ترشحه شيء آخر، وهو ما يعبر عنه "أورن كابيل"، المحلل السياسي، قائلاً "يسعى ساركوزي إلى الاستفادة من رصيد ميركل الناجح اقتصادياً والظهور بمظهر القائد القادر على حل مشاكل أوروبا، إلا أنه من جهة أخرى على مساعدي ساركوزي تقديم معطيات موضوعية تثبت قدرته على حل أزمات أوروبا، لا سيما وأن ألمانيا قد لا تثير في جميع الأحوال ردة فعل إيجابية من الفرنسيين بالنظر إلى الاختلافات الثقافية والجوهرية بين البلدين". وفي نفس السياق تضيف "كلير جاماسو"، المرشحة الاشتراكية السابقة للبرلمان الأوروبي، "تقديم ميركل لدعمها اللامشروط لساركوزي غريب للغاية، فمع أنه لم يعلن حتى الآن ترشحه الرسمي للولاية ثانية تهب ميركل لمساعدته ودعمه في حملته الانتخابية، وهو ما يثير العديد من التساؤلات، فبدلاً من تركيز جهده على استمالة الداخل الفرنسي وإقناع الناخبين ببرنامجه الانتخابي للمرحلة المقبلة نراه يلجأ إلى الخارج لحشد التأييد علَّ ذلك يدعم حظوظه، والحال أن ما يهم الفرنسيين في هذه المرحلة الصعبة هو الاطمئنان على مستقبل بلادهم الاقتصادي". روبرت ماركاند - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©