السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

طويتُ عليكِ جناحي جديد صالح هواري

طويتُ عليكِ جناحي جديد صالح هواري
1 أكتوبر 2007 00:00
صدرت عن وزارة الثقافة السورية المجموعة الشعرية العاشرة للشاعر الفلسطيني صالح هواري، وحملت المجموعة الجديدة عنوان: (طويت عليك جناحي)، وتضم ستاً وعشرين قصيدة، تراوح بين قصيدة التفعيلة والقصيدة الخليلية· يمسك هواري من خلال قصائد مجموعته الجديدة خيط التفعيلة بمهارة فائقة، ما جعله يوفر لنا نصاً متكاملاً بما يحمله من ظلال الحداثة وأسرارها، فهو يبتعد عن الصخب والضجيج، ويقدم أفكاره ومعانيه بهمس وإيحاء معتمداً على تكثيف العبارات، وإسقاط الزوائد عن أغصان القصيدة، ويتجنب استخدام التراكيب الشعرية الجاهزة، ويتعامل مع اللغة تعاملاً شعرياً موظّفاً بعيداً عن الترف الفني، والمحسنات البديعية التي تثقل كاهل النص، كما لا تخلو قصائده من الغموض الشفيف· أما الغنائية فهي السمة البارزة التي تطغى على جل قصائده، لكنها ليست غنائية طاغية إلى درجة الصخب، وإنما غنائية هامسة متدفقة موشحة بالألم المبدع، ونابعة من الوجدان، ومن تآلف المفردات في خلايا القصيدة ، ويتعامل هواري كثيراً مع الاستعارات المكنية التي تشخص الجمادات، وتبث في أوصالها الحياة والحركة، فهو حين يعقد تشبيهاً ما، يهدم العلاقة بين المشبّه والمشبه به، ليزيل عنه صفة التقليدية، ومن هذه التشابيه: (اشتعل الندى/ شجر النّهار/ عين السماء تلفّتت/ ورد غنائه)· ويبدو هواري في ديوانه هذا كما في دواوينه السابقة متفائلاً تفاؤلاً ثورياً ببزوغ الشمس الفلسطينية، يقول في قصيدته (مقطع من كتاب حصار جنين): مباركٌ هذا الحصار يا جنينُ يا أميرة/ يا وردةَ الشُّعاعِ في حقولنا الضريرَةْ/ مباركٌ هذا الدَّمارُ/ تطلعُ الأقمارُ من دموعهِ المريرَةْ/ مباركٌ للشهداءِ أكملوا نشيدهم وواصلوا المسيرةْ تقاسموا رغيفَهم من أوَّلِ الجوعِ/ إلى الرصاصة الأخيرةْ· وأمام الاتهامات التي توجه للقصيدة الفلسطينية عامة بأنها انحصرت في هموم القضية ولم تطرق موضوعات إنسانية أخرى، يقول هواري للاتحاد: إن القصيدة الفلسطينية وقفت على مدى أكثر من خمسين عاماً أمام حائط التجربة المأساوية التي مرّت بها القضية الفلسطينية، تصفها من الخارج مستخدمة تارة أسلوب الحنين والشوق إلى الأرض، وتارة أخرى أسلوب التحدي والإصرار على العودة، ولم تستطع أن تخرج من هذا الإطار كونها أصبحت جزءاً منه، لذا انحصرت في مداراته ولم تقو إلا نادراً على التطرق إلى موضوعات أخرى، ولكنها في الوقت ذاته، لم تغفل الملامح الإنسانية التي كانت تتسلل إليها تسللاً ضمنياً، فالتغني بالحرية، والمطالبة بالاستقلال، والمناداة برفع الظلم عن الشعوب المضطهدة وزوال الاحتلال، كل ذلك كان من ضمن الأفكار التي عبرت عنها القصيدة الفلسطينية، لأنها القضايا الأهم التي تشغل بال الأحرار في العالم· ومع ذلك فإن هواري يطالب بخروج القصيدة الفلسطينية من الخنادق، إلى فضاء الحياة الإنسانية، لترصد قضايا الإنسان المعاصر، وتنفض عن كاهلها رماد الأيديولوجيات والشعارات، وتكتب شرطها التاريخي بريشة الفن المبدع البعيد عن التقريرية الفجة، ويعترف هواري بأنه جنح في مجموعته الأخيرة لكتابة شيء من تجربته الذاتية التي أغفلها لسنوات طويلة، بسبب انشغاله بكتابة القصيدة الوطنية الملتزمة، وقد صحا مؤخراً على نداء قلبه الذي قاده إلى قلبه، بعد أن ظل لأكثر من أربعين عاماً يسمع نداء فلسطين فقط·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©