الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حقوق وواجبات تُدخِل الجنات عيادة المريض

30 سبتمبر 2007 23:35
لقد بلغ من عناية الإسلام بالمريض أن جعل عيادته حقاً من حقوقه على إخوانه المسلمين، ففي الحديث: ''خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز''· وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلمين بعيادة المرضى: ''أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني''· وعن البراء -رضي الله عنه- قال: ''أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض··''· لم يكتف الرسول -صلى الله عليه وسلم- بحث المسلمين على عيادة المرضى، بل كان وهو الذي تحمل هموم الأمة يعود المرضى، ويخفف عنهم ويواسيهم· قال عثمان بن عفان -رضي الله عنه: إنا والله قد صحبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير· وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- عاد بعض أصحابه حين مرضوا، وثبت أنه عاد غلامًا يهوديًا ودعاه إلى الإسلام فأسلم· آداب واجبة وينبغي أن يتعلم المسلمون هذا الخلق، حتى ذوي الجاه والمنصب والمال والسلطان منهم، فإنه لا يعيبهم أن يعودوا من هم أقل منهم· بل قال البعض إن زيارة الفقير المعدم لها أجران، عيادة مريض ورفع معنوياته· وكان السلف -رضي الله عنهم- يهتمون بعيادة المريض، فكانوا إذا فقدوا الرجل سألوا عنه، فإن كان مريضًا عادوه· وانظر إلى الإمام الشافعي -رحمه الله- يبين أثر عيادة المريض على كل من الزائر والمزور: مرض الحبيب فعُدْته فمرضت من حزني عليه فأتى الحبيب يعودني فشُفيت من نظري إليـه ولعيادة المريض آداب عديدة ينبغي أن تُراعى عند زيارته: أن تكون العيادة في وقت ملائم· وأن يدنو العائد من المريض ويجلس عند رأسه ويضع يده على جبهته ويسأله عن حاله وعما يشتهيه· وأن تكون الزيارة غِبّا، أي يومًا بعد يومٍ، وربما اختلف الأمر باختلاف الأحوال، سواء بالنسبة للعائد أو للمريض، فإذا استدعت حالة المريض زيارته يوميا فلا بأس بذلك، خصوصا إذا كان يرتاح لذلك· كما ينبغي للعائد ألا يطيل الجلوس حتى يضجر المريض، أو يشق على أهله، فإذا اقتضت ذلك ضرورة فلا بأس· وكذلك ألا يُكثر العائد من سؤال المريض، لأن ذلك يثقل عليه ويضجره· وكذلك يدعو له بالعافية والصلاح، وقد وردت في ذلك أدعية عديدة منها: ''أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك'' (سبع مرات)· وأن يقرأ عنده بالفاتحة والمعوذتين والإخلاص، ولا يتكلم أمام المريض بما يقلقه ويزعجه، وأن يظهر له من الرقة واللطف ما يطيب به خاطره· ويبث فيه الأمل، والصبر لما فيه من جزيل الأجر، ويحذره من اليأس ومن الجزع· ولا يكثر من سؤاله عن سبب علته· وروى أن رجلا لما كثرت أسئلة عواده عن سبب مرضه فما كان منه إلا أن كتب ورقة وعلقها فى حائط مجاور له وكلما جاءه سائل يسأله أشار بيده إلى تلك الورقة ليقرأها بنفسه، وروى أن عمر بن عبد العزيز كان مريضا وجاءه من يعوده وذكروا له أن كثيرا من الناس قد أصيبوا بهذا الداء ومنهم من مات بهذا الداء فما كان منه إلا أن نهره وقال من كانت له عندنا حاجة فليأخذها· حق أصيل ولقد تكفل الله لمن عاد مريضا بالأجر العظيم والثواب الجزيل، ومن الأدلة على ذلك، قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ''من عاد مريضًا لم يزل في خُرفة الجنة''· قيل: يا رسول الله: وما خرفة الجنة؟ قال: ''جناها''· وما رواه أبوهريرة -رضي الله عنه- أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: ''من أصبح اليوم منكم صائمًا؟'' قال أبوبكر: أنا· قال: ''من عاد منكم اليوم مريضًا؟'' قال أبوبكر: أنا· قال: ''من شهد منكم اليوم جنازةً؟'' قال أبوبكر: أنا· قال: ''من أطعم منكم اليوم مسكينًا؟'' قال أبوبكر: أنا· قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ''ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة''، وقوله -صلى الله عليه وسلم: ''ما من مسلم يعود مسلمًا غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة'' -والخريف هو الثمر المجتبى· وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ''من عاد مريضًا نادى مناد من السماء: طبت، وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً''· وعن هارون بن أبي داود قال: أتيت أنس بن مالك فقلت: يا أبا حمزة، إن المكان بعيد ونحن يعجبنا أن نعودك، فرفع رأسه فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ''أيما رجل يعود مريضًا فإنما يخوض في الرحمة، فإذا قعد عند المريض غمرته الرحمة''· قال: فقلت: يا رسول الله، هذا للصحيح الذي يعود المريض، فالمريض ما له؟ قال: ''تحط عنه ذنوبه''· وعيادة المريض ليست تفضلاً ولا تكرماً منا على ذلك المريض وإنما هى حق أصيل أوجبه الإسلام وأمر به، ويكفى أن الله -سبحانه وتعالى- قال فى حديث قدسى: ''يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يارب، وكيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدى فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده أو لوجدت ذلك عندى··''· فلو تفهمنا هذا الحق وعشناه لكان سببا فى دخول الجنة، فنسأل الله أن يعيننا عليه·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©