معاوية بن أبي سفيان·· امتلأ بطنه حلماً وعلماً

ولد معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- قبل البعثة بخمس سنوات، ونشأ بين قومه بني أمية في شرف ونبل وثراء، وأسلم بعد صلح الحديبية وكتم اسلامه حتى أظهره عام الفتح؛ لأنه كان يخاف أن يخرج الى المدينة لأن أمه كانت تقول له: إن خرجت قطعنا عنك القوت· ودعا رسول الله لمعاوية بتعلم القرآن الكريم والحساب وان يقيه الله العذاب فقال له: ''اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب''، وفي رواية: ''اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به''· وذات مرة أردف النبي معاوية فقال: ''ما يليني منك؟''· قال: بطني· قال: ''اللهم املأه علما وحلما''· وقد تنبأ الرسول بولاية معاوية· قال معاوية: اتبعت رسول الله بوضوء فلما توضأ نظر اليّ فقال: ''يا معاوية إن وليت أمرا فاتق الله واعدل''· وقد صدق رسول الله فيما أخبر فقد عاش معاوية 20 عاما أميرا و20 عاما خليفة، فقد ولاه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الشام بعد أخيه يزيد عام 21 هجرية وأقره عثمان وعزله علي لتهدئة أحداث الفتنة بعد مقتل عثمان عام 35 هجرية، فرفض العزل وحاربه واستقل بالشام ثم اضاف اليها مصر، ولما قُتل علي سار معاوية من الشام الى العراق الى أن وجه اليه الحسن بن علي فصالحه عام 41 هجرية وقدم معاوية الكوفة فبايعه الحسن بالخلافة، واجتمع عليه الناس وسمي ذلك العام عام الجماعة لاجتماع كلمة المسلمين فيه· وكان معاوية قائدا بارعا وسياسيا حكيما، وكان -رضي الله عنه- محبا للجهاد في سبيل الله فكان تارة يغزو بلاد الأعداء بنفسه وتارة يرسل القادة والجيوش نيابة عنه، وقد فتحت على يديه وفي عهده بلاد كثيرة منها ما كان في البحر مثل قبرص وصقلية ومنها ما كان في البر مثل بلاد السند والأهواز وما وراء النهر وشمال افريقيا ومساحات واسعة من بلاد الروم· وتوفى في دمشق عام 60 هجرية ودفن في مقابرها·