الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصة طمع

قصة طمع
29 سبتمبر 2007 22:47
قال رجل: خرجت من بعض بلدان الشام أريد قرية من قراها، فلما صرت في الطريق، وقد سرت عدة فراسخ تعبت وكنت على دابة وعليها خرجي ورحلي، وقد قرب المساء، فإذا بحصن عظيم وفيه راهب في صومعة، فنزل إليّ واستقبلني، وسألني المبيت عنده، وأن يضيفني ففعلت، فلما دخلت الدير لم أجد فيه غيري، فأخذ بدابتي وجعل رحلي في بيت وطرح للدابة الشعير، وجاءني بماء حار، وكان الزمان شديد البرد والثلج يسقط، وأوقد بين يدي ناراً عظيمة، وجاء بطعام طيب فأكلت، ومضت برهة من الليل فأردت النوم، فسألته عن طريق النوم، ثم سألته عن طريق المستراح فدلني على طريقه، وكان في غرفة فمشيت، فلما صرت على باب المستراح إذا بارية عظيمة، فلما صارت رجلاي عليها نزلت، فإذا أنا في الصحرة، وإذا البارية كانت مطروحة على غير سقف، وكان الثلج تلك الليلة يسقط سقوطاً عظيماً، فصحت فما كلّمني، فقمت وقد تجرح بدني، إلا أني سالم، فجئت فاستظللت بطاق عند باب الحصن من الثلج، فإذا حجارة لو جاءتني وتمكنت من دماغي طحنته، فخرجت أعدو وأصيح فشتمني فعلمت أن ذلك من جانبه، وطمع في رحلي، فلما خرجت وقع الثلج عليَّ وبل ثيابي، فولد لي الفكر أن طلبت حجراً فيه نحو ثلاثين رطلاً، فوضعته على عاتقي وأقبلت أعدو في الصحراء شوطاً طويلاً حتى أتعب، فإذا تعبت وحميت وعرقت طرحت الحجر، وجلست أستريح، فإذا سكنت وأخذني البرد تناولت الحجر وسعيت كذلك الى الغداة، فلما كان قبل طلوع الشمس، وأنا خلف الحصن إذ سمعت صوت باب الدير قد فتح، وإذا أنا بالراهب قد خرج وجاء الى الموضع الذي قد سقطت منه، فلما لم يرني قال: يا قوم ما فعل؟ وأنا أسمعه وأظنه قد رأى بقربه قرية، فقام يمشي فخالفته أنا الى الباب ودخلت الحصن، وقد مشى هو من ذاك المكان يطلبني حوالى الحصن، فاختبأت خلف باب الحصن، وقد كان في وسطي سكين لم يعلم بها الراهب، فوقفت خلف الباب، فطاف الراهب، فلما لم يقف لي على أثر عاد ودخل وأغلق الباب، فحين خفت أن يراني عمدت إليه ووجأته بالسكين فصرعته، وأغلقت باب الحصن، وصعدت الى الغرفة واصطليت بنار كانت موقدة هناك، وطرحت علي من تلك الثياب، وفتحت خرجي ولبست منه ثياباً، وأخذت كساء الراهب، فنمت فيه، فما أفقت إلا قريب العصر، ثم انتبهت فطفت الحصن حتى وقعت على طعام، فأكلت وسكنت نفسي، ووقعت على مفاتيح بيوت الحصن، وأقبلت أفتح بيتاً بيتاً، وإذا بأموال عظيمة من عين وورق وأمتعة وثياب وآلات، ورحال قوم وأخراجهم وحمولاتهم، وإذا الراهب من عادته تلك الحال مع كل من يجتازه وحيداً ويتمكن منه فلم أدر كيف أعمل في ثقل المال، فلبست من ثياب الراهب شيئاً ووقفت في صومعته أياماً أتراءى لمن يجتاز بي في الموضع من بعيد لئلا يشكّوا في أني أنا هو، فإذا قربوا لم أبرز لهم وجهي الى أن أخفي خبري، ثم نزعت تلك الثياب وأخذت جوالقين مما كان في الدير من الأمتعة وملأتهما مالاً، وجعلتهما على الدابة وسقتها الى أقرب قرية كانت، واكتريت فيها منزلاً ولم أزل أنقل منه بصمت حتى حملته كله، حتى لم أدع إلا الأمتعة الثقيلة، واكتريت عدة أحمال وحمير ورجال، وجئت بهم دفعة واحدة وحملت كل ما قدرت عليه وسرت في قافلة عظيمة لنفسي بغنيمة هائلة، حتى قدمت بلدي، وقد حصل لي عشرة آلاف درهم ودنانير كثيرة مع قيمة الأمتعة، وغصت في الأرض فما عرف خبري·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©