الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السياسة الأميركية.. «داعش» المستفيد الأكبر

8 فبراير 2015 23:09
عندما أقدم سفاحو «داعش» على إحراق الطيّار الأردني داخل قفص وعمدوا إلى نشر شريط فيديو لجريمتهم الشنعاء، الأسبوع الماضي، مثّل هذا الحدث نقطة تحول تاريخية في الحرب ضد الجهاديين. وأصاب الشريط العشيرة التي ينتمي إليها الطيّار والعرب أجمعين بغضب شديد. وحتى الأردنيون الذين عارضوا مشاركة بلدهم في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش»، أدانوا هذا العمل الجبان، وأعلن كثير منهم بأن هذه الجريمة تمثل سلوكاً يتعارض مع التعاليم الإسلامية السمحاء. وتوقع بعض المحللين بأن يدفع الشريط القادة العرب وشعوبهم للاتحاد في المعركة ضد الجهاديين. ومن النواحي النظرية البحتة، تبدو هذه الفكرة صائبة، إلا أن الافتقار لاستراتيجية أميركية محكمة لمحاربة «داعش» فوّت هذه الفرصة. وهناك العديد من الأسباب التي تجعل من مقتل الطيار معاذ الكساسبة مدخلا لحدوث تغير كبير في المنطقة، لسبب واحد على الأقل يكمن في أن الطيّار الأردني المغدور كان مسلماً. ولهذا فإن قتله أحدث ضجّة تفوق تلك التي أعقبت حوادث قطع رؤوس بعض المختطفين الغربيين. وهناك سبب مهم آخر، وهو أن «داعش» أرادت الانتقام من الأردن لمشاركته في الائتلاف وإرساله طائرات قاذفة لضرب قواعدها، وأرادت أن توجه بهذه الجريمة رسالة إلى بقية الدول العربية بأن تبقى بعيدة عن ساحة المعركة وإلا فإن طياريها سيلقون ذات المصير. إلا أن المظاهر «الساديّة» التي رافقت هذه الجريمة الشنعاء ألهبت مشاعر حب الانتقام لدى كل العشائر الأردنية. وقال بعض المشايخ إن «داعش» خالفت التعاليم القرآنية في تعاملها مع أسرى الحرب. وقال وزير الخارجية السابق مروان المعشّر: «أصبح الرأي العام الأردني يؤيد الانتقام، ويتمنى على الحكومة ملاحقة داعش». إلا أن الحكومة الأردنية ليس بوسعها فعل شيء أكثر مما فعلت، وهو المشاركة في الضربات الجوية ضد «داعش» وتبادل المعلومات الاستخباراتية ومساعدة الولايات المتحدة على تدريب الثوار السوريين المعتدلين. ويحتاج الأردن الآن لمساعدات أكثر من الولايات المتحدة والدول العربية حتى يستطيع مواصلة دوره. لكن مقتل الكساسبة لن يدفع العرب لتقديم مساعدات أكبر في الحرب ضد «داعش» ما لم يُظهر البيت الأبيض اهتماماً أكبر في حسم هذا الصراع. وقد طلب الجانب العربي من الولايات المتحدة، لكن دون جدوى، تنصيب الأجهزة والمعدات الأرضية التي تسمح بإنقاذ الطيارين الذين يهبطون بالمظلات بعد إصابة طائراتهم في شمال العراق. وهذا التخطيط العامر بالتناقض للولايات المتحدة الذي يدعو الحلفاء العرب لقتال «داعش» في الجو والأرض، لم يقدم لهم المساعدات الضرورية لاستكمال المهمة. وهذا ما ولّد عنصر الخوف لدى الحكومات العربية من مواصلة الحرب ضد الجهاديين. ولم يفهم العرب حتى الآن ما الذي يريد أن يفعله أوباما في المنطقة بعد أن لاحظوا علامات التضارب في السياسة الأميركية. وهذا الحكم ينطبق على طريقة تعامل الإدارة الأميركية مع الطائفة السنية في سوريا والعراق بشكل خاص والتي تعتمد عليها في حربها ضد «داعش». أما الآن، فإن سياسة الولايات المتحدة في المنطقة لا توحي بأنها عازمة بالفعل على إشراك العشائر السنية في الحرب ضد «داعش». خاصة أن العشائر غير قادرة على مجاراة الإرهابيين في العتاد والتسليح الأميركي الثقيل الذي غنموه من مستودعات الجيش العراقي، وهي غالباً ما تتعرض للمذابح. ونسوق هنا مثالين عن هذه المظالم. فقد تم ذبح 322 من عشيرة البونمر العراقية في محافظة الأنبار في أكتوبر الماضي، فيما تم إعدام 700 من قبيلة الشعيطاط السورية لأنهم أعلنوا الثورة ضد «داعش» في أغسطس الماضي. ولم تحصل تلك القبيلة على سلاح تدافع به عن نفسها، ولم تحمها الضربات الجوية للطيران الحليف من شرور «داعش». ولهذا السبب، علينا ألا نتوقع من العشائر والقبائل السنية أن تثور ضد «داعش» ما لم يضع البيت الأبيض استراتيجية واضحة المعالم لحربه ضدها. ترودي روبن * *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©