الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي العبدان: أعمل ضد مقولة الخليج أرض نسيان القدماء

علي العبدان: أعمل ضد مقولة الخليج أرض نسيان القدماء
27 مارس 2008 02:57
هذه التجاذبات المرهفة مع زمن تخيلي لا تلغي إمكانية العيش فيه، وإعادة إنتاجه، كما لو كان هذا الزمن الافتراضي هو الواقع المحمي بالشغف والعشق، إنها متواليات العود الأبدي التي تنزع نحو المثالي والواقعي في آن، وهي تتجلى في أعمال علي العبدان الأخيرة، وخصوصا في لوحاته الكولاجية التي توثق لقيمة الراحلين الكبار من مطربين شعبيين وكتاب القصيدة المتوهجين في الإمارات والخليج· ومن أجل حيازة اللحظة الطازجة للغياب، غاص العبدان في تفاصيل التراث المحلي وسافر إلى دول الخليج بشكل مكثف ومتواصل، وتجول في أسواقها القديمة (مثل سوق ''واجف'' في قطر وسوق ''المباركية'' في الكويت وسوق ''المنامة'' في البحرين، ومن هناك، في تلك النزهات الذهبية والحواري المفتوحة على الفطرة الصافية والفنون السمعية والبصرية القديمة، وعلى إثر المجالسة الدافئة والصحبة الحميمة مع كبار السن في متاحف الذاكرة والتيه اللذيذ، استقى العبدان فكرة مشروعه الفني الساعي إلى توثيق مسار مائة شخصية خليجية، طبعت جيناتها الفنية والإبداعية في المكان، ولم تأخذ حقها الإعلامي والترويجي لدى الأجيال الحديثة في المنطقة· يمارس العبدان فعله الاستعادي هذا من خلال طقس حياتي ويومي لا ينفصل عن مناخ الأربعينيات والخمسينيات من القرن المنصرم، وللعبدان مذاهب وانتباهات فنية تزواج بين الطرح الحداثي والمحتوى التراثي، وهو يؤمن بأن البصمة الوجودية للماضي لا يمكن محوها بسهولة، كما لا يمكن قطع جذورها وبتر قيميها الاجتماعية التي أفرزتها في زمن نقي وفاتن رغم أنه منسي ومطمور في ركام الحاضر وفوضى المستقبل· يصف علي العبدان تجربته التشكيلية الجديدة القائمة على تقنية القص واللصق (الكولاج) بأنها جزء من مشروع كبير يحمل عنوان (أرواح من الماضي) ويهدف إلى إنتاج مائة لوحة تجسّد شخصيات قديمة من روّاد الثقافة والشعر والأدب والفن في الخليج، وتقوم تجربة العمل على فلسفة بسيطة من حيث الإنشاء والتركيب، ولم يراع فيها أي أصل من أصول التصوير، كالضوء والظل والمنظور والنسب إلا فيما ندر، ويضيف العبدان: ' 'إن الغرض الأساس من هذه الأعمال هي تأكيد (حقيقة الماضي) وقيمه من خلال إشهار جهود أولئك الرواد ومعاناتهم في توصيل رؤاهم وفنونهم إلى المجتمع· وعن اعتماده على تقنية الكولاج في أعماله الجديدة، يقول العبدان إنه يتكئ على مقولة لبابلو بيكاسو ترى أن الهدف من الكولاج هو (توكيد الحقيقة)، فالكولاج يعتمد في مادته الخام على أوراق الصحف والمجلات وهي مطبوعات دخلت في (لاوعي) المجتمع، وبالتالي فهو مجتمع يتأثر حين يرى أجزاءه ومكوناته في العمل الفني· ويضيف العبدان: ''حاولت في هذه الأعمال أن أشتغل بوحي فني مضاد ومقاوم لعبارة أنطوان بولس مطر في كتابه (خليج الأغاني) عندما قال: ''إن الخليج هو أرض نسيان القدماء''! وعن الشخصيات التي تناولها في بداية مشروعه يقول العبدان إنه واعتمادا على حبه وافتتانه لفن المطرب البحريني الراحل محمد بن فارس قام بوضعه على رأس القائمة في خطة العمل الفني للمشروع، وفي توقيت يتزامن مع مرور 60 عاما على وفاة هذا الفنان الشعبي الكبير (توفي العام 1947)· ومن الشخصيات الأخرى التي تناولها في أعماله الفنية تبرز أسماء مهمة مثل ضاحي بن وليد، وفهد العسكر، والشيخ الأديب مانع بن راشد المكتوم· وعن منابع اهتمامه بهذا المنحى التراثي والفني المقصي والمحفوف بالغياب والنكران، يقول العبدان: نبع هذا الهاجس لدي من خلال اهتمامي بفهم (نفسية) الأسواق والمقاهي الشعبية في الإمارات ودول الخليج، وبالتالي التنقيب في تفاصيل الحياة اليومية التي تحوي الكثير من الأسرار والحكايات المتبخرة في الزمن، لذا فأنا أتمنى أن أصل من خلال مشروعي هذا إلى ما يشبه (الفقه المقارن) بالأسواق والمقاهي الشعبية القديمة في المنطقة، لما في ذلك من إتاحة الفرصة لحفظ وتسجيل وتوثيق صور شعبية نادرة وغارقة في التهميش، وهو تهميش لا تستحقه أبدا سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد، وسيكون هناك مشروع توثيقي لاحق لمشروعي الفني من خلال كتاب أعمل عليه ويحمل عنوان: ''يوميات في أسواق الخليج''·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©