الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كانت الأوامر: اقتل كل عربي تلقاه

كانت الأوامر: اقتل كل عربي تلقاه
27 مارس 2008 02:55
رغم المضايقات التي تعرض لها من قبل السلطة والمجتمع الإسرائيلي استطاع المؤرخ اليهودي إيلان بابي أن ينشر كتابه الأخير ''التطهير العرقي في فلسطين''· ذلك الكتاب الذي صدر في بريطانيا عام 2007 ليكشف للعالم حقائق جديدة حول الممارسات الصهيونية ضد الفلسطينيين في مرحلة نشأة الدولة العبرية· وتأتي أهمية الكتاب لما يتمتع به من مصداقية عالية كون مؤلفه مؤرخ إسرائيلي يتهم الكيان الصهيوني صراحة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مستنداً على تحليل وثائق تاريخية إسرائيلية أفرج عنها مؤخراً· كما يضاف إلى الكتاب قيمة أخرى وهو أن مؤلفه ''إيلان بابي'' أستاذ العلوم السياسية بجامعة حيفا وأحد المؤرخين الإسرائيليين الجدد من أصحاب الضمائر العلمية والإنسانية اليقظة وهو عضو معهد ''إميل توما للدراسات الفلسطينية'' ولديه العديد من المؤلفات التي تبحث في الصراع العربي الإسرائيلي· واشتهر عنه أنه لا يواري في سرد الحقائق ولا يتردد في مطالبة المجتمع الدولي بتجريم المسؤولين عن التطهير العرقي في فلسطين والمطالبة بعودة غير مشروطة لفلسطينيي المهجر وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي· الخطة داليت فضح ''بابي'' في كتابه عمليات الطرد القسري والتطهير العرقي للفلسطينيين من أراضيهم عام ·1948 وأكد على أن ما حدث لم يكن ظرفاً أملته الحرب بل جزء من الخطة الصهيونية لإنشاء دولة عبرية خالصة لليهود· وركز على الخطة دال -أو ''داليت'' بالعبرية- التي وضعتها الوحدات العسكرية الصهيونية في 10 مارس 1948 والتي كانت أهدافها تصفية الوجود الفلسطيني وتفريغ القرى الفلسطينية من سكانها وفرض السيطرة العسكرية عليها، بالإضافة إلى تفتيت المجتمع الفلسطيني في المدن وتحويله إلى شعب مشتت لاجئ وتوطين مهاجرين يهود بدلاً عنهم· وكلفت العصابات الصهيونية ''الأرجون'' و''شتيرن'' و''الليحي'' و''الهاجاناه'' بتنفيذ سلسلة من المجازر الجماعية واغتصاب النساء في معظم القرى والمدن الفلسطينية التي احتلتها بالقوة بهدف خلق أجواء من الرعب والخوف كي تكون بوقا ينذر من يبقى بالموت ويدعو إلى رحيل كل من يريد الحياة· من أبرزها مجازر دير ياسين وسعسع والصفصاف وعين زيتون وعيلبون والطنطورة وطيرة حيفا وبلد الشيخ· إضافة إلى عشرات المجازر غير المعروفة· وكان قائد الخطة ''دال'' هو ديفيد بن جوريون زعيم الحركة الصهيونية الذي وصمه المؤلف بلقب ''مهندس التطهير العرقي''· ويشير المؤرخ ''إيلان بابي'' الى أنه ما بين 30 مارس و15 مايو 1948 كانت القوات الصهيونية قد استولت على 200 قرية وطردت 250 ألف فلسطيني· وتم تنظيم جيش صهيوني قوامه 100 ألف مقاتل وهو أمر مذهل إذا عرفنا أن عدد اليهود لم يتجاوز آنذاك 600 ألف شخص· وفي غضون سبعة أشهر كان قد دمر 531 قرية عربية وأخلى 11 حياً عربياً من المدن الفلسطينية وهو ما يقرب من 80% من الفلسطينيين· أما النسبة الباقية فقامت ''إسرائيل'' بتطهيرها في أعقاب حرب عام ·1967 التطهير العرقي وخلص ''إيلان بابي'' في كتابه إلى أن ما حدث للفلسطينيين عام 1948 كان حالة تطهير عرقي واضحة تنطبق عليها التعريفات الدولية· وبالتالي يجب أن تقدم كل من القيادة الإسرائيلية وحكومة العمال البريطانية -بصفتها الدولة المحتلة التي تواطأت مع الصهاينة ونزعت سلاح الفلسطينيين بعد أن وعدت بحمايتهم- للمحاكمة لارتكابها جرائم ضد الإنسانية· فسياسة التطهير العرقي -كما عرفتها الأمم المتحدة- تهدف إلى تحويل منطقة تسكنها أعراق مختلطة إلى مساحة تتميز بالنقاء العرقي واعتبار أن كل الوسائل مبررة لتحقيق ذلك· وهذا ما حدث مع الفلسطينيين من خلال بث الخوف على نطاق واسع ومحاصرة وقصف القرى والتجمعات السكنية وإشعال النار في المنازل والحقول والبضائع وهدم الدور وزرع الألغام بين الأنقاض لمنع السكان المطرودين من العودة· ولقد اقتبس ''بابي'' عبارات وردت في وثائق الخطة ''داليت'' جاء فيها أوامر دقيقة وصريحة لأساليب طرد الناس عنوة· من بينها عبارة تحدد الهدف الرئيسي من العملية ''هو تدمير القرى العربية وطرد القرويين''· وفي حيفا كانت أوامر القيادات الصهيونية ''اقتل كل عربي تلقاه''· وحسب التعليمات العسكرية فإن الضابط الصهيوني عليه إعدام كل من هو قادر على حمل السلاح من 10 سنوات فما فوق· واقتبس بابي عبارة كتبها بن جوريون في مذكراته عام 1938 يقول فيها: ''إنني مع الطرد الإجباري ولا أرى أي شيء غير أخلاقي في ذلك''· وتعجب المؤرخ ''إيلان بابي'' كيف غفر العالم الغربي للحركة الصهيونية كل ممارساتها في فلسطين بينما لا زال يشعر بالمسؤولية الأخلاقية تجاه ضحايا النازية؟· وأشار إلى أن عدم محاسبة المجتمع الدولي للصهاينة ساهم في تغييب الضمير والأخلاقيات لدى القيادات الإسرائيلية· فما تقوم به إسرائيل الآن هو استمرار لما بدأ عام ·1948 أكاذيب وافتراءات ويشير مؤلف الكتاب في حوار أجري معه على موقع إلكتروني أن الوثائق الإسرائيلية تؤكد الروايات التي تناقلها الفلسطينيون عن 1948 وتكذب الروايات الصهيونية· فما حدث للفلسطينيين خضع لعملية تعتيم واسعة وتشويه متعمدة· فلقد حجبت إسرائيل كافة الوثائق والمستندات من التداول، وتجاهلت الكتب المدرسية هذه الأحداث بل وتم تزوير الحقائق والترويج للأكاذيب· فعمدت آلة الدعاية الصهيونية للترويج لأكذوبة أن الفلسطينيين باعوا بيوتهم لليهود وخرجوا منها طواعية··!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©