الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإحسان لليتيم

28 سبتمبر 2007 23:09
الإحسان لليتيم قربة من أعظم القربات، وكافل اليتيم ينعم بمرافقة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ''أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا'' وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما· رواه البخاري· والإحسان لليتيم من أعظم أبواب الخير التي حثت عليها الشريعة الإسلامية قال الله تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم) (البقرة: 215)· وقال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) (النساء: 36)· أفضل منزلة واليتيم هو من يموت أبوه كما قرر ذلك أهل اللغة، كما في لسان العرب وغيره، وهو يتيم حتى يبلغ الحلم، وهو بلوغ سن الخامسة عشرة، أو ظهور علامات البلوغ قبل ذلك· ولقد وردت أحاديث كثيرة في فضل كفالة اليتيم والإحسان إليه منها: عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا'' وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما· رواه البخاري· قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك· ثم قال الحافظ ابن حجر: وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى وهو نظير الحديث الآخر: ''بعثت أنا والساعة كهاتين''· وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ''من ضم يتيماً بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة'' رواه الطبراني وأحمد· وروى أبو يعلى بسند حسن، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''أنا أول من يفتح باب الجنة إلا أنى أرى امرأة تبادرني فأقول: ما لك ومن أنت؟ فتقول أنا امرأة قعدت على أيتام لى''· وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه؟ قال: ''أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك'' رواه الطبراني· وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ''الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله'' وأحسبه قال: ''وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر''· رواه البخاري ومسلم، وغير ذلك من الأحاديث· الكفالة التامة قال الإمام النووي: قوله -صلى الله عليه وسلم: ''كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة'' كافل اليتيم القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك وهذه الفضيلة تحصل لمن كفله من مال نفسه، أو من مال اليتيم بولاية شرعية· وأما قوله: ''وله أو لغيره'' فالذي له أن يكون قريباً له كجده وأمه وجدته وأخيه وأخته وعمه وخاله وعمته وخالته وغيرهم من أقاربه، والذي لغيره أن يكون أجنبياً· وإنفاق المال على اليتيم قد ورد الحث عليه بخصوصه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ''إن هذا المال خضرة حلوة فنعم صاحب المسلم، ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل''، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم· رواه البخاري ومسلم· لكن هذه النفقة ليست هي كل الكفالة التي ندب ودعا إليها الشرع، ووعد فاعلها بالمنزلة العظيمة في الجنة، وإنما هي نوع منها، وشعبة من شعبها، وإنما الكفالة التامة: القيام بأمره، والنظر في مصالحه الدينية والدنيوية، وتربيته، والإحسان إليه حتى يزول يتمه· قال ابن الأثير: الكافل هو القائم بأمر اليتيم، المربي له· وكما عرف النووي، رحمه الله، في كتابه رياض الصالحين، كافل اليتيم بأنه القائم بأموره، قال شارحه: ديناً ودنيا، وذلك بالنفقة والكسوة، وغير ذلك· وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: كفالة اليتيم هي القيام بما يصلحه في دينه ودنياه؛ بما يصلحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم، وما أشبه ذلك، وما يصلحه في دنياه من الطعام والشراب والمسكن· ودخول مصالح اليتيم الدينية والتربوية في معنى الكفالة، ليس أقل من دخول المصالح المادية الدنيوية، بل هي أولى، كما أن قيام الأب على تربية أبنائه وتأديبهم، أعظم من مجرد إنفاقه عليهم· قال الشيخ ابن سعدي في تربية الإنسان لأبنائه: كما أنك إذا أطعمتهم وكسوتهم وقمت بتربية أبدانهم، فأنت قائم بالحق مأجور، فكذلك، بل أعظم من ذلك، إذا قمت بتربية قلوبهم وأرواحهم بالعلوم النافعة، والمعارف الصادقة، والتوجيه للأخلاق الحميدة، والتحذير من ضدها· ومن أفضل ما قرأت فى فضل كفالة اليتيم ما حكاه الإمام الذهبي -رحمه الله- في كتابه ''الكبائر'' عن بعض السلف قال: كنت في بداية حياتي منكباً على المعاصي وشرب الخمر، فظفرت يوما بصبي يتيم ، فأخذته وأحسنت إليه وأطعمته وكسوته وأكرمته كما يكرم الرجل ولده بل أكثر، فبت ليلة فرأيت في النوم أن القيامة قامت ودعيت للحساب وأمر بي إلى النار، لسوء ما كنت عليه من المعاصي، فسحبتني الزبانية ليمضوا بي إلى النار وأنا بين أيديهم حقير ذليل، إذ بذلك اليتيم قد اعترضني في الطريق، وقال خلوا عنه يا ملائكة ربي حتى أشفع له إلى ربي فإنه قد أحسن إليّ وأكرمني فقالت الملائكة: إنا لم نؤمر بذلك، وإذا النداء من قبل الله تعالى يقول: خلوا عنه فقد وهبت له ما كان بشفاعة اليتيم والإحسان إليه، فاستقمت وتبت إلى الله وبذلت جهدي في إيصال الرحمة إلى الأيتام·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©