الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حماس ··· هل تمتلك السلام والاستقرار؟!

حماس ··· هل تمتلك السلام والاستقرار؟!
27 مارس 2008 02:34
بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير ،2006 كانت استجابة المجتمع الدولي سريعة، وواضحة وبالإجماع تقريبا، وهي أن تلك الحركة السياسية المتطرفة يجب أن تُعزل، وتُحرم من الدخول في أي مفاوضات مع المجتمع الدولي ما لم تعترف بإسرائيل، وتشجب العنف، وتوافق على الاتفاقات السابقة التي تم التوقيع عليها في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط· بعد مرور عامين على هذا التاريخ، ظهرت بعض الشقوق في جدار الرفض لحماس، حيث بدأنا نسمع بعض الدبلوماسيين الغربيين، بل وبعض المسؤولين الإسرائيليين، يتساءلون علنا عما إذا كان الوقت قد حان لمشاغلة تلك المنظمة، التي لا تزال تقود قطاعا كبيرا من الشعب الفلسطيني؟ ونفس هذا السؤال قد بدأ يتردد في واشنطن وإن بصيغة أخرى وهي: ''إذا ما كانت الولايات المتحدة قد قررت التحدث مع عدوها اللدود إيران للحصول على بعض الأشياء التي تريدها في العراق، فما الذي يمنعها من محاولة تلمس ما يمكن الحصول عليه من خلال الجلوس مع حماس؟''· حتى الآن لم تغير إدارة ''بوش'' موقفها الرافض للدخول في أي مباحثات مع حماس، كما أن ''ديك تشيني'' نائب الرئيس الأميركي لم يظهر خلال زيارته الأخيرة إلى ''رام الله''، أي علامة تدل على أن إدارة بلاده قد خففت موقفها تجاه ''حماس'' بل لوحظ أنه قد وجه اتهاما صريحا للمنظمة مؤداه، أنها تفعل كل ما في مقدورها لنسف عملية السلام في الشرق الأوسط· وهناك في الوقت الراهن مقاربة أخرى تنتهجها أميركا وهي تشجيع مصر على القيام بدور الوسيط في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و''حماس''؛ كما أن هناك مقاربة أوروبية تتمثل في جهد متنام لإجراء اتصالات مع ''حماس''، ويعلق ''جون هلسمان'' -الباحث المقيم في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية في برلين- على ذلــك بقولــه: ''إن التغير البادي في الموقف من حماس، ليس مرجعه أننا قد بدأنا نحب حماس فجأة، ولكن مرجعه ببساطة أن تلك المنظمة تمتلك الشيئين اللذين تريدهما إسرائيل، وهما السلام والاستقرار''· والسبب الرئيسي في الشك المتنامي حول إمكانية نجاح استراتيجية عزل ''حماس'' هو أن تلك الاستراتيجية لم تمض على النحو المخطط لها، حيث كان الغرض منها هو إضعاف حماس، من خلال احاطتها بالمشكلات، ما يجعل الناخبين الفلسطينيين ينفضون عنها، وهو الشيء الذي لم يحدث حيث زاد وضع المنظمة رسوخا بدلا من أن يحدث العكس، كذلك فإن السياسة القائمة على دعم الرئيس الفلسطيني المعتدل محمود عباس، وترسيخ مكانته في أوساط الفلسطينيين، لتشجيعهم على البعد عن زعماء حماس مثل ''اسماعيل هنية'' فشلت هي الأخرى· ففي استطلاع أجراه ''المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية'' في رام الله، تبين أن عددا متناميا من الفلسطينيين يفضلون حماس على فتح، وأن العديد منهم يؤيدون الهجمات الصاروخية لحماس على المدن الإسرائيلية الجنوبية (وغيرها من وسائل الرد على الهجمات الإسرائيلية)، وقد أظهر ذلك البحث أنه وإن كان ثلثا الشعب الفلسطيني يؤيدون حل الدولتين، إلا أنهم سينتخبون ''هنية'' رئيسا بدلا من ''عباس''، وهي محصلة معاكسة للمحصلة التي توصل إليها استطلاع أُجري في ديسمبر الماضي من قبل نفس المركز، يعلق السيد ''هلسمان'' على نتائج هذا الاستطلاع بالقول: ''إن تلك النتائج تظهر مدى إخفاق المقاربة الدولية لحماس، وتعتبر بمثابة نداء إيقاظ بالنسبة للأوروبيين على وجه الخصوص''· إن التفكير الأوروبي المتغير نحو ''حماس''، وجد تعبيرا له هذا الشهر على لسان وزير الخارجية الإيطالي ''ماسيمو دالما'' الذي أشار إلى استطلاع رأي أظهر أن بعــض الإسرائيليين يؤيــدون المحادثــات مـــع ''حماس'' ويرون أنها تتحكـــم في جزء مهم من الأراضي الفلسطينية، وإنهم إذا ما كانوا يريدون السلام حقا، فإنهم لا بد أن يوافقوا على إشراك المنظمة في المفاوضات المؤدية إليه، وهو ما رد عليـــه وزير إسرائيلي بتصريح مضاد لوكالة الأنباء الإيطالية ANSA قال فيه: ''إن أي جهة تدعونا للتفاوض مع حماس، إنما تدعونـــا في الحقيقة للتفاوض على حجم أكفاننا، وعــدد الزهـــور التي سيتــم وضعهـــا علـى كــل كفــن''!· ربما يقصد الوزير الإسرائيلي بكلمة ''أي جهة'' الولايات المتحدة على وجه التحديد، لأنها هي الجهة التي تشجع مصر على العمل كوسيط بين إسرائيل و''حماس''، من أجل تعزيز المفاوضات التي ستؤدي إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين، ويشار في هذا السياق إلى أن وزارة الخارجيـــة الأميركية قد وضعت مؤخرا سؤالا على موقع مدونة Dipnote تحت عنوان ''سؤال الأسبوع'': هل يجب على الولايات المتحدة إشراك حماس في عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟؛ ويقول ''روبرت ساتلوف'' -المدير التنفيذي لـ''معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط''-: إن الجدل الدائر في واشنطن في الوقت الراهن بشأن حماس، وصعوبة استبعادها من عملية الســـلام، وضرورة التعامل معها يعكس نوعــا من القبول ببربريتهـــا، واعترافا بضرورة ضمها للعملية السلمية في نهاية المطاف''· ولكن ''روبرت مالي'' -مدير ''برنامج الشرق الأوسط لمجموعة الأزمات الدولية'' التي تتخذ من بروكسل مقرا لها- يقول: ''إن الموضوع لا يتعلق بضم حماس للعملية السلمية، أو عدم ضمها وإنما يتعلق في الأٍساس بالإدراك المتزايد لحقيقة أن سياسة فرض العزلة على حماس ليست بالأداة الدبلوماسية الفعالــة''، ويضيف ''مالي'' أيضا: ''إن المهم في الوقت الراهن هو معرفة ما هي الأشياء التي تصلح، وما هي الأشياء التي لا تصلح، وما هي الاستراتيجيات البديلة، أما بالنسبة للاستراتيجية التي اتبعها المجتمع الدولي في التعامل مع ''حماس''، فإن ما يمكن قوله هو إن تلك الاستراتيجية لم تنجح''· هوارد لا فرانشي محرر الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©