الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلاف فقهي حول البصمة الوراثية

خلاف فقهي حول البصمة الوراثية
28 سبتمبر 2007 00:13
مع تزايد قضايا إنكار النسب في بعض المجتمعات الإسلامية اليوم، ومنها على سبيل المثال وجود نحو 15 ألف دعوى إنكار النسب أمام المحاكم المصرية، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى بجواز استخدام البصمة الوراثية أو ما يعرف بتحليل الحمض النووي ''دى إن إيه'' لإثبات النسب، وفي الوقت نفسه رفضت لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الاعتماد على تحليل الـ''دى إن إيه'' لمعرفة نسب الطفل، خصوصاً في حالات الزواج السري أو العرفي الذي ينكره الزوج، وينكر ما يترتب عليه، وأن هذه التحاليل ليست قطعية الدلالة، كما أن احتمالات التلاعب في نتائجها واردة· لا مانع شرعاً الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية برر فتواه بجواز الاعتماد على تحليل البصمة الوراثية في إثبات النسب بأن الإسلام يدعو إلى الأخذ بكل الوسائل العلمية لإثبات النسب، وأنه يثبت بكل الوسائل كالشهادة والإقرار والقيافة وغيرها· وقال: إن ثبوت النسب لا يقتصر على الزواج الصحيح، وإنما يثبت أيضا بالزواج الفاسد، وبالوطء بشبهة، لأن الشرع يتشوف إلى إثبات النسب مراعاة لحق الطفل، مشيرا إلى أنه لا مانع شرعاً من إلزام المنكر بإجراء تحليل الحمض النووي لإثبات النسب· حالات معينة ويؤكد الدكتور أسامة عبد السميع الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر أن المجتمع الإسلامي عرف في الماضى مهنة ''القيافة''، وهي عبارة عن ملكة فنية تمكن من يتوافر فيه صفات معينة أن يعرف وجه الشبه بين شخص وآخر سواء كان الأب وابنه أو الأخ وأخيه، وهكذا· ويطلق على من يقوم بذلك اسم ''القائف''· وأشار إلى وجود وسائل عديدة لإثبات النسب، منها الطرق التقليدية مثل القيافة والإقرار والشهادة وتشمل الرؤية والسماع، وهناك طرق حديثة تتمثل في البصمة الوراثية، وهي عبارة عن أخذ عينة من دم الطفل أو الحيوانات المنوية أو الشعر أو الأنسجة، وهى تعتبر قرينة من قرائن إثبات النسب· وحول جواز إعمال البصمة الوراثية في مجال النسب يقول الدكتور أسامة: بصفة أصلية لا يجوز إعمال البصمة الوراثية في إثبات النسب إذا كان الرجل متزوجاً من امرأة حتى لا يفتح هذا الباب وتثار المنازعات إلا إذا ثبت لدى الزوج بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الولد ليس ابنه حقيقة، ففي هذه الحالة يجوز اللجوء إلى طريق البصمة الوراثية، لكن يظل الأصل كما هو في عدم جواز استخدامها لأن ''الولد للفراش''، بمعنى أنه لو نتج عن هذا الزواج فإنه يثبت بصفة تلقائية للزوج· فقاعدة ''الولد للفراش'' أقوى من البصمة الوراثية، لأنه ليس من المنطقي أن ألجأ إلى طريق ضعيف على حساب طريق قوي، لكننا نفترض أن الزوج كان غائبا لمدة سنة كاملة وجاءت الزوجة بولد، هنا لن نقول ''الولد للفراش'' لأن الزوج لم يكن موجودا، وعندما ينفي نسب الولد عنه يكون على حق وهنا إذا لجأ إلى البصمة الوراثية فيجوز إعمالها والأخذ بنتائجها· وإننا إذا طبقنا الطرق التقليدية على الوقائع الحديثة ولم تحقق النتيجة المرجوة فيمكن اللجوء إلى الطرق الحديثة كالبصمة الوراثية· جائز وهام وقال الدكتور عطا السنباطي أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر: إن الشريعة الإسلامية حصرت حالات عدم ثبوت النسب في ابن الزنا والتبني وعند وقوع اللعان، مشيرا إلى أن الشارع الحكيم يتشوف لثبوت النسب ويحتاط له ولا يحتاط عليه، فيثبت النسب بأدنى شبهة رعاية لمصلحة الطفل وحفاظا على نسبه من الضياع، وقد ذكر العلماء أن النسب يثبت بالفراش، وقال بعضهم إن النسب يثبت بمجرد عقد الزواج، واشترط البعض الآخر إمكان الالتقاء بالمرأة، واكتفى بعضهم بالعقد حتى ولو لم يكن اللقاء متصورا وهذا رعاية لمصلحة الأبناء· وأوضح أن النسب يثبت بالفراش وبالعقد وبالإقرار وكذلك بالبينة وشهادة الشهود وبالقائف، أي تتبع الصفات وإلحاقها ببعضها -وهذا شبيه اليوم بالبصمة الوراثية وتحليل الـ(دي إن إيه)، وهذا كان موجودا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه هي الوسائل التي كانت متاحة في عصرهم، بخلاف هذا العصر الذي نعيش فيه، حيث التقدم العلمي الكبير لدرجة أن إمكان الوقوف على الأنساب أصبح سهلا من خلال البصمة الوراثية أو الـ(دي إن إيه)· وأن الأخذ بالبصمة الوراثية جائز وهو أسلوب له أهميته في العصر الذي نعيش فيه· ورقة ضغط وعلى الجانب الآخر يرفض الدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق الأخذ بتحليل الحمض النووي في إثبات النسب· قائلا إن هذه التحاليل ليست قطعية الدلالة ولا يمكن أن تصل نسبة التأكد منها إلى 100%، كما أن احتمالات التدخل البشري والتلاعب لمصلحة طرف دون آخر تظل واردة سواء في العينة نفسها، أو في الشهادات والتقارير الطبية الصادرة· وأن دور هذه التحاليل يقتصر فقط على كونها ورقة ضغط قد تستخدم كمحاولة لإرغام الطرف الآخر على الاعتراف بأبوته، موضحا أنه إذا تيسر إجراء هذا التحليل فإن نتائجه لا تكون ملزمة للقاضي لأن كل الأدلة تظل محل قبول أو رفض ويمكن الأخذ بها أو الالتفات عنها
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©