الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لام أكول سياسياً ودبلوماسياً

19 ابريل 2009 02:43
قد يختلف كثير من الناس حول مواقف وأفكار وزير الخارجية السوداني السابق القيادي الكبير في ''الحركة الشعبية لتحرير السودان'' د. لام أكول. ولكن الذي لا خلاف عليه بين خصومه وأصدقائه السياسيين هو أنه واحد من أذكى وأبرع السياسيين السودانيين من جيل ما بعد أكتوبر، ومن أكثرهم مقدرة على المناورة والعمل السياسي في أجواء السودان المضطربة عامة والجنوبية خاصة. وقد برز اسمه بعد انتفاضة أبريل الشعبية واعتبر في الخرطوم الممثل الأكثر حضوراً للجنوبيين في الجبهة الوطنية التي قادت تلك الانتفاضة. وبرز لام أكول أكثر عندما اعتمدته الحركة الشعبية رئيساً لوفدها الذي فاوض التجمع الوطني الديمقراطي في القاهرة ووافق باسمها على إعلان انضمام الحركة الشعبية للتجمع. وللحق والتاريخ فإن في كثير من التعديلات والتحسينات التي أجريت على ميثاق التجمع الوطني كان للدكتور لام أكول ورفاقه في وفد الحركة جهد فكري ملحوظ ومشهود. وقد صحبت مسيرة القيادي الجنوبي السياسية أحداث وأحداث ووقعت بينه وبين قيادة الزعيم جون قرنق خلافات وصراعات وصلت حد الاقتتال الدامي في مدينة الناصر (عندما عرفت جماعته فيما بعد بجماعة الناصر).. وتقلبت به مسيرة الحياة السياسية واختلفت حتى مع بعض زملائه من جماعة الناصر وشارك بنشاط في اتفاق القصر بين حكومة الإنقاذ والجماعات المنشقة عن الحركة الشعبية وأصبح وزيراً مركزياً لوزارة النقل والمواصلات. وقبل بدء المفاوضات بين الحركة الشعبية وحكومة الإنقاذ وبفضل جهود أفريقية ودولية استجابت أطراف الحركة الشعبية المبعثرة لصوت العقل ونصيحة الأصدقاء وعادت إلى الحركة الشعبية واعترفت بقيادة وزعامة قرنق، وهكذا أصبح لام أكول وزيراً للخارجية السودانية ممثلا للحركة الشعبية في حكومة الشراكة بين الحركة و''حزب المؤتمر الوطني''. وعرف المجتمع الدبلوماسي وزيراً مقتدراً من بين قلة من السياسيين الجنوبيين والشماليين. لكن الصراعات الداخلية في الحركة الشعبية (وهي صراعات وخلافات لها جذور قديمة) أطاحت به من وزارة الخارجية وفرضت الأغلبية الحزبية وزيرها وأصبح لام أكول ''مشكلة'' قادت إلى أزمة بين الحركة وشريكها في الحكم.. وحاول خصومه من رفاقه في الحركة تهميشه و''اغتياله'' سياسياً واتهموه بأنه أقرب لحزب المؤتمر الوطني من الحركة، وأنه ينفذ سياسة المؤتمر وليس سياسة الحركة الشعبية. لكن السياسي الذكي والمتمرس ظل متمسكاً بعضويته في الحركة، وبقي كما كان من قبل وبعد الوزارة رقماً سياسياً لا يمكن تجاوزه في لعبة السياسة السودانية المعقدة. إن مناسبة هذا الحديث عن د. لام أكول هو الحوار الساخن الذي أجراه معه التلفزيون البريطاني في برنامجه الشهير ''حديث ساخن''، ولقد رأيت كيف استطاع أن يضع المذيع ومعد البرنامج في الكرسي الساخن. وكيف أنه بدبلوماسيته وهدوء أعصابه يعبر عن وجهة نظر سودانية- جنوبية فشل السياسيون الغربيون في إدراكها وفهم موقف الحركة الشعبية (ولنقل الجنوب) في قضية المحكمة الجنائية ضد الرئيس البشير. وعندما قال له المذيع البريطاني إنك تبدو لي وكأنك محامي البشير، وكررها أكثر من مرة، قال له إنني لست محامياً موكلا من الرئيس، لكن عندما أقول لك إنه لو ظل مجلس الأمن ومحكمته مستمرين في سياساتهما الحاضرة فإن الحظر لن يهدد سلامة الرئيس ولكنه سيهدد السودان كله وأوله السلام الذي حققته اتفاقية نيفاشا. وسيشمل الخطر سلام دارفور المطلوب وسلام الشرق وكل أقاليم السودان. ولم يجبن أو يتهرب عندما وجه له المذيع أسئلة اعتبرها محرجة عن أداء حكومة الجنوب وأحوال الجنوب مما يهدد -في نظر البعض- بعودة الجنوب إلى الحرب مرة أخرى. فقال له إن في الجنوب مشاكل وأمام الحكومة معوقات عديدة وذلك أمر طبيعي في بلد ظل في حالة حرب أهلية لعقود من الزمن، لكن الأمر المركزي والمهم والذي اتفق عليه السودانيون هو السلام وألا عودة للحرب. نعم قد يختلف الناس حول آراء ومواقف د. لام أكول لكن المؤكد أنه سياسي سوداني متميز وممتاز وخسارته ليست لحزبه فقط، بل هي للسودان كله. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©