الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشطب الإجباري يطيح أسهم صغار المستثمرين في القاهرة

الشطب الإجباري يطيح أسهم صغار المستثمرين في القاهرة
12 مارس 2010 21:14
بين فترة وأخرى يشهد شارع البورصة المصرية بوسط القاهرة مظاهرة صغيرة أو تجمعاً غاضباً لعدد كبير من صغار المستثمرين يطالبون المسؤولين بالتدخل لحماية حقوقهم، التي تتعرض للإهدار بسبب الشطب الإجبارى، الذي يقوم به مجلس إدارة البورصة لأسهم الشركات التي لم تنجح في توفيق أوضاعها الإدارية والمالية وفق قواعد القيد الجديدة، التي أقرتها هيئة الرقابة المالية غير المصرفية، وبدأ مجلس إدارة البورصة تطبيقها أول يناير الماضي. ورغم نجاح عدد من الشركات التي تم شطبها إجبارياً في العودة مؤخراً للقيد من جديد بعد توفيق أوضاعها، فإن هناك عدداً آخر من هذه الشركات، ومن بينها شركات يمتلك المال العام نسبة غالبة من رأسمالها، لم تستطع حتى الآن توفيق أوضاعها بسبب تردي أحوالها المالية، مما دفع كثيرين إلى مطالبة هيئة الرقابة المالية، ومجلس إدارة البورصة المصرية، بتطبيق آليات تتيح لصغار المساهمين الاسترشاد بسعر عادل للسهم يحدد عن طريق مستشار مالي مستقل، للحد من التلاعب في الأسعار، والارتفاعات السعرية غير المبررة التي يقوم به كبار المضاربين، والتي لا تعكس القيمة العادلة لأسهم الشركات بناء على القوائم المالية الحقيقية، وذلك تحقيقاً لقواعد الشفافية والإفصاح التي نصت عليها قواعد القيد والشطب الجديدة. وقد عكست المظاهرات والاعتراضات التي قام بها الأسبوع الماضي عدد كبير من صغار المستثمرين في شركة النيل للكبريت، حقيقة الأزمة التي يواجهها صغار المستثمرين في البورصة المصرية، بسبب إصرار هيئة الرقابة المالية على تطبيق قواعد القيد والشطب الجديدة من دون توفير آليات لحماية هؤلاء المستثمرين من التداعيات السلبية لتطبيق هذه الإجراءات، والتعرض لخسائر بسبب التراجع الكبير في أسعار أسهم الشركات المشطوبة في “سوق خارج المقصورة” أو ما يعرف باسم “سوق الأوامر”، وهي السوق غير الرسمية للتداول على الأسهم في مصر، وتعتبر “سوق تخارج” تهوي بأسعار أسهم الشركات المشطوبة. وهذه السوق من المفروض أنها انتقالية، تسمح للشركات غير المقيدة في البورصة أو السوق الرسمية، بتوفيق أوضاعها تمهيداً للدخول أو القيد مرة أخرى. «النيل للكبريت» وكانت أسهم شركة النيل للكبريت، التي تمتلك فيها الشركة القابضة للصناعات الكيماوية المملوكة للدولة أغلبية الأسهم، أكثر الأمثلة الصارخة على وقوع ضحايا في البورصة المصرية. فقد اندلعت الأزمة بين المساهمين والشركة القابضة، بعد أن قرر مجلس إدارة البورصة المصرية شطب الشركة من جداول البورصة، لعدم التزامها بقواعد القيد فيما يتعلق بالمعايير المالية، الأمر الذي هوى بسعر السهم في سوق خارج المقصورة من 34 جنيهاً إلى 8,5 جنيه، مما دفع المساهمين للتظاهر أمام الشركة للمطالبة بعقد جمعية عمومية غير عادية لتصفية الشركة، وهو ما رفضته الشركة القابضة، والتي عرضت على المساهمين شراء أسهمهم بسعر يقارب 25 جنيهاً للسهم، بينما باعت لهم السهم خلال العام الماضي بسعر 44,48 جنيه، وهو ما يعني أن الشركة القابضة ـ من وجهة نظرهم ـ قد خدعتهم، ولم تكشف عن حقيقة الأوضاع المالية لشركة النيل للكبريت قبل عملية البيع. وكانت الشركة القابضة قد باعت حوالي 500 ألف سهم اشتراها صغار المدخرين على أمل الحصول على أرباح أو بيعها بسعر أعلى من خلال البورصة الرسمية، وهو ما لم يتم بسبب الشطب، وبذلك لم يعد أمام المساهمين سوى الانتظار لموعد الجمعية العمومية العادية في أبريل المقبل للمطالبة بتصفية الشركة. وقال عادل الموزي ـ رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية ـ إن الأزمة المالية التي تعرضت لها الشركة حدثت بسبب منافسة الكبريت المستورد للكبريت المحلي، وعدم تحديث خطوط الإنتاج، حيث لجأت الشركة لطرح جزء من أسهمها في السوق للحصول على سيولة، إلا أنها تعرضت لخسائر بلغت 34 مليون جنيه في عام واحد، بينما يبلغ رأسمالها المدفوع 20 مليون جنيه فقط. أزمة متكررة وتكررت أزمة صغار المساهمين في النيل للكبريت في عدد آخر من الشركات المساهمة، التي لم تلتزم مجالس إداراتها بتوفيق أوضاعها وفقاً لقواعد القيد والشطب الجديدة في البورصة، حيث استطاع كبار المضاربين بالتآمر مع بعض المسؤولين بها واستغلال مواقعهم للتلاعب في أسعار أسهم الشركات، والصعود بها إلى مستويات غير مبررة بالنسبة لأوضاعها المالية، مما عرض البورصة المصرية لمضاربات غير صحية، أضرت بأسعار الأسهم الجيدة، وتدفع مؤشرات قياس الأسعار للارتفاع بنسب عالية على أسهم لا تساوي شيئاً كما يقول أحد السماسرة بالسوق، حيث رفعت هذه المضاربات التي لعبت فيها الشائعات دوراً رئيساً، أسهم كثير من الشركات لمستويات سعرية تجاوزت 500 في المئة من أسعار التداول خلال فترة وجيزة. وهو ما كشفته هيئة الرقابة المالية في قضيتين أحيلتا إلى القضاء، وقضى فيهما بالحبس والغرامة للمتورطين. أولاهما شركة النيل لحليج الأقطان، وقضى فيها بالحبس سنة وغرامة 100 ألف جنيه لرئيس مجلس الإدارة و13 مستثمراً في البورصة، والثانية ضد 3 من أعضاء مجلس إدارة شركة “بايونيرز” و6 مستثمرين بالحبس سنة وغرامة قدرها 10 ملايين جنيه. ورغم أن نصوص قانون سوق المال تسمح بالتصالح مع الشركات المخالفة، بمضاعفة قيمة الغرامة المالية، إلا أنه وفقاً لتصريحات المسؤولين بها، فإن الهيئة تتجه إلى التشدد في مسألة التصالح مع المخالفين من خلال وضع قواعد أكثر صرامة للحد من ظاهرة “التربيطات” بين الشركات العاملة في السوق، ومراقبة عمليات تبادل المعلومات بين الشركة الأم والشركات التابعة لها، للحد من تسرب المعلومات من خلال أعضاء مجالس الإدارات، وتنشيط دور الرقابة الداخلية، وقواعد الحوكمة المالية والإدارية، والتشدد في تطبيق قواعد القيد والشطب بجداول البورصة، وهو الأمر الذي دفع مجلس إدارة البورصة في أكتوبر الماضي إلى إيقاف التعامل على 29 سهماً لحين الإعلان عن خطتها عن توفيق أوضاعها المالية، و تحديد سعر عادل لأسهمها، بسبب الارتفاعات غير المبررة لها، كما رفض إعطاء مهلة للشركات التي لم توفق أوضاعها طبقاً لقواعد القيد الجديدة بالبورصة، وشطب الشركات التي لم توفق في تنفيذ ذلك من أول يناير الماضي. توفيق الأوضاع ورغم أن بعض الشركات استطاعت توفيق أوضاعها والمحافظة على حقوق المساهمين فيها، فإن البعض الآخر لم يستطع حتى الآن، وترك صغار المساهمين لسوق خارج المقصورة، مما دفع مجلس إدارة البورصة لإرسال مذكرة إلى هيئة الرقابة المالية يقترح فيه تطبيق اأاليب تقويم لهذه السوق مثل المطالبة بمد فترة التسوية إلى أربعة أيام في يناير الماضي ثم بعد ذلك إلى ستة أيام في الشهر الجاري، وذلك حسب التصريحات التي أدلى بها رئيس البورصة ماجد شوقي وقتها، وقال إن المجلس رأى عدم المطالبة بإلغاء هذه السوق رغم مخاطرها خوفاً من أن يتسبب الإلغاء في هزة كبيرة في السوق، تعرض صغار المساهمين والمستثمرين لخسائر كبيرة نتيجة الإلغاء الفجائي. ويرى محللون ماليون أنه في الوقت الذي تتجه فيه هيئة الرقابة المالية للتشدد في تطبيق قواعد الإفصاح حماية للمساهمين، فإنها في الوقت نفسه مطالبة بإيجاد آلية تضمن معرفة صغار المساهمين للسعر العادل للسهم، حتى يمكن حمايتهم من عدم الشفافية التي تمارسها بعض الشركات، ويستغلها كبار المضاربين الذين يصلون إلى المعلومات عن الأوضاع الحقيقة للشركات، والتي تمكنهم من معرفة السعر العادل للسهم. ويقترح البعض أن تقوم هيئة الرقابة المالية بإلزام الشركات بتعيين مستشار مالي مستقل للشركة يعلن السعر أو القيمة العادلة للسهم وقت مناقشة الميزانية. ويعترض بعض السماسرة على هذه الفكرة التي أكدها مجلس إدارة البورصة. ويرون أن هناك صعوبة في تحديد سعر عادل للسهم لاعتماد السوق على آليات العرض والطلب، ويمكن للمستثمر الاستعانة بمؤشر مضاعف الربحية لمعرفة القيمة السوقية العادلة للسهم، وإن كان يمكن لمجلس إدارة البورصة في حالة تجاوز المضاربات على أسهم بعض الشركات، الإعلان عن حدود سعرية إجبارية لهذه الأسهم ويجب ألا تتخطاها، من خلال مستشار مالي مستقل. ويرى الخبير المالي أحمد ترك أن تحديد سعر عادل أمر مطلوب لإصلاح الأوضاع في البورصة، حيث يمكن أن يكون بمثابة مؤشر سعري، يبين مدى قرب سعر السوق من السعر العادل للسهم، مما سيدفع الشريحة الكبرى من المستثمرين إلى الاعتماد على التحليل الفني بدلاً من الجري وراء الشائعات التي يروجها كبار المضاربين وتعرض صغار المساهمين لخسارة فادحة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©