الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحسبة وسيلة للدفاع عن المجتمع المسلم أُسيء استغلالها

الحسبة وسيلة للدفاع عن المجتمع المسلم أُسيء استغلالها
25 سبتمبر 2007 23:17
الحسبة من أكثر القضايا التي أثارت جدلاً على الساحة الإسلامية في بعض المجتمعات الإسلامية خلال السنوات العشر الأخيرة، فقد استغلت دعاوى الحسبة استغلالاً واسعاً في محاربة بعض الانحرافات مثل الملصقات التي تعلن عن الأفلام السينمائية في الشوارع، وتتضمن صوراً عارية· كما استخدمت لمنع بث بعض الأفلام والمسلسلات التي تسيء لبعض القيم الإسلامية وتقاليد المجتمع، وكذلك ضد الكتابات التي تشتمل على آراء واجتهادات تشكك في أمور استقر عليها المسلمون منذ مجيء الرسالة، وكذلك استخدمت للحصول على أحكام بارتداد بعض الأشخاص والتفريق بينهم وبين زوجاتهم، كما حدث مع الدكتور نصر حامد أبوزيد الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة، والذي اضطر إلى السفر إلى الخارج وبالتحديد إلى هولندا بعد صدور حكم قضائي بالتفريق بينه وبين زوجته، أيضا رفعت دعاوى حسبة ضد الدكتور حسن حنفي وخليل عبد الكريم والدكتور سيد القمني والمستشار سعيد العشماوي والدكتورة نوال السعداوي وغيرهم· مخاوف وتخصص عدد من الدعاة والعلماء والمحامين في رفع دعاوى الحسبة، ويأتي في مقدمتهم الشيخ يوسف البدري والدكتور يحيى إسماعيل والمحامي نبيه الوحش· ومع تزايد دعاوى الحسبة وإساءة استغلالها اضطر المشرع المصري في عام 1996 إلى تقييد حق رفع دعاوى الحسبة ومنعها على الأفراد، وقصرها فى إطار الادعاء العام، ورغم ذلك هناك بعض الدعاوى التي ترفع من جانب الأفراد· وقد عادت الحسبة لتطرح نفسها على الساحة من جديد بعد دعوة مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر إلى ضرورة التصدي للأفكار الشاذة التي يطرحها بعض الكتاب والمفكرين من خلال رفع دعاوى حسبة ضدهم· وقد أثارت هذه الدعوة المخاوف من جديد من عودة الحسبة وإساءة استغلالها من بعض الأشخاص الراغبين في الشهرة وإثبات وجودهم والظهور بمظهر المدافعين عن الإسلام· حق أصيل من جانبه، أكد الدكتور يحيى إسماعيل الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر أن الحسبة حق أصيل لكل مسلم، موضحاً أنه من حق أي مسلم أن يرفع دعوى حسبة ضد الأفكار الشاذة التي تتضمنها بعض الكتب والمؤلفات، كما سبق وفعلنا مع كتب نصر حامد أبوزيد وحسن حنفي وسيد القمني وخليل عبد الكريم وغيرهم، منتقداً حظر رفع دعاوى الحسبة على الأفراد في القانون المصري لأن ذلك يجرد المسلم من سلاح مهم يحافظ به على هويته وعقيدته· وأضاف: الحسبة لم يسأ استغلالها كما يدعي البعض، لكن كثرة دعاوى الحسبة ضد الأفكار الشاذة التي يطرحها تيار التغريب والعلمانية دفعت إلى الضغط من أجل إلغاء حق الأفراد في رفع هذه الدعاوى، مشيرا إلى أن كل قضايا ''الحسبة'' التي تم رفعها خلال السنوات الماضية كانت ضد مخالفات وانحرافات حقيقية تخالف تعاليم الإسلام· الفكر بالفكر وعلى عكس الرأي السابق يرى الدكتور حسن الشافعي الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة أن الحسبة أسيء استغلالها من جانب بعض الأشخاص بالفعل، ولذلك كان من الطبيعي أن يتدخل المشرع المصري لمنع الأفراد من ممارسة هذا الحق، معرباً عن رفضه لاستخدام الحسبة في مواجهة الأفكار التي قد تبدو مخالفة أو هي مخالفة بالفعل لتعاليم الإسلام في بعض الكتابات والمؤلفات، لأن مواجهة الفكر تكون بالفكر وليست بالدعاوى القضائية أو ما شابهها، وهذا مبدأ معروف في المجتمعات الإسلامية منذ القدم، فقد كانت هناك أفكار كثيرة منحرفة ومضللة· ويرد عليها العلماء بكتب ورسائل منها على سبيل المثال كتاب ''الصارم المسلول على من سب الرسول''· وعنوان الكتاب يوحي بأن هناك من كتب كتابا هاجم فيه رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- فتم الرد عليه من خلال كتاب آخر لبيان خطئه وضلال فكره، وهذا منهج استخدم استخداما واسعا بين الفرق الكلامية والفلاسفة والتيارات المختلفة التي تكلمت في شؤون العقيدة الإسلامية، لكن لم يكن أحد من المسلمين يفكر أبدا في جر أصحاب الآراء الخاطئة إلى ساحات القضاء كما نفعل نحن اليوم· وليس معنى ذلك أننا نتنكر للحسبة، لكن لابد من تنظيم ووضع ضوابط لاستخدام هذا الحق حتى لا تتحول إلى سلاح لتصفية خلافات شخصية بين بعض الناس· ليست استغلالاً ويرى الدكتور محمود مزروعة الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر أن الحسبة تعني مقاومة الانحراف وتقويم الاعوجاج بمختلف صوره وأشكاله، وذلك في إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مشيرا إلى أنه يجب على المسلم أن يتصدى لكل ما يراه انحرافا يضر بدينه ومجتمعه، وأن يلجأ إلى الوسائل التي تدفع هذا الضرر ومن بينها رفع دعاوى الحسبة· وقال إن منع الأفراد من رفع دعاوى الحسبة قد يدفعهم إلى اتخاذ وسائل أخرى في مقاومة الانحرافات ربما تضر أكثر مما تنفع، وبالتالي يجب أن نفتح أمامهم هذا الباب· ويرفض الدكتور مزروعة انتقادات البعض للحسبة والادعاء بأنها كانت السبب في مقتل الدكتور فرج فودة والاعتداء على نجيب محفوظ وغيرهما، موضحا أن الحسبة لا علاقة لها بمثل هذه الاعتداءات؛ لأن المحتسب يعمل في النور وعلى الملأ ولا يدبر في الظلام، ويؤكد أنه أولى بنا أن نساعد من يعملون في النور وألا نضع المعوقات في طريقهم حتى لا ينشط من يعملون في الظلام· إن منع الأفراد من رفع دعاوى الحسبة معناه حماية أصحاب الفكر المنحرف، مؤكدا رفضه للادعاءات التي تقول بإساءة استخدام الحسبة لأن الردود العلمية والمناظرات ومقارعة الفكر بالفكر والحجة بالحجة لا تنطبق على المسلم الذي يتنكر لثوابت الدين وأركانه الأساسية، لأن مثل هذا الشخص مرتد يناقش ويستتاب فإن عاد وتاب فلا يُقتل حداً· ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©