الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاجتهاد الجماعي يدرأ الخلاف والتنافر

الاجتهاد الجماعي يدرأ الخلاف والتنافر
25 سبتمبر 2007 00:06
الاختلاف الفقهي في إطار المنظومة الإسلامية يدور تحت مظلة الشريعة الاسلامية، ولا يمثل خروجاً عن حقائق الاسلام ومضمون رسالته، لأن الاسلام يؤمن بأن البشر متعددون في افكارهم وألسنتهم، وفي أذواقهم وفي عاداتهم وتقاليدهم· والتقريب والتحاور في القضايا المختلفة يتحقق بوسائل يحددها الدكتور محمد الشحات الجندي -عضو مجمع البحوث الاسلامية واستاذ الشريعة بجامعة حلوان- في أن يكون الاجتهاد الجماعي- وليس الفردي- هو طريق البحث عن الحكم الشرعي خاصة في المسائل التي تتعلق بحقائق الاسلام العليا ومقاصده الحكيمة في الحياة، والقضايا التي تحقق المصلحة الاسلامية العامة، وكذلك المسائل التي تثير الحساسيات، وتفجر الخلافات، فمثل هذه المسائل كلها ينبغي أن تكون موضعاً للاجتهاد الجماعي، فهو الاجتهاد المعصوم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ''لا تجتمع أمتي على ضلالة''، وقوله: ''عليكم بالجماعة فإن من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية''· ولا يجوز أن يكون الاجتهاد الفردي وسيلة حسم للقضايا الاساسية التي ترسم صورة الاسلام لدى الغرب الذي يضع الإسلام عن طريق تقييم سلوك اتباعه في الموضع الخطأ، فشكل هذه العلاقة ينبغي أن يبنى على الاجتهاد الجماعي الذي يضطلع به القادرون عليه والمؤهلون له، وليس عن طريق فتوى فردية من هنا أو هناك مهما كانت قيمة صاحب هذه الفتوى ورسوخه العلمي، لأن رأي الجماعة أكثر سداداً من رأي الفرد، ومن شأنه ان تتكامل فيه الآراء، وتلتقي على ما يحقق المصلحة الاسلامية العامة، ويحول هذا الاجتهاد الجماعي دون التفرق والانقسام، ويسير نحو الجمع والتقريب، ولعل هذا واضحٌ في العديد من المسائل الاقتصادية والمالية والطبية والهندسة الوراثية، فهذه المسائل تتطلب اجتهاداً جماعياً إذا وضعنا التقريب هدفاً، لان هذه القضايا تشتمل على أبعاد شرعية وعلمية وفنية، مما يتطلب تضافر الآراء للتباحث حول اجدى وانفع الحلول لها وتقديم رأي الشرع فيها· أما الوسيلة الثانية- كما يراها الدكتور الشحات الجندي- فهي التعاون بين المجامع الفقهية الاسلامية، وهي متعددة، وعلى رأسها مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر، ومجمع الفقه الاسلامي التابع لرابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة، ومجمع الفقه الاسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي، وكذا المجامع الفقهية في بعض الدول العربية والاسلامية، بجانب مجمع الفقهاء والشريعة باميركا، فهذه المجامع ينبغي ان تكون لها خطة عمل تطرح على جدول اعمالها القضايا والمسائل الحياتية التي تواجه العالم الاسلامي في الوقت الراهن، وأن تتباحث فيما بينها، وتتبادل الرأي، وتحاول التقريب في وجهات النظر وصولاً الى كلمة، سواء كان الاتفاق فيها على المبادئ العامة مع السماح بمراعاة ظروف كل اقليم وطبيعة الاحداث التي يعيشها المسلمون في هذه الاماكن· أما الوسيلة الثالثة للتقريب- من وجهة نظر الدكتور الجندي- فهي صياغة ميثاق شرف يلتزم به أتباع المذاهب الفقهية من اجل ان تقدم نموذجاً حاكماً ضابطاً للاختلافات الفقهية، وتخفف من غلواء شططها، وتجعل لهذه الاختلافات سقفاً لا يجوز ان تتعداه استهداءً بقوله تعالى: (إن هذه امتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (الأنبياء:92)، وقوله: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا···) (آل عمران:103)· وحول ذات القضية أوضح الدكتور عبدالعزيز التويجري أن أهم صور ووسائل تحقيق التقريب تتمثل في دعم الحكومات الإسلامية وتشجيعها للتقريب بين المذاهب ودعم المؤسسات العلمية والثقافية، وجمعيات العمل الثقافي الإسلامي، باشتراك المنظمات المعنية وإسهامها لدفع جوانب العمل المحققة للتقريب والتي تشمل تشجيع تأليف الكتب المشتركة بين المذاهب في علوم التفسير، والفقه المقارن، وإعادة كتابة التاريخ الإسلامي، وتصفيته مما علق به من شوائب بقصد إظهار حقائق الإسلام الصحيحة· ويقول د· التويجري: إن تحقيق ذلك يأتي من خلال العودة إلى مصادر التشريع، واستعمال الفكر المستنير والعقل الثاقب، في إطار الوحدة الإسلامية وتوحيد المسلمين، وإن تعددت الاختلافات الفقهية، وتنوعت الرؤية الاجتهادية، وكذلك إعادة نشر مراجع التفسير والفقه الإسلامي التي لها صلة بأهداف التقريب· ومن وسائل تحقيق التقريب ايضاً ضرورة معاودة إصدارمجلة ''التقريب'' التي كانت تصدر من القاهرة، وتتولاها مؤسسات التقريب القائمة، على أن تعتبر مجلة كل المذاهب، وتعنى بموضوعات التقريب، وأن تشرف عليها لجنة علمية متخصصة منبثقة عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©