الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الأب

الأب
27 مارس 2008 00:11
في مجتمعاتنا يظهر دائماً يوم الحادي والعشرين من مارس بجلاء، حيث يصادف '' يوم الأم'' أو ''عيد الأم''، فيما يغيب تماما يوم الاحتفال بـ ''عيد الأب'' أو ''يوم الأب'' الذي تختلف مواعيده في بقاع العالم ( يوم السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين من يونيو) يغيب موعده عن كل الحياة عندنا، ويمضي دون التفاتة من أحد، يمر بصمت، ودون شعارات ودون ازدحام في محال الهدايا والورد· فلما يا ترى تمر هذه المناسبة دائما بلا أي حفاوة تذكر؟! في الذاكرة، رسخ ''عيد الأم'' وكل الأعياد الأخرى، سواء الدينية أو الوطنية؛ فمنذ الصغر، نعرف عن موعد ''عيد الأم'' ومنذ أزمان بعيدة، يرسخ عيد الأضحى وعيد الحج· إلا أن الاحتفاء بالأب، ضل في ظلام الذاكرة، لا نور يأتيه، ولا حتى قيمة أو تقدير، بالرغم من أنه (الأب) هو الذي كان ومازال الحركة التي تأتي بالرزق والحركة التي ينموا الأطفال من خلاله، هو التنوير وهو الثقة عند الشدائد، هو العرق والخوف والفرح، هو الدمعة المحبوسة في الأماقي، هو الحسرة حين تجور الأيام على الأبناء· ذهب معظم الناس بعيداً عن هذه الحركة، حتى الأب نفسه، ذهب بعيداً عن أبوته، وتكرس الاعتراف بالجميل للأنثى (الأم) التي لا يختلف أحد على أهميتها في الوجود البشري، ولكن الجميع يختلفون على أهمية الأب· في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز، وأساليب ثقافة التربية التي تعتمد في أغلبها على الصرامة، جعلت من الأب مصدرا للرعب والخوف، فالثقافة الذكورية، جعلت منه ضمنيا، أن لا يقبل هذا النوع من التعاطف ـ عيد أو يوم الأب ـ الذي يعتقد أنه يقلل من صرامته وقوته كذكر، حيث تلعب المكتسبات الثقافية حول الذكورة في مجتمعاتنا دوراً في أن يبقى الرجل متحفزاً على الدوام أمام أي رقة أو تعاطف· وفي خضم هذه الصرامة، بقيت الأم هي مصدر للدفء والحنان، ربما يكون هذا هو السبب، وربما لا يكون؛ لكن في تذكر سيرة الأب هنا، نجد أن الاحتفال به في ''يوم'' أو ''عيد الأب'' لهو تكريم وعرفان بتضحياته منذ سنوات العسر إلى سنوات اليسر، منذ سنوات الغوص، منذ افتراش البحر الشاسع والتحاف السماء بنجومها الصافية، منذ شبح الموت في أعماق البحار، والتيه في الصحراء، منذ الغياب الطويل عن الأولاد، منذ السفر والغربة والتغريب، منذ السهر الطويل والخوف على الأبناء ومستقبلهم، حيث قلقه وحزنه وتوتره وخوفه وانكساره، شغفه وفرحه والآمال المكنوزة بصمت في صدره، ماضيا وحاضرا ومستقبلا· لذا اعتقد من الضروري أن نزيح بعيدا المفهوم السلبي للأب، والمقترن بالشدة والصرامة والقسوة، وأن نتعود الاحتفاء به بجمال، في يوم من أيام السنة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©