الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل وحربها على أطفال غزة

23 سبتمبر 2007 23:38
يشب جيل كامل من المعاقين جسدياً ونفسياً وذهنياً من فلسطينيي غزة، بسبب ما يعانيه الأطفال من نقص حاد في الغذاء، بينما تنشأ إعاقتهم النفسية من ضغوط الحياة اليومية التي يعيشونها، إلى جانب خضوعهم للتهديد المستمر بهدم بيوتهم وتعرضهم لمخاطر التشريد والنزوح؛ كما إنهم معاقون فكرياً وأكاديمياً لعدم مقدرتهم على التركيز؛ وحتى إذا ما فعلوا فإنهم يحاولون الدراسة والتعلم في بيئة لا تليق بحياة الأطفال وتعليمهم في الأساس· حتى قبل إعلان تل أبيب الأخير عن قطاع غزة باعتباره ''منطقة عدوانية'' وما يترتب عليه فيما يبدو من عزم على قطع آخر إمدادات الوقود والكهرباء المتبقية لسكانه البالغ تعدادهم نحواً من 1,5 مليون نسمة، بمن فيهم النساء والأطفال، فالواضح أن الوضع المعيشي هناك كان عسيراً وخطيراً سلفاً· وبسبب الحظر الذي فرضته تل أبيب على معظم الصادرات والواردات إلى القطاع، أصبح ما نسبته 70 بالمائة من القوى العاملة في القطاع يعاني البطالة، فيما تشير الإحصاءات المنسوبة للأمم المتحدة، أن نسبة 80 في المائة من سكان القطاع يعيشون حياة الفقر والضنك؛ ولذلك فإنه ليس مستغرباً أن يعتمد حوالي 1,2 مليون مواطن من سكان القطاع في غذائهم اليومي كلياً على مساعدات الإغاثة الإنسانية التي تقدمها لهم الأمم المتحدة وغيرها من منظمات الغوث الإنساني العالمية· ومن دون هذه المساعدات، كما تقول ''كريستي كامبل'' -مديرة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة هناك- فإنه لا مناص لسكان القطاع من معاناة الجوع· على الرغم من أن قطاع غزة يقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط الغني بالأسماك، إلا أنه لا سبيل لمواطنيه من الحصول عليها في أسواقهم المحلية بسبب الحظر الذي فرضته القوات البحرية الإسرائيلية على صيادي أسماك القطاع، ونتيجة لهذا الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة حرم الأطفال ليس من الغذاء والملابس وغيرهما من السلع والاحتياجات الحيوية فحسب، وإنما حرموا كذلك من الورق والحبر وغيرهما من المواد التعليمية المدرسية الأساسية، فقد بدأ الموسم الدراسي الحالي في القطاع، من دون أن تتوفر لثلث التلاميذ كتب المقررات الدراسية الأساسية التي لا غنى عنها· إلى ذلك حذّر ''جون جنج''، مدير وكالة الغوث الإنساني والعمل التابعة للأمم المتحدة بقطاع غزة، والذي تعنى المدرسة التابعة لبرنامجه بـ200 ألف طفل، من أن التلاميذ يأتون إلى المدرسة جائعين ولا يستطيعون التركيز في دروسهم· من جانبها تقول تل أبيب إن سياساتها هذه المطبقة في قطاع غزة، إنما قصد بها ممارسة الضغوط على مواطنيه كي يمارسوا هم بدورهم ضغوطاً مماثلة على أولئك المتطرفين الذين يواصلون قصف مدينة ''سيدروت'' الإسرائيلية بصواريخهم البدائية المصنوعة في المنازل؛ ويلزم الإقرار هنا بخطأ هذه الاعتداءات الصاروخية على المدنيين الإسرائيليين· غير أن الضمير الأخلاقي نفسه يستلزم الإقرار أيضاِ بخطأ معاقبة شعب بأكمله على أفعال قلة من أفراده فحسب، خاصة وأن هذه العقوبة تشمل حتى الأطفال الأبرياء وآباءهم المغلوبين على أمرهم، وكلاهما لا دخل ولا حيلة لهما في وقف الاعتداءات المذكورة على إسرائيل! وإنه انتهاك للقانون الدولي حين يعاقب أكثر من مليون نسمة من البشر على جرم لم يرتكبوه· بل على النقيض من هذا السلوك تماماً، فإن إسرائيل ملزمة بموجب معاهدة جنيف التي وقّعت عليها، بضمان خير ورفاه كافة المواطنين الفلسطينيين الذين اختارت هي بمحض إرادتها فرض احتلالها العسكري لأراضيهم على امتداد ما يزيد على الأربعة عقود من الزمان· أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©