الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصبـر

الصبـر
23 سبتمبر 2007 22:56
من الحقوق التي يحتاجها كل مسلم في كل زمان ومكان هو حق الصبر، يقول أحد العارفين: الصبر على ثلاث درجات: الأولى ترك الشكوى، ويسمى الصبر الجميل وهي درجة التائبين، والثانية الرضا بالمقدور وهي درجة الزاهدين، والثالثة المحبة لما يصنع به المولى وهي درجة الصديقين· فيجب على العاقل أن يصبر للبلاء ولا يشكو فينجو من عذاب الدنيا والآخرة، لأن أشد البلاء على الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل· ويقول بعض العارفين: البلاء سراج العارفين ويقظة المريدين وصلاح المؤمنين وهلاك الغافلين· لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يأتيه البلاء ويرضى ويصبر، والصبر هو الوسيلة العظمى للوصول إلى محبة الله تبارك وتعالى، فهو القائل في كتابه (والله يحب الصابرين) (آل عمران-146)· حقيقة وجوهر والصبر على أَوْجُهٍ: صبر على طاعة الله، وصبر على محارمه، وصبر على المصيبة، وعند الصدمة الأولى، فمن صبر في كل ذلك فلا يعلم أحد أجره إلا الله، لأن الله يقول في كتابه (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) (الزمر-10)، وقال تعالى: (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) (الشورى-43)، ويقول سبحانه وتعالى: (···استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) (البقرة:153)، الصابر هنا استوجب معية الله سبحانه وتعالى، ومن كان مع الله كان الله معه، وقد قدم الله الصبر على الصلاة مع أن الصلاة ركن من أركان الإسلام، وذلك لأن الصلاة عبادة، والعبادة تحتاج إلى صبر، فإن لم يكن هناك صبر فلا صلاة· والصبر فضيلة يتحلى بها المؤمن، فيجتاز الشدائد، ويثبت على طاعة الله عز وجل مهما اشتدت الخطوب، وعظمت البلايا، فإن المؤمن يصبر ويحتسب طمعاً في مرضاة الله سبحانه وتعالى وأملاً في الفوز بثوابه، وما أعده للصابرين، وللصبر حقيقة وجوهر، أما حقيقته فهي التثبت وعدم الجزع عند شدة الابتلاء، وأما الجوهر فهو طاقة كامنة داخل كيان نفس المؤمن، أي أنه يحتملها وهو لها كاره، فتجتمع قوة الاحتمال مع الكراهية بالشيء في آن واحد مع الثبات على طاعة الله عز وجل، وعدم الجزع والسخط طمعاً في الفوز بثواب الله ورضوانه الأكبر، وما أعد لأحبابه الصابرين· سر الفلاح وقد قسم الإمام علي كرم الله وجهه الصبر إلى ثلاثة أنواع: أما النوع الأول فهو صبر على المصيبة فلا نسخطها، وأما النوع الثاني فهو صبر على الطاعة حتى نؤديها، والنوع الثالث فهو صبر على المعصية حتى لا نقع فيها· والصبر يستوجب كما قلنا معية الله تبارك وتعالى لعبده الصابر (والله مع الصابرين) (الأنفال:66)، ويستوجب أيضاً حب الله تعالى لعبده الصابر (والله يحب الصابرين)، والصبر سر الفلاح وعنوان النجاح، والنصر على الأعداء، يقول الله تبارك وتعالى موضحاً لنا الطريق: (ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) (آل عمران:200)، والصبر مقترن بالصلاة وإيتاء الزكاة ودفع السيئة بالحسنة، فيكون سبباً لدخول الجنة· يقول الله تبارك وتعالى (وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّار· جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَاب· سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (الرعد: 22-24)· هكذا هو الصابر يقابل السيئة بالحسنة، ويخلص في عبادته لربه فاستحق أن تكون له جنات النعيم، وأن يكون في هذا النعيم مقيماً، فاستحق أن يجمع الله شمله بزوجته وأولاده يوم القيامة، فاستحق لقاء الملائكة له وسلامهم عليهم، وزيارتهم في الجنة، فهل بعد هذا لا نتمسك بهذا الحق المفروض علينا؟· صبر جميل وقد أمر الله تبارك وتعالى رسوله الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم بثلاثة أمور: الأول هو الصفح الجميل، فيقول الله به تبارك وتعالى (فاصفح الصفح الجميل) (الحجر:85) والصفح الجميل هو الذي لا عقاب بعده، والأمر الثاني هو الصبر الجميل يقول له سبحانه وتعالى: (فاصبر صبراً جميلاً) (المعارج'':5)، والصبر الجميل هو الذي لا شكوى معه من شدة البلاء ونزول الخطب وصعوبة الامتحان، كما هو الحال في نبي الله أيوب، والأمر الثالث هو الهجر الجميل، فيقول سبحانه وتعالى (واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً) (المزمل:10)، والهجر الجميل هو الذي لا كيد معه، فقد يعتزل الخصم خصمه لكنه يكيد له في الخفاء، وأخيراً أختم حلقتي هذه بما رواه الإمام الترمذي قال صلى الله عليه وسلم: ''إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم''، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©