السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاطمة سبيل.. «صماء» تتربع على عرش التميز

فاطمة سبيل.. «صماء» تتربع على عرش التميز
16 فبراير 2014 00:57
خولة علي (دبي) - تجلس فاطمة سبيل في متجر فئة الصم، بقرية ملتقى زايد بن محمد العائلي في دبي متسلحة بموهبتها وقدراتها على تخطي حاجز الإعاقة، الذي وجدت نفسها مكبلة به منذ طفولتها، ونظراً لما تتمتع به من نفس محبة شغوفة بمعنى النجاح والتميز، الذي وضعته نصب عينيها في كل خطوة تخطوها وكل عمل تمارسه، وبالرغم من كونها من فئة الصم والبكم، إلا أن ذلك لم يثنها عن التعبير عن ذاتها وشخصها من خلال ما تملكه من مهارة، وقدرة حولتها إلى وسيلة مهمة للتواصل مع الآخرين، فكل محطة تجد فيها موطئ قدم لها، تحوله لمنصة للانطلاق في رحاب النجاح، الذي ترى أنه لا حدود ولا سقف له. ومن يحاكي هذه الشخصية يلمح فيها معاني الترحيب والابتسامة والانطلاق بالرغم من ساعات العمل الطويل الذي ينهك المرء، ويفقده الرغبة في التواصل مع الآخرين، إلا أنها بدأت مشحونة بالنشاط والإقدام، والرغبة في لقاء الزائرين الراغبين في التعرف على ما تضمه في هذه الزاوية الصغيرة التي بالكاد تحتضن جزءا مما تتمتع به فاطمة من مهارة وإبداع. العمل المتقن استقبلتنا فاطمة بابتسامة ممزوجة بالثقة، وهي تجهز الورقة والقلم لتكتب ما تريد أن تقوله، ونحن نتواصل معها كتابة، وهي تعرض منتجاتها من مفارش ومنحوتات من الفخار، مدللة بحركة يديها شارحة لنا تقنية العمل، وأسراره معتمدة على الدقة والصبر والعمل المتقن الذي ظهر عليه المنتج، الذي تعبت عليه هذه الشخصية الواثقة التي رفضت كل أشكال العزلة أو الانزواء خلف جدران الخجل والخوف، من ردة فعل الآخرين تجاه شبح الإعاقة، معربة عن رفضها التام فكرة أن المعاق إنسان ضعيف لا يقوى على تلمس طريق النجاح. وترى أن هذا الرأي نابع من الفكر الضيق والأفراد الذين يغلقون أعينهم عن رؤية ما حققه المعاق في جوانب الحياة المختلفة من مؤشرات تحلق في سماء النجاح والانتصار، وهو ما تؤمن به فاطمة حيث استطاعت بالتعاون مع بعض الجهات، ومنها نادي دبي للرياضات الخاصة أن تجد لنفسها منصة وبيئة خصبة، لتكشف عن قدراتها ومهاراتها في الكثير من الأعمال سواء الرياضية أو الفنية كالأشغال اليدوية وتصميم الأزياء الذي تجد فيه نفسها كثيراً. المراكز الأولى وعلى صعيد الرياضة استطاعت سبيل كونها عضوة في نادي دبي للرياضات الخاصة تحقيق الكثير من المكاسب، بأن تحرز المركز الأول وتحصد الذهب في بطولة كرة الطاولة وبعض البطولات الأخرى كالبولنج والشطرنج، وتكون بذلك نجمة ساطعة لها اسمها ووزنها الرياضي، فهى تقول: لا يمكن إغفال أهمية الرياضة باعتبارها وسيلة يمكن أن يفرغ فيها المرء قوته، وأن يدخل في تحد مع ذاته من خلال مجاراة مهارات الآخرين والدخول في منافسة معهم، فنشوة الفوز بمثابة تتويج ومكافأة للنفس ودفعها نحو المزيد. وبالرغم من كون الرياضة البدنية بشكل عام تتطلب مهارة معينة كاللياقة الجسدية والقوة والسرعة، إلا أنها تجد نفسها في هواية أخرى مختلفة نوعاً ما، تحتاج إلى الصبر والدقة والتأني وبعض اللمسات الفنية، فهي تبدع في المشغولات اليدوية، وتتقن مختلف أدواتها ومهاراتها كالرسم والنحت، والخياطة، والحناء. والكثير من مجالات الفن التي لا يمكن أن يمر عليها دون أن تبدع فيها بطريقة تبهر من حولها. وتقول: نظراً لأني موظفة في إحدى الدوائر المحلية، فالعمل بالنسبة لي جزء مهم من شخصيتي المحبة للحياة العملية، فأكرس جهدي ووقتي للقيام بواجباتي العملية على أكمل وجه، فهذا ما اعتدت عليه وأحاول طرح أفكار جديدة ومميزة تسهم في تطوير الكثير من أنظمة العمل في جهة عملي، وقد نلت جائزة الجندي المجهول ضمن جائزة دبي للأداء الحكومي المتميز. طريق التميز وتعبر سبيل عن دور من حولها في استمرارها ونجاحها مشيرة إلى أن زميلاتها وأخواتها هم من يساندونها ويشجعونها على الاستمرار على ما تقوم به، فأي عمل أو منتج تنفذه فهي تأخذ رأي أخواتها فيه وانطباعهن حوله، وتقول «أري في نظرتهن الانبهار، والإشادة بما أقوم به، فأطبق المهارة التي تعلمتها في أي ورش أنضم لها، وأقدم عملاً مميزاً يختلف في شكله ومضمونه. فاطمة متحمسة دائما شغوفة بكل عمل ترى نفسها قادرة على أن تعطي فيه وتبذل فيه الجهد المكلل دائماً بالتميز، ونظراً لشغفها بطرق كل باب يحمل خلفه مفردات تعليمية، فهي تحرص على أن تكون فاعلة حينما تشارك في إحدى الورش وتستفيد منها وتطبق كل ما تعلمته، وهو ما يتضح في حديث سبيل: «ما أن أسمع عن دورة أو فعالية يمكن أن أجد فيها بيئة للتعلم، أندفع مقبلة وبشدة على المشاركة فيها، خصوصاً إذا كانت هناك فرصة لمشاركة فئة الصم، فلا يمكن أن تمر هذه الفعالية دون أن أضع بصمتي فيها، وقد شاركت في العديد من المعارض والفعاليات والأنشطة التي كانت بمثابة جسر للتواصل مع أفراد المجتمع ليروا ما يمكن أن يقدمه المعاق إذا أعطي الثقة ومنح الفرصة. لغة الإشارة كل نجاح لابد أن يواجه بعض الصعوبات والعراقيل، فكيف تجد سبيل سبيلها للتغلب على هذه الصعوبات؟، بداية أبدت أسفها لنظرة بعض أفراد المجتمع إلى فئة الصم، موضحة أن هذه الفئة التي لا تختلف عن الآخرين إلا بوسيلة التواصل وهي الكلام، إلا أنهم يملكون الكثير من القدرات، ولذلك لابد من اجتياز حجر التواصل من خلال نشر ثقافة لغة الإشارة التي باتت تمارس في الكثير من الدول المتقدمة، فعندما يحاول أحد الصم أن يعبر عمَّا يريد أن يبلغه للطرف الآخر، يبذل قصارى جهده باليد المتلازمة مع حركة الفم، وفي النهاية قد لا يرى تجاوباً أو حتى محاولة الطرف الآخر أن يبذل ولو قليلا من الجهد لفهم الفكرة. وتضيف سبيل: من جانب آخر نحن كفئة بحاجة إلى دعم ومساندة من قبل المجتمع ومن جهات العمل، بغض النظر عن كوننا لا نستطيع أن نعبر عن رغبتنا إلا أن تميزنا في العمل يشهد لنا بذلك، وإنجازي الرياضي ودخول بطولات محلية وعالمية بحاجة إلى بعض الدعم من قبل جهة العمل حتى أستطيع أن أتواجد وأشارك فأنا أسعى لرفع علم وطني في جميع المحافل الدولية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©