الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والصين.. تعاون قد يكبح جشع أوبيك

أميركا والصين.. تعاون قد يكبح جشع أوبيك
19 سبتمبر 2007 22:44
يستنكر الرئيس ''جورج بوش'' إدمان الولايات المتحدة على النفط، ويساهم في رسم سياسته الخارجية مستشارون -ديك تشيني، دونالد رامسفيلد، بول وولفويتز- تكونت رؤاهم للعالم خلال عقد السبعينات حينما صعدت منظمة الدول المصدرة للنفط، المعروفة اختصارا بـ''أوبيك''، إلى واجهة الأحداث وبدت خطرا يهدد المصالح الأميركية· والحال أن ''أوبيك'' تبدو اليوم تهديدا أكبر مما كانت عليه، وهو أمر مذل بالنسبة لإدارة جعلت من الأمن الطاقي أولويةً لها منذ أشهرها الأولى· خلال اجتماعها العام الماضي، قررت منظمة ''أوبيك'' كبح الإنتاج، وفرض أسعار أعلى على المستهلكين؛ وقد نجح استعراض العضلات هذا؛ فاستطاعت المنظمةُ فرض ديناميات للسوق دفعت بها الأسعار إلى 80 دولارا للبرميل· غير أن ''أوبيك'' وعدت -بعد كثير من الطلب الأميركي- برفع الإنتاج بشكل رمزي· المدافعون عن ''أوبيك'' يقولون إن علينا ألا نقلق أو ننزعج على اعتبار أن منتجي النفط ومستهلكيه بعضهم يعتمد على بعض؛ فهم يحتاجون إلى أسواقنا قدر حاجتنا نحن إلى طاقتهم؛ غير أن هذا القول هو اليوم -للأسف- أقل إقناعا مما كان عليه في السابق· فبفضل ارتفاع الأسعار خلال السنوات الأخيرة، يجلس بعض مصدري النفط اليوم على جبال من الأموال، كما أن معظم أعضاء ''أوبيك'' في وضع أفضل يسمح لهم بتحمل نتائج فقدان إمكانية الوصول إلى الأسواق الأميركية مقارنة مع السابق؛ في حين أن قدرة هذه الأسواق على الصمود في وجه انقطاعٍ في الإمدادات النفطية لم تعرف تحسنا موازيا· فقد كان الرئيس بوش قد اقترح في خطابه حول حالة الاتحاد في يناير الماضي، مضاعفة حجم احتياطي النفط الاستراتيجي؛ ولكنه نسي الأمر وأهمله· ثم هناك حقيقة، أن آسيا -مثلما يشير إلى ذلك الخبير في شؤون النفط ''دانييل يرغين''-، أخذت مكان أميركا الشمالية كأكبر مستهلك للنفط، وهو ما يغير حسابات ''أوبيك'' تغييرا جذريا، فقد كانت الدول النفطية تقلق من أنها في حال دفعت الأسعار إلى الارتفاع كثيرا، فإنها ستدفع الاقتصاديات الغربية إلى الركود، وهو من شأنه أن يقلص الطلبَ على النفط ويدفع الأسعار إلى الانخفاض في نهاية المطاف· فكان هذا العامل يكبح جشع ''أوبيك''، ولاسيما في اللحظات التي يبدو فيها الاقتصاد الأميركي هشا وضعيفا· ولكن اليوم وقد بلغ معدل النمو السنوي للصين 12 بالمائة وللهند 9 بالمائة؛ فليس لدى ''أوبيك'' ما تخشاه، وهذا ما يعني أن يظل الأميركيون يعانون الآلام الاقتصادية، غير أن الدول النفطية أصبحت محصنة ضدها· علاوة على ذلك، هناك تغير في النسق التجاري العربي، إذ أصبحت أوروبا الممون الرئيسي لأعضاء منظمة ''أوبيك'' العرب؛ إذ تحصل السعودية على ثلث وارداتها تقريبا من منطقة اليورو وبريطانيا، في حين لا تمثل وارداتها من الولايات المتحدة سوى نحو عُشر مجموع الواردات· أما النتيجة، فهي أن العرب باتوا يفكرون في أسعار النفط باليورو والجنيه الأسترليني، على اعتبار أنهما العملتان اللتان يحتاجونهما للدفع مقابل وارداتهم· وأحيانا حين يسقط الدولار -مثلما هو الحال اليوم- فإن ذلك يعني أن العرب سيرغمون الأميركيين على دفع المزيد لتمويل المشتريات العربية من أوروبا· بوش ليس مسؤولا عن كل ذلك، غير أنه يضيِّع فرصةً يراها بعض خصومه الديمقراطيون بوضوح، فعلى الولايات المتحدة أن تعزز التعاون مع بلدان أخرى تستهلك النفط، وبخاصة الصين· والحال أن الاستراتيجية التي تتبناها الصين حاليا تقودها إلى صراع مع الولايات المتحدة، فالصين كانت دائما المعرقِل الرئيسي للجهود الأميركية الرامية إلى الضغط على إيران على خلفية برنامجها النووي، نظرا لظمأ الصين إلى الطاقة الإيرانية· وإضافة إلى ذلك، فقد قضت الصين ثلاث سنوات في مقاومة الجهود الأميركية لإعادة الاستقرار إلى إقليم ''دارفور'' السوداني نظرا لمصالحها في حقول النفط السودانية· على أن السيناريو الكابوسي هو إمكانية أن تقوم الصين، ضمن مساعيها للأمن النفطي، بتطوير قواتها البحرية لتتجه نحو فرض حق لها في النفط جنوب بحر الصين؛ في هذه الحالة، سيتضح زيف ادعاءات الصين بأنها تنتهج ''صعوداً مسالما''· إن المصالح النفطية الصينية والأميركية متشابهة؛ فالبلدان يريدان أسعارا معقولة وإمدادات أكيدة، ومناعة ضد ابتزاز ''أوبيك''؛ فقد تظن الصين أنها بمغازلتها السودان وإيران، فإنها تحسنُ أمنها الطاقي، ولكن الحقيقة، أن الإنتاج السوداني والإيراني سيتسبب في انخفاض سعر السوق الذي تدفعه الصين مقابل النفط، سواء وقفت بكين إلى جانب الدول المارقة في الأمم المتحدة أم لا· وعليه، فمن شأن الدبلوماسية الذكية أن تقنع الصينيين بأن أفضل سياسةٍ نفطية لهم ليست سلاح بحرية، وإنما جهود لتشجع خيارات طاقية خارج منظمة ''أوبيك''· يقترح ''بورجر'' صندوقا للطاقة الخضراء متعدد الأطراف، صندوقا يمكن للصين أن تستثمر فيه بعضا من الثروات الطائلة الناتجة عن فائضها التجاري، والحقيقة أنه كلما قامت ''أوبيك'' باستعراض عضلاتها، كلما ازددت اقتناعا بوجاهة فكرته· كاتب أميركي متخصص في الشؤون الاقتصادية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©