الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجهاز القضائي في جورجيا.. خطوات متعثرة

الجهاز القضائي في جورجيا.. خطوات متعثرة
19 سبتمبر 2007 22:43
منذ اعتقالها في السنة الماضية -على ذمة التخطيط للإطاحة بالحكومة- خضعت ''مايا توبوريا'' وأحد عشر عضوا آخرين في المعارضة الجورجية، إلى محاكمة مغلقة بتهمة الخيانة العظمى· وبعد اتهامهم من قبل المحكمة بدفع أموال للمتظاهرين وتحريضهم على اقتحام البرلمان بالقوة، أدينوا جميعاً في 24 من شهر أغسطس المنصرم· وقد قضت المحكمة بسجن السيدة ''توبوريا''- قريبة المعارض الجورجي ''إيجور جيورجادز'' الذي يعيش في روسيا والمطلوب بتهمة محاولة اغتيال الرئيس الأسبق ''إدوراد شيفرنادزه'' في العام 1995- لثماني سنوات ونصف· تأتي هذه القضية على خلفية التوتر المتصاعد بين روسيا وجورجيا، وفي ظل الاحتقار الذي يبديه الجورجيون ''لتوبوريا'' والمدافعين عنها· غير أن الخبراء القانونيين والمختصين في قضايا حقوق الإنسان يعتبرون القضية -التي هي الآن قيد الاستئناف- اختبارا حقيقيا لمدى عمق الإصلاحات القضائية في إحدى أكثر دول الاتحاد السوفييتي السابق تطلعا للإصلاح· وفي هـــذا السياق يقول ''كريستوفر ووكر'' -مدير الدراسات في مؤسسة ''فريدم هاوس'' المعنية بمراقبة حقوق الإنسان والحريات-: ''لقد أقدمت جورجيا على خطوات جبارة لا توجد في الكثير من الدول''، مضيفاً: ''لكن القضاء يقف كاستثناء، وكحجر عثرة في طريق الإصلاحات الشاملة التي يطمح إليها المواطنون''· ومن جهته يزعم دفاع ''توبوريا'' أن المحاكمة شابتها العديد من الخروقات، نافياً الاتهامات التي وجهها الادعاء للمتهمة· إذ أشار إلى التشابه اللافت في صياغة إفادة شاهدين أساسيين في القضية، بالإضافة إلى ما تظهره أشرطة المراقبة، من أن أحد الشهود كان متواجداً في مقر عمله في نفس الوقت الذي أعلن فيه الادعاء بأنه كان في قاعة المحكمة يدلي بشهادته· وتضيف ''لاري بارسيلا''، إحدى المحاميات في هيئة الدفاع -التي تتمتع بخبرة طويلة في التعاطي مع قضايا الدولة- بأن الأسباب التي ساقتها المحكمة لعقد جلسات مغلقة بعيدة عن الواقع، قائلة: إنه ''خلال جلسات القضية لم يبرز أي دليل يمكن اعتباره سراً من أسرار الدولة''· أما الادعاء فقد أعلن في بيان له بأن شهود الدفاع ''تم اختلاقهم بهدف التنصل من المسؤولية''، مشيراً إلى إن إفادتهم ''غير ذات صلة'' وعديمة الجدوى بالنسبة للقضية· ويُرجع بعضهم المصاعب التي تعاني منها السلطة القضائية في جورجيا إلى الخطوات التي اتبعها الرئيس الجورجي ''ميخائيل ساكشفيلي'' لدى صعوده إلى السلطة في العام 2004 والتي تجمع بين عدد من التشريعات، واللجوء إلى السلطة التنفيذية لفرض الإصلاحات الضرورية في بعض القطاعات التي ترزح تحت الفساد· لكن هذه الخطوات هي نفسها التي قوضت، حسب المراقبين، النظام القضائي وأخلت بالتوازن بين السلطات· يعبر عن هذه الاختلالات التي تطال المنظومة القضائية في جورجيا ''جيورجي تشيكيديز''، رئيس جمعية ''المحامون الشباب'' بقوله: ''إننا نعاني مشكلة كبيرة فيما يتعلق باستقلال القضاء، إنه وضع متأزم''· وفي تقرير أصدرته مؤسسة ''فريدم هاوس'' -العام الماضي- أشار إلى أن القضاء ''نادرا ما يتخذ قرارات تناقض رغبة الجهاز التنفيذي''· فمن بين 17 ألف شخص سيقوا إلى المحاكم خلال السنة الماضية، لم يُبرأ منهم سوى 37 شخصاً ليصل معدل الإدانة في جورجيا إلى 99,8 بالمائة· ويرى ''براين جرودسكي''، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ''ماريلاند'' -المختص في الديمقراطيات الحديثة ما بعد الحقبة الشيوعية- أن ''التعامل مع النظام القضائي في البلدان الخارجة حديثاً من نظم قمعية، أمر معقد للغاية''· يدافع المسؤولون الجورجيون عن الخط الذي تتبعه الدولة، كـ''جيجا بوكيرا'' -نائبة رئيس اللجنة القانونية في البرلمان الجورجي- وتؤكد على أن هناك ''عملية تطهير حقيقي شهدها النظام القضائي''، وتقصد في ذلك مجموعة من الإجراءات المهمة، مثل تخصيص رواتب مرتفعة للقضاة للحد من الفساد وتقاضي الرشاوى، وإلغاء قانون كـان يسمح لهيئة مستقلــة برفع دعــاوى على القضـاة بسبــب قراراتهم غير الشعبيــة، وإصدار قانــون يحرم اتصــال المحامين بالقضاة خارج قاعة المحكمة، وأخيرا إدخال نظام المحلفين في العام المقبل· وفي مسعى آخر لتعزيز سلطة القضاء تمت إزاحة الرئيس من مجلس القضاء الأعلى الذي يعين القضاة ويقيلهــم، لكن مع ذلك تواصلت الانتقادات للنظام القضائي منصبة على السيطرة التي يمارسها الجهاز التنفيذي عليه، والطريقة الذاتية التي يتم بها تعيين القضاة وإقالتهم، فضلا عن الاعتقالات من دون أسباب وجيهة وتمديد فترة الاحتجاز قبل المثول أمام المحكمة· غير أن آخرين يرون بأن إصلاحات مهمة تم إدخالها على النظام القضائي خلال الأشهر القليلة الماضية، مدفوعة في جزء منها برغبة جورجيا في الانضمــام إلى حلف شمال الأطلسي الذي وضع إصلاح القضاء ضمن لائحة شروطه· وفي هذا الإطار تم التشدد في عملية اجتياز اختبارات القضاة التي تنظمها الدولة· ومنذ العام 2006 بدأ يطلب من القضاة الخضوع لفترة تدريب تمتد على مدى 14 شهرا يساعد المجلس الأوروبي على وضع برنامجها· ورغم إقرار الرئيس ''ساكشفيلي'' بالصعوبات التي تواجه القضاء في بلاده وتفهمه لبعض الانتقادات، إلا أن الكثير من مساندي الحكومة يرون بأن إصلاح القضاء عملية طويلة ولا تتم بين ليلة وضحاها· مراسلة كريستيان ساينس مونيتور في جورجيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©