الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماكين وما وراء الزيارات الخارجية

ماكين وما وراء الزيارات الخارجية
26 مارس 2008 01:23
أثناء زيارته إلى قطاع غزة في الأسبوع الماضي، أعاد السناتور جون ''ماكين'' المرشح الرئاسي للحزب الجمهوري إلى الأذهان، لغة ومفردات ذات الخطابية المتشددة التي عرف بها الرئيس ''بوش''، وذلك بتحذيره من مغبة تزايد النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، ومن التفاوض مع الإرهابيين، لكن وفي اليوم التالي مباشرة، وجد ''ماكين'' نفسه في تناقض تام مع ''بوش'' أثناء حديث له في ''10 داوننج ستريت'' بلندن، مع رئيس الوزراء البريطاني ''جوردون براون'' عندما قال: إن العالم بحاجة ماسة لمباشرة العمل الهادف لوقف الارتفاع المتصاعد لدرجات حرارة الأرض· خلال أسبوع كامل من التنقل بين عدة دول شرق أوسطية، كان له فيها ما يزيد على عشرة لقاءات مع قادة خمس دول، حرص السناتور والمرشح الرئاسي الجمهوري، على توخي الحذر والحديث المتوازن المعتدل عن العراق وغيره من القضايا الأخرى الحساسة، وبخاصة مدى التأثيرات المحتملة لتركة ''بوش'' على مسيرة حملة ترشيحه الرئاسي، مع العلم أنه السؤال الأكثر تعقيداً الذي يهدد حملته الانتخابية· أما في أميركا، فإنه ربما تقرر الإجابة عن هذا السؤال، مدى نجاح ''ماكين'' في الحفاظ عن رضا قاعدته الجمهورية الناخبة عن تصريحاته ومواقفه، على رغم محاولة إرضائه واجتذابه لأصوات المستقلين والديمقراطيين التي يحتاجها للفوز بالمنصب الرئاسي في المعركة الانتخابية الحاسمة في نوفمبر المقبل، وسواء كان الفوز من صالح ''ماكين'' أم غير ذلك، فإن مما لا شك فيه أن تلك التصريحات قد شكلت صورته، خاصة في وقت يحتدم فيه الحوار العام الأميركي حول ما إذا كان فوز ''ماكين'' سيعني عملياً تمديد ولاية ثالثة للرئيس ''بوش''، بمعنى أن سياساته لن تختلف كثيراً عن السياسات الحالية التي تتبعها إدارة بوش· كثيراً ما حاول القادة والصحفيون الأجانب في الدول الأخرى، التوفيق بشكل ما، بين الصورتين النقيضتين لـ''جون ماكين'': خطابيته المتشددة -أكثر من بوش- إزاء كل من إيران وكوريا الشمالية، وصورته الأخرى الداعية إلى رأب الصدع مع القادة الأوروبيين، عن طريق إغلاق معتقل ''جوانتانامو''، ووضع حد لما يصفه ''ماكين'' بأنه مؤسسة مارست فيها القوات الأميركية التعذيب بحق المعتقلين، إلى جانب العمل على خفض معدلات التلوث البيئي، وعلى حد رأي ''فليب جوردون'' -زميل رئيسي بمؤسسة بروكنجز، ومستشار سابق لحملة السناتور باراك أوباما في الشؤون الخارجية'' فإن ''ماكين'' يبدو في نظر الأوروبيين عارفاً بما يفعل وجديراً بنيل ثقتهم، إلا أن الشكوك والوساوس تساورهم إزاءه؛ مضيفا: إن إعادة انتخاب الأميركيين لجورج بوش في انتخابات عام 2004 على رغم استمرار تدهور الأوضاع الأمنية في منطقة الشرق الأوسط، كانت أمراً مذهلاً وصادماً للكثير من الأوروبيين، وعليه فإذا ما انتخب الأميركيون هذه المرة ''جون ماكين''، رغم كونه أشد ''صقرية'' من بوش نفسه إزاء إيران، فإن ذلك سيسبب صدمة أخرى جديدة للأوروبيين· بيد أن ''ماكين'' أكد مراراً أن لا صلة لجولته الشرق أوسطية الأوروبية هذه بحملته الانتخابية، وأنها بالتالي ليست موجهة إلى الناخبين البتة، واصفا الزيارة بأنها من أجل الوقوف على الحقائق، ولتقييم الوضع الأمني والسياسي في المنطقة كما هو، جاء ذلك أثناء حديث له في ضاحية ''سيدروت'' القريبة من الحدود المشتركة مع قطاع غزة، خلال زيارته لإسرائيل، التي تجول فيها برفقة وزير الدفاع الإسرائيلي، وحرصاً منه على تأكيد هذه الصفة للزيارة، قال ''ماكين'' إنها تشبه الزيارات الدورية العادية التي يقوم بها غيره من أعضاء الكونجرس· لكن وعلى رغم كل ذلك النفي المتكرر، فإنه يصعب جداً وصف الزيارة بأنها لمجرد معرفة الحقائق على الأرض، ولجمع المعلومات عن الوضع الأمني في منطقة الشرق الأوسط، أو لمجرد خدمة نوايا رأب الصدع مع الحلفاء الأوروبيين، ففي لندن على سبيل المثال، التقى ''ماكين'' بحوالي 100 من كبار الأثرياء الأميركيين، على مائدة طعام فاخر، وهنا ذكر مستشارو حملته أنهم ردوا إلى الخزينة العامة مبلغ 3 آلاف دولار وهو جزء من التمويل الحكومي لزيارة ''ماكين'' معللين ذلك بالطبيعة السياسية للزيارة، التي صحبتها أنشطة جمع لأموال المتبرعين لصالح حملة السناتور الانتخابية، وخلال الزيارة نفسها، أدلى ''ماكين'' بالكثير من التصريحات الصحفية لمراسلي الصحف الأجنبية، إلى جانب عقده عدداً من اللقاءات التلفزيونية والصحفية في شتى وسائل الإعلام المحلي، هذا إضافة إلى صعوبة تصديق أن التعامل معه خلال الزيارة المذكورة قد تم على أساس أنه عضو الكونجرس لا أكثر، بينما بدأت تتجه نحوه أنظار قادة دول العالم باعتباره رئيساً محتملاً للولايات المتحدة· ففي باريس استقبله الرئيس الفرنسي ''ساركوزي'' في قصر الإليزيه حيث جلسا معاً وتحادثا على فنجان من القهوة، أما في إسرائيل فقـــد جمع لقـــاء شبيه بينه والرئيس ''شيمون بيريز''، وفي لندن استقبل كذلك ببروتوكولات تشير إلى هذه الصورة الرئاسية المحتملة لـ''ماكين''، وهذا ما دفع مستشاروه السياسيون إلى القول بأن الزيارة تعد مكسبــاً كبيراً لناخبي ''ماكين'' كونها تذكرهم بقوة موقفه في السياسات الخارجية، وبمدى عمق معرفته بالعالم الخارجي· مايكل دي· شير كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©