الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأحمدي أبوالنور: الأمة تغشاها سحابة.. والمستقبل غائم

الأحمدي أبوالنور: الأمة تغشاها سحابة.. والمستقبل غائم
19 سبتمبر 2007 22:21
لأن تغيير حال الأمة الآن هو شغلنا الشاغل حتى نعود إلى استعادة ذاتنا باستعادة إيماننا ووحدتنا وقوتنا، وامتلاك أسباب عزتنا ونهضتنا، ولأن حال الأمة فيه من انتصارات وانكسارات، ووحدة وفرقة، وضعف وقوة مايشغل الجميع علماء ومفكرين وسياسين بل على مستوى المواطنين في كل أوطان المسلمين، للخروج مما نحن فيه والوصول إلى مانتطلع إليه التقت ''الاتحاد'' بفضيلة الداعية الدكتور الأحمدى أبو النور، أحد العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة في شهر رمضان المبارك، وهو عالم جليل، يحظى برصيد علمي كبير بمؤلفاته العديدة في الفكر الإسلامى، وشغل مواقع علمية وعملية كثيرة كأستاذ في العديد من الجامعات الإسلامية الكبرى، وتولى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمصر، وفي هذا الحوار نستعرض واقع الأمة الإسلامية وأبرز التحديات التي تواجهها، ونقرأ معه ما في الصورة الآن من ضوء وظل، وما في قانون الهزيمة والنصر من مقدمات ونتائج ووسائل وغايات· قال معالي الدكتور الأحمدي أبو النور: كما هو واضح، فالأمة تعيش حالة من التفرق، ومن الضعف الإيماني، والعلمي والاقتصادي يؤثر سلباً على مكانتها بين الأمم، تغشاها سحابة من التوتر على الحاضر والمستقبل، وبالتالي فلا وضوح كاف لرؤية ملامح الحاضر أومعالم المستقبل، حيث الحاضر غائم، والمستقبل غائم· ؟ وكيف نتعامل معها؟ ؟ الأصول الإيمانية التي تربط المؤمن بجذوره التراثية أي بكتاب ربه وسنة نبيه تفرض عليه ألا يخضع لعامل اليأس في لحظات الضعف أو القنوط في لحظات الهزيمة طالما كان ثباتنا على الحق وجهادنا هو في سبيل الله، لأننا مثابون أيضاً على كل أذى ومشقة مالم تكن من عند أنفسنا أما إذا كنا مسؤولين عنها فنكون محاسبين عليها، ويلزمنا تجاوزها بدراسة الأسباب وتغيير المقدمات إلى الوحدة من بعد فرقة، والقوة من بعد ضعف لتحقيق النتائج بالنصر من بعد هزيمة· ونحن نقرأ قوله تعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس) (آل عمران:140)، (وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثيرون فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين)(آل عمران:148)· ؟ هل يمكن أن نستخلص مايمكن أن يكون قانوناً للنصر؟ ؟؟ نعم: وبشعاع الهدى من هذه الآيات الكريمة نستطيع أن نستخلص عدة محددات: 1- نزلت هذه الآيات تحليلاً لأسباب الهزيمة عقب هزيمة المسلمين في ''أُحد''، وكيف أن الهزيمة لم تأت على الشخصية المسلمة المؤمنة ولا على الجذور الإيمانية في قلوبهم، وإنما أتت تنبههم إلى أن أمر الهزيمة والنصر قائم على ركائز عديدة، منها مدى أخذ الأمة في فترة من تاريخها بأسباب النصر، أو توانيها في الأخذ بهذه الأسباب· 2- إن غزوة ''أحد'' لم تترتب الهزيمة فيها إلا على مخالفة البعض لأمر الرسول القائد (ص)، وبالتالي فقد تقع الهزيمة لتنبه وتقوِّم وتصحح، وبالفعل فقد صححت معتقداً، ونبهت إلى مطلب· والمعتقد الذي صححته هو الاعتقاد بأن المسلم لن يهزم مادام مسلماً ومادام مع الرسول حتى لو خالف أمر الرسول، ليكون المعتقد الصحيح أن المسلم ما دام مسلماً وما دام مع الرسول (ص) فلن يهزم إذا أطاع أمر الله والرسول القائد· 3- إن أولى مسببات النصر أن يمتثل المسلم لأمر الله ورسوله مهما كانت الظروف (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (النساء:59)، وليعلم جيداً أن الله عز وجل لايقبل عدم الامتثال لأمر نبيه، وعند المخالفة لابد أن تكون هناك دروس إلهية تأخذ الأمة بها عقاب المخالفة وتتعلم منها قانون النصر· وهذا أمر لا تختص الأمة الإسلامية وحدها به وإنما كان سنة إلهية ماضية ؟ وكيف يمكن للأمة أن تحوّل المحن إلى منح؟ ؟؟ العظيم في الأمة الإسلامية أن الهزائم التي مرت بها لم تكن تصيبها في إيمانها، ومن هنا يحكي لنا القرآن الكريم ما ينبغي على الأمة أن تأخذ به في أوقات محنتها حتى تعبر من المحنة إلى المنحة، وحتى تتبدل الهزيمة بالنصرة· تقدير الموقف وتحليل الواقع تعبر عنهما الآية الكريمة بأمرين: الأول: تقوية الضعف الإيماني والمادي والنفسي وعدم الاستسلام، مصداقاً لما أشارت إليه الآية بقولها: (فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله) لا نفسياً ولا إيمانياً، (وما ضعفوا) لا مادياً ولا سياسياً ولا عسكرياً، (وما استكانوا) أي ما استسلموا لإرادة العدو· الثاني: المبادرة إلى تحليل أسباب الهزيمة، والتخطيط لتوفير المتطلبات اللازمة للعبور من الهزيمة إلى النصر، وما تشير إليه الآية الكريمة في ممارسة النقد الذاتي وطلب المغفرة من الله عما تهاونوا في إعداده، (وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا)، ثم اعتمار نفوسهم بالأمل والعمل على اجتياز المحنة، حتى يكونوا أهلاً ليبدلهم الله من بعد خوفهم أمناً، وليزيل عنهم الغاشية التي عاشوها فترة، أفادوا منها كيف يكونون أدوات للبناء لا للهدم، وللأمل لا لليأس· ؟ والآن ماذا علينا أن نعي وماذا على الأمة أن تعمل؟ ؟؟ يوضح فضيلة الدكتور الأحمدي أبو النور ذلك قائلاً: إن أهم ما على الأمة أن تعيَه في هذه الفترة هو تحليل أسباب ما هي فيه، ثم العمل على تلافي هذه الأسباب في الوقت الذي ينبغي أن تنأى الأمة بنفسها عن تداعي عوامل الفرقة والنزاع بما يصنع القلق والتوتر، وحسبُ الأمة أن تعي أن المسلم لا يركع لغير الله ولا يخضع إلا لربه، وحسبُها أن تقوي الصلة بالله، حيث إنها خير حافز للعمل السباق إلى مجالات القوة التي تفرض الاحترام، لأننا نعيش عصر الوحدة وعصر القوة في كل شيء، ولن يعيرنا الغرب ولا الشرق التفاتاً إلا إذا كنا موضع احترامه وتقديره، وحين نكون كذلك ولو في مجال واحد (العلمي) مثلاً فسوف يغير العالم نظرته إلينا· نحن المسلمين تحالفت علينا أسباب شتى حتى احتلت أرضنا ونهبت ثرواتنا، وكانت منا نحن المسلمين أكبر نسبة لاجئين في العام، لكن المَخرج الآن من الأزمة ليس في التباكي على ما كان، ولا بالمنى فيما يمكن أن يكون، وإنما هو في العمل العلمي الجاد الذي نشعر العالم فيه بمدى نفعنا له ومدى حاجته لنا· ألم تنهزم اليابان في الحرب الثانية أشنع هزيمة عسكرية حينما قصف الأميركان هيروشيما وناجازاكي بالقنابل الذرية؟ هل استسلم الشعب الياباني أم أخذ الأمر تحدياً وحقق فيه انتصاراً عسكرياً؟ ولهذا تركز الآية القرآنية على عدم اليأس والقنوط والرضا بالهوان والسباحة في بحر الأحزان، لأنه لا يجدي (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون) (آل عمران:140) الأعلون بإيمانهم وعلومهم وأسلحتهم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©