سؤال: ماذا نفعل عندما يصر الطفل الصغير الذي لم يصل بعد إلى سن التكليف، على الصيام، ويمتنع عن أخذ أي طعام أو شراب طوال نهار رمضان، فيما يؤكد شحوبه وإعياؤه ما يعانيه بسبب الجوع والظمأ؟
·· هذا السؤال يقودنا إلى مشهد يتكرر كثيرا·· أطفال صغار يصرون على الصيام·· وآباء حائرون خائفون من تأثير الامتناع الطويل عن الطعام والشراب على صحتهم·· فما العمل ومتى نسمح للطفل بالصيام؟
يقول الأستاذ الدكتور علي هنداوي، مستشار منظمة الصحة العالمية واليونيسيف لطب الأطفال ومدير مركز الهنداوي الطبي إن هذه المشكلة تعكس حقيقة أن الطفل الصغير أكثر ذكاء مما نتصور، هو قد لا يدرك معنى الفريضة، لا يفهم أهمية الصيام، ولكنه يستشعر أجواء الفرح والبهجة التي تسود خلال الشهر الفضيل، يستشعر البهجة غير العادية في لحظة جلوس الأسرة على مائدة الطعام لتناول الإفطار الرمضاني، يستشعر الاستعدادات غير العادية للإفطار، وظهور أصناف جديدة وعديدة من الحلوى التي يحبها خلال هذا الشهر، ويربط كل ذلك بالامتناع عن الطعام والشراب في نهار رمضان، فيصبح هذا الامتناع مرادفا للسعادة والبهجة، فيصر على التقليد لينال نصيبه من هذه المشاعر وليشعر بالمشاركة في صنعها· يضيف الدكتور هنداوي: إذن محاولة الصغار تقليد الكبار وإصرارهم على الصيام هو أمر مستحب وجميل ويعكس تفاعل الطفل مع ما يدور حوله من أحداث واستيعابه لها·· وهنا تكمن أهمية التعامل بحكمة شديدة مع إصرار الطفل الصغير غير المكلف على الصيام ·
فمن الناحية الشرعية نجد أن الأطفال الصغار لا يجب عليهم الصيام قبل أن يصلوا إلى سن البلوغ·· ويرى الفقهاء أنه يجب على أولياء أمورهم أن يدربوهم على الصوم كل سنة·· يوماً أو يومين أو ثلاثة حسب قدرة الطفل على التحمل وحسب سنه·· وهكذا تزيد مدة التدريب إلى أن يصلوا إلى سن البلوغ·· أو سن التكليف·
وإذا كان عمر الطفل 8 سنوات أو 9 سنوات·· علينا ألا نقابل محاولاته للصيام بالرفض القاطع·· خصوصا إذا كان يتمتع بصحة جيدة ولا يعاني من أمراض سوء التغذية وفقر الدم أو أي مرض آخر يتطلب نظاما غذائيا خاصا، وإذا كان وزن الطفل طبيعيا بالنسبة لسنه·· أي حوالي 25 إلى 29 كيلوجراما تقريبا·· فإننا يجب أن نشجعه على محاولاته وان نكافئه على الأيام الأولى التي يتمكن من صيامها كاملة لنقرب إلى ذهنه مفهوم الثواب على تأدية هذه الفريضة·· وفي مثل هذه الحالات يجب أن نحرص على أن يتناول الطفل وجبة السحور وان يكون ذلك في وقت متأخر قدر الإمكان حتى لا يشعر الطفل بالجوع بسرعة · وعموما فإن الطفل في العامين الأخيرين من العقد الأول من العمر يمكنه أن يصوم بعض أيام الشهر الفضيل·· ولا مبرر للخوف من ذلك·· أما إذا كان وزن الطفل أقل من الوزن الطبيعي بمقدار 5 إلى 10 كيلوجرامات فيجب أن نمنعه عن الصيام حتى لا يصاب بالهزال والضعف· أما الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 8 سنوات فيمكن أن نسمح لهم بالصيام بعض الوقت·· عدة ساعات في اليوم مثلا أو نصف يوم ولا داعي للخوف على صحة الطفل الصائم سواء صياما جزئيا أو صياما كاملا حسب سنه·
عدد اليوم
