الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المصالح النفطية لأميركا في العراق تثير الجدل

المصالح النفطية لأميركا في العراق تثير الجدل
18 سبتمبر 2007 21:46
ظل الرئيس الاميركي جورج بوش يضغط على الحكومة العراقية طيلة الاعوام الماضية لكي تنتهي من إعداد قانون اقتسام عائدات النفط والغاز الوطنية بوصف ذلك حجر الزاوية لإحلال الديمقراطية وتنمية أهم مورد للبلاد· وفي تقرير بعث به إلى الكونجرس يوم الجمعة الماضي قال البيت الأبيض إن التوزيع المتساوي للنفط بين ''العرب السنة والعرب الشيعة والأكراد والمواطنين العراقيين الآخرين'' يعد مهما من أجل ''تحديد معالم النظام الاتحادي في العراق''· لكن التقرير توصل إلى أن العراق ''لم يحرز تقدماً مرضياً'' على صعيد هذه المسألة الحيوية· هذا التصنيف السلبي ترسخ هذا الأسبوع مع انهيار المفاوضات المتعلقة بالقانون في بغداد في الوقت الذي كان فيه سفير بوش وأرفع قائد عسكري في العراق يحاولان في واشنطن إقناع الكونجرس بأن الأمور آخذة في التحسن· وفي هذا الصدد يقول المراقبون إن الامر الذي ربما يكون ذا مغزى هنا يتمثل في أن الصفقة التي تم إبرامها في مطلع الشهر الحالي بين الحكومة المحلية في منطقة الأكراد بشمال العراق وراي هنت أحد مليارديرات النفط الأميركيين والذي يعد من أكبر أنصار بوش يمكن أن تنبئ بدرجة أكبر عن فرص التوصل إلى توافق وطني بشأن قانون النفط· هذه الصفقة يمكن أن تعزز من التصور الماثل في ذهن الكثير من المنتقدين في العراق والخارج وهو أن الحرب الاميركية في العراق كان الهدف منها، رغم كل ما قيل، الاستيلاء على احتياطات الطاقة الضخمة للعراق بحسب المراقبين· ومن أجل محو هذا التصور من الاذهان قامت لجنة عراقية مكونة من شخصيات سنية وشيعية بإعداد تقرير في ديسمبر عام 2006 حثت فيه بوش على التوضيح للعالم أن واشنطن لا تسعى للسيطرة على الثروة النفطية للعراق· وقال التقرير إن نفي واشنطن وجود أي مصالح نفطية لها في العراق سيعد أمراً حيوياً لتفادي حدوث فوضى سياسية واقتصادية في البلاد· وأضاف التقرير: ''في وسع الولايات المتحدة البدء في تهيئة مناخ إيجابي لجهودها الدبلوماسية على الصعيد الدولي وداخل العراق من خلال تصريحات لبوش يضمنها رفضه لفكرة أن الولايات المتحدة تسعى للسيطرة على نفط العراق أو أنها تسعى لانشاء قواعد عسكرية دائمة في العراق· لكن العديد من المحللين في واشنطن يقولون إنه لم يحدث فيما هو واضح أن واشنطن وضعت عينيها على نفط العراق· إذ يعتقد دانيل سيروير نائب رئيس المعهد الأميركي لعمليات السلام والاستقرار الذي تموله الحكومة أن الثروة النفطية للعراق ليست هي ''الدافع الرئيسي'' للتورط الاميركي في العراق لان الولايات المتحدة تشتري نفطها من السوق العالمي وأن كميات البترول التي تستوردها من إفريقيا تزيد على ما تستورده من هذه السلعة من الشرق الاوسط· وقال سيروير: ''من الواضح أن يعتقد الكثير من العراقيين وكذلك الكثير من الاجانب أن هذا الامر صحيحاً· وأشار إلى أن الادارة الاميركية لم تعمل على دحض هذه الفكرة لكون أن بوش يخاطب في الاساس جمهوره الداخلي عندما يتحدث عن العراق· في غضون ذلك وبعد أن نفد صبره حيال بطء المفاوضات الوطنية في بغداد قام شمال العراق الغني بالبترول بتمرير قانونه الخاص لاتاحة الفرصة أمام الاستثمارات الأجنبية· فقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن شمال العراق أبرم في أواخر الاسبوع الماضي صفقة مع شركة هنت للبترول ومقرها تكساس تقضي بالتنقيب عن البترول كما اتفقا على قيام شركة ''دانه غاز'' ومقرها دولة الامارات بتنمية احتياطات الغاز· وفي معرض ردها على سؤال في الاسبوع الماضي حول هذه المسألة قالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس إن صفقة شركة هنت للنفط أظهرت ''مساوئ'' فشل العراق في الاتفاق على القانون الوطني لتقاسم النفط· ويوم الجمعة الماضي كتب بول كروجمان في عموده بصحيفة نيويورك تايمز يقول: إن صفقة شركة هنت للنفط تعد مؤشراً على الاعتقاد السائد بين المسؤولين المقربين من بوش وهو ''أن الحكومة العراقية· لن تصل إلى توافق بشأن قانون النفط أو القضايا الأخرى· ومضى كروجمان يقول: ''لقد أعرب بعض المعلقين عن دهشتهم إزاء حقيقة أن رجل الأعمال الذي تربطه صلات قريبة للغاية بالبيت الابيض يعمل الان على تقويض السياسة الاميركية· إذ يدرك رجل الاعمال أن أميركا خسرت الحرب وأن العراق في سبيله لان يصبح يوغوسلافيا (أخرى)''· من ناحية اخرى، ذكر مصدر في مديرية الدفاع المدني في محافظة صلاح الدين شمالي العراق أمس أن عدة حرائق نشبت في المناطق المحاذية لنهر دجلة الذي يشهد تسرباً كبيراً للنفط على إثر تفجير الأنبوب الرئيسي الذي ينقل النفط إلى مصفاة بيجي وكذلك إلى الخط العراقي- التركي لنقل النفط· وقال المصدر: إن'' فرقاً من الدفاع المدني وقوات عراقية من الفرقة الرابعة ومقرها تكريت توجهت إلى قضاء بيجي لمنع انتشار الحرائق التي بدأت تزداد شيئا فشيئا مع ازدياد رقعة التسرب في النهر''· وحذر المصدر المواطنين العراقيين من إشعال الحرائق عند ضفاف النهر للتخلص من النفط الطافي على سطح المياه التي تبدل لونها إلى اللون الأسود· وحذر المهندس إبراهيم الجبوري، مدير إدارة إسالة الماء في محافظة صلاح الدين، المواطنين العراقيين من الإسراف في استخدام المياه المخصصة للأغراض المنزلية· وقال إن مديريته ''أوقفت جميع مشاريع الماء حتى قضاء سامراء الواقع على بعد 100 كم جنوب موقع التفجير، بعد تلوث مياه نهر دجلة بالنفط الخام'' معرباً عن أمله في ''ألا تتأخر الجهات المعنية في إطفاء الحرائق وإيقاف تدفق النفط نحو النهر''· ومن جانبها، قالت مصادر طبية في تكريت وبيجي إن عدداً من العراقيين أدخلوا إلى المستشفيات بسبب إصابتهم بالاختناق نتيجة استنشاق الغازات المصاحبة للحرائق التي انتشرت في المنطقة، فيما غطت السحب السوداء الكثيفة سماء المنطقة حتى تكريت· وكان مصدر مسؤول في قطاع النفط في العراق قد ذكر في وقت سابق أن عبوة ناسفة انفجرت فجر اليوم أسفل أنبوب نفطي في منطقة بيجي (200 كم شمال بغداد) مما أسفر عن إلحاق أضرار بأنابيب النفط وتسرب كميات من النفط· وقال المصدر: إن ''العبوة دمرت جزءاً من الأنبوب الذي يربط حقول كركوك بمصافي بيجي، كبرى مصافي النفط في العراق، كما ألحقت أضراراً كبيرة بالخط العراقي التركي الذي يسير بموازاة الأنبوب ويعبر نهر دجلة ''من فوق أحد الجسور· وبحسب مصدر نفطي، فإن إمدادات مصافي بيجي من النفط الخام ستتأثر بدرجة كبيرة، مما قد يؤدي إلى وقف الإنتاج الذي يغطي أكثر من نصف حاجة العراق إلى المشتقات النفطية، وهي المشتقات التي تعاني الحكومة العراقية من أزمة مزمنة فيما يتعلق بتوفيرها للمواطنين· ·· والعاملون العراقيون يحتجون على القانون واشنطن ـ د ب أ: في حين تعجز الأحزاب السياسية في العراق حتى الان عن التوصل إلى حل وسط بشأن مشروع قانون النفط والغاز الذي يحتدم حوله الجدل، يواصل عمال البترول في إقليم البصرة الغني بالنفط احتجاجاتهم شبه اليومية حيث يصفون أنفسهم بـ ''المدافعين عن نفط البلاد''· وتتصدى نقابة عمال البترول بالبصرة بلا هوادة للقانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء العراقي لكنه تعثر في البرلمان· وتعتقد نقابة العمال بالبصرة أن انهمار العقود الأجنبية سوف يؤدي تدريجياً ولكن في نهاية المطاف إلى خصخصة قطاع البترول وهي الفكرة التي تعارضها بشدة· وسيحسم القانون الذي يعد بمثابة خطوة سياسية واقتصادية تاريخية مسألة السيطرة على الاحتياطات البترولية الحالية وأيضا التي لم تمس حتى الان والكائنة أساساً في الشمال العراقي الخاضع لسيطرة الاكراد والجنوب الذي يهيمن عليه الشيعة· وخلال مظاهراتهم ضد مشروع القانون يحذر المحتجون في قطاع صناعة البترول ونقابات العمال وزارة البترول بالحكومة المركزية في بغداد من تجاهل مطالبهم ويتعهدون بمواصلة احتجاجاتهم الصاخبة· ورداً على ذلك أمر وزير النفط حسين الشهرستاني بمنع النقابات من الادلاء بدلوها أثناء مناقشة القانون الذي يترقبه الكثيرون· على النقيض من ذلك قال ابراهيم بحر العلوم وزير البترول العراقي السابق إنه ينبغي السماح لعمال البترول بالادلاء بدلوهم في هذه المسألة، مضيفاً: ''يجب أن يكون لهذه النقابات موقف (بخصوص القانون) ويجب أخذ تصورهم في الاعتبار· فالنقابات هي الحامية لعمال البترول''· وتابع قائلاً: ''يجب أن تكون المناقشات مفتوحة''، مضيفاً أن وسائل الإعلام المحلية تلعب دوراً في تشويه مشروع القانون المثير للجدل لكنه أعرب أيضاً عن اعتقاده أن الحكومة كانت غامضة في معرض شرحها للقانون· وقال بحر العلوم: ''إن المواطنين لديهم صورة مبهمة عن الحقوق التي ينص عليها القانون· في غضون ذلك تضغط واشنطن من أجل حمل بغداد على التصديق على القانون على جناح السرعة الامر الذي جعل الكثير من العراقيين وخاصة أولئك الذين يقطنون في المناطق الغنية بالبترول تساورهم الشكوك حول الدوافع الحقيقية لإدارة بوش· ويعتقد الكثير من العمال أن الصفقة التي وصفها رئيس الوزراء نوري المالكي ومجلس وزراؤه بأنها اتفاق ''لاقتسام الربح'' هي في حقيقتها تهدف إلى استغلال موارد الطاقة التي تدر أموالاً طائلة للعراق لصالح شركات النفط الأميركية· وينص القانون على إعادة هيكلة شركة النفط الوطنية العراقية وتحويلها إلى شركة قابضة مستقلة على أن تتولى هذه الشركة الإشراف على تنفيذ السياسة البترولية للبلاد· لكن القانون، كما يقول بحر العلوم، لا يضمن سيطرة العراق على احتياطاته النفطية طالما أنه لا يحدد حصة يحتفظ بها لحماية الشركة القابضة أمام المنافسين الأجانب· وأضاف الوزير السابق قائلاً: ''لا ينبغي التعامل مع شركة البترول الوطنية على أنها منافس للشركات الأجنبية إذ يجب منحها الأولوية في التعاقد ويجب ألا يقل نصيبها عن 51 في المئة''· وفي بغداد انهارت المناقشات حول مشروع القانون حيث انقسم الأكراد والسنة والشيعة حول البنود المتعلقة بتوازن القوى بين المناطق والجماعات العراقية المختلفة· ويخشى السنة أن يؤدي القانون إلى إضفاء الطابع اللامركزي على إدارة حقول النفط· بينما دب الخلاف بين الشيعة والاكراد حول السيطرة عليها معربين عن رفضهم بنود القانون التي تنص على وضع الحقول تحت سيطرة الشركة الوطنية في بغداد· وفي ضوء هذا الكم من الجدل قبل تصديق البرلمان على مشروع القانون يتوقع بعض المراقبين حدوث قدر آخر من اللغط حول تنفيذ القانون ذاته·
المصدر: واشنطن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©