الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التمييز يهدد بناء شخصية الطفل

التمييز يهدد بناء شخصية الطفل
8 ابريل 2016 04:37
خورشيد حرفوش (القاهرة) التمييز ضد الآخرين نزعة للحكم على قيم شخص آخر بمعايير غير موضوعية، مع تجاهل فضائل ذلك الشخص، كأن تستخدم صفة معينة للدلالة عليه من دون أن تنطوي تلك الصفة على أية إشارة إلى قيمة الشخص الحقيقية. ويسبب التمييز الأذى للشخص الذي يتعرض إليه، ويحد بشدة من عملية تطوره العاطفي. تقول الدكتورة علياء كامل، الخبيرة التربوية والأستاذ المساعد بكلية التربية بجامعة حلوان، إنه ليس هناك إنسان متحيز بطبعه، فالطفل الذي يبدأ في اكتشاف العالم من حوله يميل إلى تقبل الآخرين وفق رد فعلهم تجاهه. وليس للعرق أو الدين أو المستوى الاقتصادي أي قيمة عند الطفل في هذه المرحلة، لكنه يبدأ بالتدريج في التقاط حالات التحيز التي يظهرها أبواه، ويبدأ في تقليدها، مشيرة إلى أن الملاحظات التي يبديها الوالدان تجاه الآخرين، ونبرة صوتيهما ومزاحهما، وتعليقاتهما، تؤثر في الطريقة التي ينظر بها الطفل إلى من يختلف معه، فتقوي شعوره بالتحيز ضد الآخرين، أو تضعفه. وتوضح أن اختلاط الطفل بأطفال من مستويات مختلفة واللعب معهم يعطيه أفقاً أوسع. فيما التكتلات الشائعة بين أطفال المدارس تؤدي إلى نشوء حالات تحيز لديه، مضيفة أن لتصرفات الوالدين والمدرسين وغيرهم من الأشخاص المتمتعين بالسلطة تأثيراً كبيراً على الطفل. ولا تقل الأفلام التي يراها الطفل على شاشة التليفزيون ويسمعها من خلال المذياع أو يقرأها في الصحف والمجلات أهمية عن تلك التصرفات. وتقول إن الوالدين لا يشعران بالتحيزات التي يمارسانها إلا بعد أن تنعكس تلك على تصرفات أبنائهما. دور الوالدين عن تعامل الوالدين مع موضوع التمييز تقول: «يجب على الوالدين أن يعيدا النظر في المعايير التي يطبقانها تجاه الآخرين، فسلوكهما القائم على التسامح أفضل من محاضرات وعظ وإرشاد يلقيانها على أطفالهما»، موضحة أنه لابد أن يتعلم الطفل ومنذ السنين الأولى من عمره أن قيمة الإنسان لا تكمن في ملابسه أو لهجته أو لونه أو دينه، بل تكمن في جوهره وفكره، وبذلك يكون قد تسلح بسلاح يحول دون لجوئه إلى التحيز أو التمييز في تصرفاته مستقبلاً. وتضيف: «تكمن جذور التحيز في الجهل والشعور بعدم الأمان، فالشخص محدود الأفق في معلوماته وتجاربه يستسهل إلصاق الصفات بالآخرين بدلاً من النظر إليهم والتعامل معهم كأشخاص مستقلين، كما أن الشخص الذي يشك في قيمته ينظر للآخرين بازدراء، فيما الشخص الواثق من نفسه، والذي يشعر بالأمان يحترم الآخرين ويقدرهم». كيفية التعامل حول كيفية تعاطي الوالدين مع مواقف التحيز التي يتعرض لها الأطفال، تقول: «يتطلب التعامل مع هذه الحالات الصبر واللباقة والمحبة، فقد يسأل الأطفال والديهم أسئلة عن المسائل الدينية أو العرقية أو غيرها، وفي مثل هذه الحالات لابد من إعطاء الأجوبة الصحيحة، وبإمكان الأهل أن يبينوا أن الناس مختلفون في معتقداتهم وأصولهم، ولكن التعامل مع الآخرين بصورة مختلفة بسبب من هذه الاختلافات هو تصرف خاطئ». وتوضح أنه لا بد من إفهام الطفل أنه ليس مسؤولاً عن التحيز الذي يمارسه الآخرون ضده، ما يجعله أكثر قدرة على تحمله ومواجهته، مؤكدة الحاجة للفعل أكثر من الكلام، فالطفل الذي يتعرض إلى التمييز يتعرض لتحطيم ثقته بنفسه، وقد ينسحب من العالم الذي رفضه أو يقرر أن يقابل هذا التصرف بالمثل كما يحدث في حالات جنوح الأحداث، مؤكدة أن الأمان والدفء اللذين توفرهما الأسرة المتفهمة قلعة حصينة ضد بعض آثار التمييز قادرة على رفع الروح المعنوية للأبناء. التقدير الذاتي وتقول إن أفضل أنواع التقدير الذاتي وأكثرها دواماً النوع القائم على الشعور بالفخر عند تحقيق منجزات حقيقة، فكل الأطفال بحاجة إلى مثل هذا التقدير لاسيما الطفل الذي يعاني تحيز الآخرين ضده، ويجب على والديه رسم أهداف واقعية له تنطوي على قدر من التحدي، وتناسب عمره وقدراته، ويجب عليهما ألا يسمحا له باستخدام تحيز الآخرين ضده ذريعة لتبرير فشله. وعن الآثار المؤلمة للتمييز، تقول إن الضحية يميل إلى تقبل نظرة الآخرين القائمة على ازدرائه، مشيرة إلى أنه يحق للطفل الذي يتعرض إلى التحيز أن يغضب، لكن يجب على والديه أن يستعملا غضبه لمساعدته في تحقيق غايات أسمى، وألا يدعاه يتخذ من هذا المسلك ذريعة لتبرير التراخي في بلوغ أهدافه. وتؤكد أنه تقع على آباء وأمهات الأطفال المعرضين إلى التحيز مسؤولية إضافية، لأنه يترتب عليهم المساعدة في تنمية روح التسامح عندهم، وجعل عقولهم نيرة ومتفتحة. وتذكر أن الطفل الذي يقع ضحية التمييز يصبح هدفاً سهلا للتعامل غير السوي من قبل الجماعة المسيطرة. ويجب على الوالدين أن يوضحا لطفلهما أنه ليس الجميع أناساً متحيزين، وأن هناك الكثير من الأشخاص المنتمين إلى الجماعة المسيطرة يحاولون التخلص من نزعاتهم المتحيزة، وأنهم ليسوا متحيزين أصلاً، لافتة إلى أنه لا ينبغي على الوالدين الاستخفاف بالمشكلة ورسم صورة وردية للعالم، ولابد من أن يبينا له أن هناك أسباباً تدعو إلى التفاؤل والأمل. المغالاة في الحماية وتقول إن بعض الآباء والأمهات يميلون إلى تحصين أطفالهم ضد آثار التحيز، وعلى الرغم من سلامة القصد، فإن محاولة عزل الطفل عن الواقع ستؤدي إلى حرمانه من فرص خلق شعور واقعي لديه بالتقدير الذاتي، وكذلك فإن مدحه مديحاً لا يوازي ما يحققه يؤدي إلى خلق شعور خيالي لديه عن قدراته، ومثل هذا الشعور يمكن أن يؤثر في علاقاته بغيره من الأطفال، وقد يؤدي إلى أن يرفضه الآخرون، وسرعان ما تصبح نظرته للحياة مشوهة إلى درجة يصعب معها عليه التكيف. وتوضح أنه يجب الطفل أن يتعلم كيف ينظر إلى العالم، وكيف يعيش فيه، وقد يعقد الطفل العزم على تغيير العالم إما بسبب تجربته الخاصة أو بسبب المثل التي تعلمها من والديه، والخطوة الأولى في التغيير بالنسبة له هي أن يدركه إدراكاً واقعياً. والوالدان مسؤولان عن أن يعطيا الطفل صورة دقيقة عن الحياة والمشكلات التي تجلبها والإمكانات التي توفرها، ما يمكنه من التغلب على الآثار المدمرة للتمييز.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©