الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحاسن والمساوئ

17 سبتمبر 2007 22:34
قيل: دخل أبو زبيد الطائي على عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافته، وكان نصرانياً فقال له: بلغني أنك تجيد وصف الأسد· فقال له: لقد رأيت منه منظراً وشهدت منه مخبراً لا يزال ذكره يتجدد على قلبي· قال: هات ما مر على رأسك منه· قال: خرجت يا أمير المؤمنين في صيابة، من إفناء قبائل العرب ذوي شارة حسنة ترتمي بنا المهاري بأكسائها القزوانيات ومعنا البغال عليها العبيد يقودون عتاق الخيل نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشام، فاخروط بنا المسير في حمارة القيظ حتى إذا عصبت الأفواه وذبلت الشفاه وشالت المياه وأذكت الجوزاء المعزاء وذاب الصيخد وصر الجندب وضايق العصفور الضب في وجاره قال قائلنا: أيها الركب غوروا بنا في دوح هذا الوادي فإذا واد كثير الدغل دائم الغلل شجراؤه مغنة وأطياره مرنة، فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات فأصبنا من فصلات المزاود وأتبعناها بالماء البارد، فأنا لنصف حر يومنا ومماطلته إذ صر أقصى الخيل أذنيه وفحص الأرض بيده، ثم ما لبث أن جال فحمحم وبال فهمهم ثم فعل فعله الذي يليه واحد بعد واحد فتضعضعت الخيل وتكعكعت الإبل وتقهقرت البغال، فمن نافر بشكاله وناهض بعقاله فعلمنا أن قد أتينا وأنه السبع لا شك فيه ففزع كل امرئ منا إلى سيفه واستله من جربانه، ثم وقفنا له رزدقاً فأقبل يتطالع في مشيته كأنه مجنوب أو في هجار لصدره نحيط وليلا غيمه غطيط ولطرفه وميض ولا رساغى نقيض كأنما يخبط هشيماً أو يطأ صريماً، وإذا هامة كالمجن وخد كالمسن وعينان سجراوان كأنهما سراجان يقدان وقصرة ربلة ولهذمة رهلة وكتد مغبط وزور مفرط وساعد مجدول وعضد مفتول وكف شثنة البراسن إلى مخالب كالمحاجن ثم ضرب بذنبه فأرهج وكشر فأفرج عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مفلولة وفم أشدق كالغار الأخرق ثم تمطى فأسرع بيديه وحفر وركبه برجليه حتى صار ظله مثليه، ثم أقعى فاقشعر، ثم مثل فاكفهر، ثم تجهم فازبأر، فلا والذي بيته في السماء ما أتقيناه بأول من أخ لنا من بني فزارة كان ضخم الجزارة فوهصه ثم أقعصه فقضقض متنه وبقر بطنه، فجعل يلغ في دمه فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا فكر مقشعر الزبرة كأن به شيهماً حولياً فاختلج من دوني رجلاً أعجز ذا حوايا فنفضة نفضة فتزايلت أوصاله وانقطعت أوداجه، ثم نهم فقرقر، ثم زفر فبربر، ثم زأر فجرجر ثم لحظ، فو الله لخلت البرق يتطاير من تحت جفونه عن شماله ويمينه، فارتعشت الأيدي واصطكت الأرجل وأطت الأضلاع وارتجت الأسماع وحمجلت العيون وانخزلت المتون ولحقت الظهور البطون ثم ساءت الظنون وأنشأ يقول: عبوس شموس، مصلخـد خـنـــايس جرئ على الأرواج للقرن قـاهـــــــــر منيـــــع ويحـمـي كـل واد يرومـــــــه شديد أصول الماضغين مـكـابـــــــر براثـنــــــــه شثن وعينـــــــا فـي الـدجــــى كجمر الغضا في وجهه الشر ظاهر يدل بـأثـيــــــــاب حـــــــــداد كـأنـهــــــــــا إذا قلص الأشداق عنها خـنـاجــــر فقال عثمان: أكفف لا أم لك، فلقد أرعبت قلوب المسلمين ولقد وصفته حتى كأني أنظر إليه يريد يواثبني· وقيل في المثل: وهو أجبن من هجرس- وهو القرد- وذلك لأنه لا ينام إلا وفي يده حجر مخافة أن يأكله الذئب· وحدثنا رجل بمكة قال: إذا كان الليل رأيت القرود تجتمع في موضع واحد ثم تبيت مستطيلة واحداً في أثر واحد في يد كل واحد منهم حجر لئلا ترقد فيأتيها الذئب فيأكلها وإن نام واحد وسقط الحجر من يده خرج فتحرك الآخر فصار قدامه فلا نزال كذلك طول الليل فتصبح وقد صارت من الموضع الذي باتت فيه على ثلاثة أميال أو أكثر جبناً· وقيل: هو أجبن من صافر وهو طائر يتعلق برجليه وينكس رأسه ثم يصفر ليلته كلها خوفاً من أن ينام فيؤخذ· وقيل لجبان: انهزمت فغضب الأمير عليك، قال: ليغضب الأمير وأنا حي أحب إلي من أن يرضى وأنا ميت· وقبل لبعض المجان: ما لك لا تغزو؟ قال: والله إني لأبغض الموت على فراشي فكيف أمر إليه ركضاً؟ قال: وقال الحجاج لحميد الأرقط وقد أنشده قصيدة يصف فيها الحرب: يا حميد هل قاتلت قط؟ قال: لا أيها الأمير إلا في النوم· قال: وكيف كانت وقعتك؟ قال: انتبهت وأنا منهزم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©