الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ندامة حكايات من التراث

ندامة حكايات من التراث
17 سبتمبر 2007 22:32
الكسعي كان رجلاً من بني كسع ثم من بني محارب واسمه غامد بن الحارث· وأنه كان يرعى إبله بواد معشب فأبصر نبعة في صخرة فقال ينبغي أن تكون هذه قوساً فجعل يتعهدها ويعتني بها حتى إذا أدركت قطعها وجففها فلما تم جفافها اتخذ منها قوساً فرح به حتى أنشد فيه يقول: يا رب وفقني لنحت قوسي فإنها من لذتي لنفسي وانفع بقوسي ولدي وعرسي أنحتها صفراء مثل الورس صفراء ليست كقسي النكس ثم دهنها وخطمها بوتر، ثم عمد إلى ما كان من بقيتها فجعل منها خمسة أسهم وجعل يقلبها في كفه مسروراً يقول: هن - وربي - أسهم حسان تلذ للرامي بها البنـــان كأنما قوامــــها ميزان فأبشروا بالخصب يا صبيان إن لم يقعني الشؤم والحرمان ثم خرج حتى أتى ربوة عالية تهيمن على موارد حمر فكمن فيها· وبعد برهة مر قطيع من الحمر فرمى أحدها بسهم من سهامه الخمسة، فأمخط السهم أي نفذ السهم من جسم العير وخرج فارتطم بالجبل فتولد عنه شرر نار فظن الكسعي أن السهم أخطأ الهدف وأصاب الجبل، فأسف وأنشد: أعوذ بالله العزيز الرحمن من نكد الجد معا والحرمـان مالي رأيت السهم بين الصوان يوري شراراً مثل لون العقيان فأخلف اليوم رجاء الصبيان ثم مكث حتى مر قطيع آخر فرمى منها عيرا ففعل السهم كفعل الأول فحزن وقال: أعوذ بالرحمن من سوء القدر أأخطأ السهم لإرهاق البصر أم ذاك من سوء احتيال ونظر وإنني عهدي لرام ذي ظفر مطعم بالصيد في طول الدهر ولبث مترقباً حتى مر بعض العير فصوب سهمه الثالث ففعلت فعل ما قبلها فازداد حزن الرجل، وقال: يا حسرتا للشؤم والجد النكد قد شفني القوت لأهلي والولد والله ما خلفت في ذاك العمد لصبيتي من سبد ولا لبد أذهب بالحرمان مع طول الأمد؟ ثم جعل يترقب حتى رأى قطيع حمر آخر فرمى بسهمه الرابع رجاء أن يصيب به ففعل فعل ما سبقه، فازداد إحباطه وقال: ما بال سهمي يظهر الحباحبا وكنت أرجو أن يكون صائباً إذ أمكن العير وأبدى جانبا وصار ظني فيه ظناً خائباً إذا أفلتت أربعة ذواهبا ثم تبقى معه سهم فكره أن يتصرف به فانتظر حتى رأى قطيعاً آخر فصوب نحوه وبالغ في الإحكام فكانت النتيجة كما مر قبلها· فيئس وقال: أبعد خمس قد حفظت عدها أحمل قوسي وأريد ردها أخزى الإله لينها وشدها والله لا تسلم عندي بعدها ولا أرجي ما حييت رفدها قد أعذرت نفسي وأبلت جهدها ثم عمد الى قوسه فجعل يضربها بالحجر حتى حطمها، ثم بات، فلما أصبح نظر فإذا الحمر الخمسة مطروحة وأسهمه مضرجة بالدم، فندم على كسر قوسه ندماً أصبح مضرب الأمثال، واستبد به الندم حتى عض على إبهامه فقطعها دون أن يشعر وقال: ندمت ندامة لو أن نفسي تطاوعني إذا لقطعت خمسي تبين لي سفاه الرأي مني لعمر أبيك حين كسرت قوسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©