الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ذات النطاقين.. مئة عام من العقل والشجاعة

ذات النطاقين.. مئة عام من العقل والشجاعة
17 سبتمبر 2007 22:31
أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- مهاجرة ومجاهدة جليلة، عرفت بعزة النفس وقوة الارادة، ولدت سنة 27 قبل الهجرة، وهي اكبر من أختها لأبيها عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- بعشر سنين، وشقيقة عبدالله بن أبي بكر، ولقبت بذات النطاقين لأنها ليلة خروج الرسول صلى الله عليه وسلم وأبيها إلى غار ثور أثناء الهجرة أخذت نطاقها فشقته شطرين فجعلت واحدا لتغطية طعام الرسول صلى الله عليه وسلم والآخر عصاما لقربة المياه، فدعا لها الرسول أن يبدلها الله بنطاقين في الجنة· أسلمت أسماء في مكة بعد اسلام سبعة عشر رجلا وامرأة، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وآمنت به ايمانا قويا، فمن حسن اسلامها أن أمها قتيلة بنت عبدالعزي -طلقها أبوبكر في الجاهلية- قدمت عليها بهدايا زبيب وسمن وقرط فأبت ان تقبل هدية أمها أو تدخل بيتها، فأرسلت الى عائشة: سلي رسول الله فقال: ''لتدخل بيتها ولتقبل هديتها''· وعندما هاجر الرسول وأبوبكر الى المدينة حمل أبوبكر معه ماله كله وقدره 5000 أو 6000 درهم ثم دخل جدها أبوقحافة عليها وقد ذهب بصره فقال: والله اني لآراه قد فجعكم بماله كما فجعكم بنفسه، فقالت له: كلا انه قد ترك لنا خيرا كثيرا· فأخذت احجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان ابوها يضع ماله فيها ثم وضعت عليها ثوبا ثم اخذت بيده فقالت: ضع يدك على هذا المال، فوضع يده عليه وقال: لا بأس اذا كان ترك لكم فقد احسن· وتزوجت اسماء من الزبير بن العوام ولم يكن له شيء غير فرسه فكانت تعلفه وتكفيه مؤنته وتدق له النوى وتسقيه الماء وتعجن، وقد جاءت الى رسول الله فقالت: يا رسول الله ليس في بيتي شيء إلا ما ادخل علي الزبير فهل علي جناح في ان أرضخ -أتصدق من القليل- مما يدخل علي به؟ فقال: ''ارضخي بما استطعت ولا توكي -لا تبخلي- فيوكي عليك''· فكانت امرأة سخية النفس وذات جود وكرم لا تدخر شيئا لغد· فكانت تمرض المرضة، وكانت تقول لبناتها: أنفقن وتصدقن ولا تنتظرن الفضل، فإنكن ان انتظرتن الفضل لم تفضلن شيئا وان تصدقن لم تجدن فقده· وشهدت أسماء موقعة اليرموك مع زوجها الزبير وأبلت فيها بلاء حسنا· وفي أيام الفتنة اتخذت خنجرا فوضعته تحت مرفقها فقيل لها: ما تصنعين بهذا؟ قالت: إن دخل عليّ لص بعجت بطنه، ومما يؤكد شجاعتها ايضا كلماتها لابنها عبدالله لما دخل عليها وهي عمياء وقد بلغت 100 سنة وقال لها: يا أماه، أما ترين قد خذلني الناس وأهل بيتي؟ فقالت: لا يلعبن بك صبيان بني امية، عش كريما ومت كريما والله إني لأرجو ان يكون عزائي فيك حسنا بعد ان تقدمتني أو تقدمتك، فإن في نفسي منك حرجا حتى أنظر الى ما يصير أمرك، ثم قالت: اللهم اني قد سلمت فيه لأمرك ورضيت فيه بقضائك فأثبني في عبدالله ثواب الشاكرين· ودخل الحجاج على اسماء فقال لها: إن ابنك ألحد في هذا البيت وإن الله قد أذاقه من عذاب أليم وفعل به وفعل، فقالت له: كذبت، كان برا بالوالدين، صواما، ولقد أخبرنا رسول الله انه سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما شر من الاول· وقال الحجاج لها بعد مقتل عبدالله: كيف رأيتني صنعت بابنك؟ فقالت أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك· وتوفيت اسماء بعده بليالٍ بمكة سنة 43 هجرية ولها مائة سنة ولم يسقط لها سن ولم ينكر لها عقل وكانت قد روت عن الرسول 58 حديثا·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©