الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاجتماعي والصفاء الروحي

الاجتماعي والصفاء الروحي
17 سبتمبر 2007 22:26
الشيخ سالم بن حم العامري أحد أعلام مدينة العين، عاصر مرحلتي الشدة والرخاء·· فكان شاهداً على حياة الماضي بضنكها وشح مواردها، وعاصر الحياة الحاضرة وشهد الطفرة التي أسسها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان ''طيب الله ثراه'' على هذه الأرض، فكانت الإمارات واحدة من أكثر دول العالم منافسة على التطور والتحضر· ولد الشيخ سالم بن حم عام 1925 في منطقة الصفا جنوب الوجن·· وترعرع في أحضان البادية، وتنقل في فترة الطفولة ما بين أطراف مدينة العين ووسطها حيث الأفلاج خاصة بين منطقتي القطارة وهيلي· ولأن أجداده وأعمامه كانوا على صله جيدة بآل نهيان منذ زمن بعيد، نشأت بينه وبين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان علاقة طيبة تحدث عنها الشيخ زايد رحمه الله قائلاً: ''سالم عزيز علينا دائما، التزم معنا في الأوقات الصعبة وشاركنا همومنا، ونحمد الله أنه شاركنا أفراحنا''· من هنا حظي الشيخ سالم بن حم ومنذ البداية بثقة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وكان أحد المقربين منه منذ أن تم تنصيبه -رحمه الله- ممثلاً لحاكم أبوظبي في المنطقة الشرقية عام ·1946 وقد كانت هذه الثقة الغالية هي نقطة الانطلاق للشيخ سالم بن حم في آفاق العمل الوطني في تلك المرحلة المهمة من تاريخ البلاد· ومن هنا جاء تكريمه من قبل الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بجائزة أبوظبي في الدورة الثانية العام الماضي· يسرد الشيخ سالم بن حم العامري ذكرياته الرمضانية في حواره مع ''الاتحاد'' ويتحدث عن التآلف الاجتماعي والمجالس الرمضانية من أجواء الماضي· ؟ عاد شهر رمضان محملاً بكثير من عبق الماضي، خاصة أنه شهر فضيل يحمل كل مظاهر الخير ويجسد صوراً حية للتكافل الاجتماعي، ماذا تخبرنا عن ذكرياتك الرمضانية؟ ؟؟ بمجرد أن يهل هذا الشهر الكريم نستشعر حلاوة غير معهودة، أيامنا وأوقاتنا تختلف عن بقية الأيام، في الماضي كنا نقوم بإعداد موائد الإفطار التي يجتمع عليها الأهل والغرباء، وكل مار من هذا الطريق لم يكن يحمل هم الإفطار ولا ينتظر الدعوة، لأنها دعوة عامة على الخير، ويستمر هذا العمل طوال شهر رمضان الكريم·· ويقبل المصلون على المساجد لصلاة التراويح، ويتسابق الجيران المحيطون بالمسجد في إرسال الموائد إلى عمار المساجد لتتقوى الصلة وتنتشر الفرحة وينقسم الأجر بين السامع والتالي للقرآن· وتأتي بعد ذلك مناسبة العيد، التي كانت رغم بساطتها تلف الجميع بفرحة كبيرة، تبدو آثارها على وجوه الكبار والصغار دون تفرقة أو تمييز· وفي العين كانت مظاهر التآلف والتواصل تتضح بصورة كبيرة، حيث كان الجميع يتبادلون الأطعمة والهدايا، وكان الجار يعطف على جاره ويحرص على أن يشعره بفرحة العيد حتى بما يملكه مما زاد عن حاجته من الملابس والذهب التي يعود بها على أهل جاره ليلبسوها في هذه المناسبة· وكان الناس يصنعون من هذه المناسبة فرصة للقاء والتجمع وسط أجواء من البساطة والصفاء الروحي والنفسي، ومما كان يزيد من فرحتنا مشاركة الحاكم لنا فرحة العيد وتبادل التهاني وإقامة الاحتفالات الشعبية كالعيالة وركوب الخيل والعرضة· ؟ وماذا تخبرنا عن المجلس الرمضاني الذي تقيمونه سنوياً خاصة وأنه يمثل إحدى صور تمسككم بالتراث الإماراتي·· فماذا يعني لكم هذا المجلس؟ ؟؟ المجالس الرمضانية جزء من النهج الأصيل للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي كان يعتبر نفسه رب الأسرة الكبير لأبناء الإمارات، وهي حوار حي يجسد العادات والتقاليد الأصيلة لمجتمع الإمارات، ومازلنا حتى الآن نقيم مجلسا رمضانيا كل عام ندعو إليه عددا من الشخصيات الوطنية·· كما أن هذه المجالس تعكس أيضا تعاليم الدين الإسلامي الذي يدعو إلى تدعيم أواصر الأخوة والمحبة وروح التراحم والبر والتكافل بين أفراد المجتمع· ويجب علينا جميعاً ترسيخ هذه العادات والتقاليد في نفوس الأبناء وإرشادهم وتوجيهم لحضور المجالس الرمضانية، نظراً لخصوصيتها التي تستمدها من نفحات هذا الشهر الكريم، وأيضا لدورها في مواجهة ما طرأ على المجتمع من تغيرات بسبب الرفاهية ووسائل الاتصالات الحديثة التي أثرت بالسلب على العلاقات بين أفراد المجتمع· ؟ كيف حثكم المغفور له الشيخ زايد -رحمه الله- على أهمية نقل صور حياة الماضي لأبنائكم ومن بعدهم أحفادكم؟ ؟؟كان المغفور له الشيخ زايد يعي جيداً أهمية تناقل حوادث الماضي بكل واقعية، وأن نعمل على تجسيد الماضي لأبنائنا، فهو كان يردد علينا دائما: ''إن الشباب لا يعرفون الذي مر علينا وشعرنا به ولمسناه ولمسنا كربه·· فإذا لم نكلمهم اليوم وإذا لم تتح لهم الفرصة بين أبويهم وأهليهم فيتكلمون معهم ويخبرونهم عن الماضي·· فمن يفعل ذلك؟''· والجميع يتذكر أيضا مقولة الشيخ زايد -رحمه الله: ''أريد منكم مزيداً من التقدير، ومزيداً من الذكريات، لأن من لا يذكر ماضيه لا يعمل لحاضره، والمزيد من التحدث عن الماضي يجعل أبناءنا يقدرون الحاضر ويستعدون للمستقبل''· ؟ سألك أحد الصحفيين البريطانيين حينما كان مرافقا للشيخ زايد -رحمه الله- في إحدى رحلاته الخارجية: في أي مدرسة درست؟ فأجبت على الفور ''درست في مدرسة زايد ومازلت طالباً للعلم والمعرفة فيها''·· ماذا تحمل من ذكريات عن ذلك؟ وما هو أهم درس تعلمته من المغفور له الشيخ زايد خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على موروث الماضي؟ ؟؟ نعم·· تعلمت في مدرسة زايد الذي كان معلما للجميع·· لقد رحل الشيخ زايد -رحمه الله- عن المكان، لكنه خالد في القلوب، وبنى زايد الخير الإمارات ليبقى فيها ما بقيت الحياة وليظل في عيون الإماراتيين، ففي محيّاه تكشف تاريخ وطن وفي سماحته عاش شعب وتربى على مكارم الأخلاق· ووصيتي لأبناء هذه الأرض الطيبة أن يحافظوا على عاداتهم وقيمهم لأنها تمثل هوية هذا الشعب وهذه الأرض، ولا بد أن نحفظ ما علمنا إياه المغفور له الشيخ زايد في مدرسة شخصيته الحكيمة·· فالأعمال الكبيرة تخلد نفسها وأن على الإنسان أن يعمل ويعطي ويتفانى ويترك الآخرين يقيمون جهده وعطاءه، وفي كل الأحوال يجب إخلاص النية في العمل وأن يكون هدفنا الخير وتحقيق المصلحة لوجه الله تعالى ومصلحة وطننا العزيز·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©