الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الواجب العام والفروض الكفائية

16 سبتمبر 2007 23:50
الشريعة الإسلامية لا تسمح للفرد بإهمال واجباته نحو مجتمعه لئلا ينهار المجتمع، والنظام الإسلامي لا يجيز للأفراد إهمال الضعفاء والمحتاجين لئلا يسري الألم والضعف إلى المجتمع، والفرد مسؤول لو قصر نحو الفرد الآخر· والجماعة في حاجة إلى أطباء ومعلمين ومهندسين وعمال وزُرَّاع، ولابد من إشباع هذه الحاجات، وهذه الالتزامات تسمى فرض كفاية، فإذا ما فشلت الجماعة كلها في إشباع هذه الأمور فإنها تأثم، وقد وصف الإمام الشافعي في كتابه ''الرسالة'' هذا الالتزام بالواجب العام الذي فيه المعنى الخاص، أي أن الجماعة ملزمة بأداء الواجب ولكنها لا تقوم به كلها، وإنما طائفة منها· ويذكر الإمام الشاطبي في كتاب ''الموافقات'' أن الإمام الشافعي يقول: إن على الأمة ممثلة في ولي الأمر أن تؤهل أفراد المجتمع للقيام بالفروض الكفائية، وأن تسهل لهم ذلك، وإذا أهمل ولي الأمر فإن الأمة ملزمة بحمله على أداء الواجب أوأن تسعى في تغييره، ويقسم الإمام الشاطبي أيضاً في ''الاعتصام'' مراحل التعليم الذي يعتبر من وسائل تأهيل الفرد للقيام بواجباته الكفائية لأن تحقيق الواجبات مبني على المواهب والاستعدادات الفطرية دون أي اعتبارات أخرى، فيقول: هناك مرحلة إجبارية لا يتخلف عنها أحد، ومرحلتان متدرجتان على القادر ذهنياً حتى يصل إلى النبوغ إن كان مستطيعاً· لقد تطرف من تطرف في نظرته إلى الملكية الفردية وجاء النظام الإسلامي ليوازن عملياً بين حق الفرد وحق الجماعة وجسم الفكرة الجماعية إذ شرع أحكام الملكية الفردية بفرض واجباتها وحقوقها وإقامة حدودها· والإسلام يبدأ- كعادته- في نظرته للملكية الفردية من الهدف وهو الجماعة، فالأموال كلها مملوكة لله تعالى، وكل دارس للشريعة يعلم أنه عندما يقال عن أمر إنه حق من حقوق الله تعالى- في غير مجال العبادات- فإنما يقصد به الحق العام أي حق الجماعة· وقد أكد القرآن ملكية الله لكل شيء (ألا إن لله ما في السموات والأرض···) (النور:64)، ويقول تعالى: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم···) (النور:33)، ونفهم أن الله تعالى لم يخلق كل ما في هذه الأرض إلا للإنسان من قوله سبحانه: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً) (البقرة:29) أي لانتفاع البشرية جميعاً، فلكل فرد حظه الذي يسد حاجته وتقوم به حياته في نطاق مبادئ الشريعة العامة، كما ذكر فقهاء الشافعية مثل الإمام الشافعي في كتابه ''المحصول''، والإمام البيضاوي في ''المنهاج''، وقرره فقهاء الحنفية، وقوله سبحانه (··· ما في الأرض جميعاً) ليس فيها اختصاص لأحد، بل لكل الناس، كما ذكره صاحب تفسير ''البيان''· إن طبيعة حقنا على ما خلق لنا وصفها القرآن بقوله سبحانه: (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) (الحديد:7)، ويفسر الآية الإمام الزمخشري في ''الكشاف''، ومما ذكره في تفسيرات الأموال التي في أيديكم أنها أموال الله موليكم إياها وخولكم الاستمتاع بها وما أنتم إلا بمنزلة الوكلاء أو النواب· وملكية الله العامة أساس هام لتحديد حق الفرد في ممارسة نشاطه على الأموال التي تحت يده متى أضر بغيره، ثم حقه في التزامه بممارسة ما ينفع الجماعة، وكذلك في كف يده من التملك إذا اقتضت مصلحة الجماعة ذلك أو احتاج الفرد للمال لضرورة ما· وقد اعترف الإسلام بحق ملكية الفرد وحماه إذا نشأ بطرق شرعية، فجعل حرمة الملكية كحرمة الدم، كما خطب صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ''أيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى يوم القيامة كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا''، والإسلام أيضاً يعطي المالك كل وسائل الدفاع عن ماله ولو بالقتال كما روى الشيخان ''ومن قتل دون ماله فهو شهيد''، والسارق تقطع يده، ومن غصب غضب الله عليه·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©