تلفزيون المليون دولار

التلفزيون هو النجم الساطع خلال شهر رمضان، ربما يباريه في السطوع نجم لمعان السمن البلدي المعتبر على صحن الهريس، المهم أنني وجدتني وكما يحدث لي في أول أيام رمضان في حيرة وحسرة وندامة، فكم عدد أجهزة التلفزيون التي يجب أن أشتريها لأتمكن من مشاهدة كل المسلسلات التي تعرض في وقت واحد؟ واكتشفت أنني لا أملك الوقت لأشاهد كل هذه المسلسلات والبرامج، ووجدتني محتارا دائما في الاختيار من بين المعروض على الشاشة الفضية، فكل ما هو معروض يصبح مشوقا وممتعا ما إن تتابع حلقاته يوما بعد يوم· ووجدت الحل في دراسة اميركية تقول إن امتناعك عن مشاهدة التلفزيون سيوفر عليك مليون دولار طوال حياتك، وحلمت بالمليون دولار وبأني سأصبح من عداد الميلونيرات، وشعرت بنوع من البخل والخوف عندما بدأت في حساب الزكاة، وحاولت أن أتذكر أسماء الناس الذين يمكن أن يستفيدوا من زكاة المليون دولار التي قد امتلكها· والواقع أن الدراسة تقول إنك ستوفر المليون دولار بعدم مشاهدتك للتلفزيون؛ لأن المشاهدة مكلفة، فأنت تلجأ لدفع اشتراكات للقنوات الفضائية المشفرة، وإذا كانت مجانية فأنت تشتري الأجهزة، وتضمنت الدراسة قائمة بالأشياء المتعلقة بالتلفزيون بما فيها الطاولة التي يوضع عليها الجهاز· وراقت لي فكرة المليون دولار وتلمظت وفركت يديَّ فرحاً بالفرج القادم، فالواقع انه لا شيء يغري أصلا، فالبرامج والمسلسلات كثيرة ومتنوعة لدرجة أنها تصيبك بالتخمة تماما كما تصيبني التخمة كل يوم بعد الإفطار· وبرغم مما فيها من تسلية ربما وتقصير دوب وربما الهاء الصائم عن العطش والجوع، غير أنها تصيب المشاهد بالعقد والأمراض النفسية لأن فيها قصصا محزنة ومنكدة، وفيها قصص تفكك أسرى وفيها خمر ورقص وتدخين ونحن نشاهدها في نهار رمضان غالبا· واستغرب انه برغم الانتقادات التي تواجهها هذه المسلسلات بعد رمضان كل عام غير أنها لا تغير القصة وتبقى نفس المشاكل تتكرر كل عام·· وهذا يمكن أن يكون بسبب نوع من الإفلاس الفكري يعانيه كتاب الدراما العربية· ولن أزيد فأنا ''مش أدهم''، وعلى المشاهد أن يحكم بنفسه وان يختار ما يعتقد انه يسليه ويعطيه معلومة أو يعلمه شيئا مفيدا، وإن كنت اشك في ذلك لكن دعونا نشاهد· برغم كل سلبيات التلفزيون وبرغم إغراء المليون دولار غير أنني قررت أن أتبع رأي الدراسة الاميركية بعد نهاية شهر الصوم· ssalbadi@gmail.com