الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكوريتان على طريق الديمقراطية عبر حقوق العمال

الكوريتان على طريق الديمقراطية عبر حقوق العمال
15 سبتمبر 2007 21:41
تخطط الكوريتان الشمالية والجنوبية لتعزيز وتوطيد العلاقات الاقتصادية بينهما خلال اللقاء المرتقب لزعيميهما الشهر المقبل، وذلك ضمن ثاني قمة بين البلدين خلال أكثر من ستين عاما· إذ من المرتقب أن يتفق الجانبان على أكبر مشروع كوري مشترك حتى الآن، ألا وهو مجمع ''كايسونج'' الصناعي، الواقع على الجانب الشمالي من الحدود، والذي سيستفيد من استثمارات الجنوب وعمالة الشمال الرخيصة· يُعد هذا المشروع واحدا من سلسلة الشراكات الاقتصادية التي تأمل جنوب كوريا أن تساهم في تعبيد الطريق أمام التوحيد السياسي، ولبناء دولة جديدة، يجب على الجانبين ألا يسعيان وراء القوة الاقتصادية فحسب، وإنما أن ينهضا أيضا بحقوق الإنسان وقوانين العمل -بدءا بالعمال في ''كايسونج''، وعليه، فيتعين على الزعيمين أن يعملا معا خلال القمة على دعم هذه المبادئ الأساسية· قد يفتح مجمع ''كايسونج'' الصناعي الباب أمام مزيد من الاندماج الاقتصادي بين شطري شبه الجزيرة الكورية، وربما التوحيد السياسي في نهاية المطاف، إضافة إلى موقعه بمحاذاة الحدود المحروسة الذي أكسبه دلالة رمزية، فمدينة ''كايسونج'' كانت عاصمة لكوريا قبل أكثر من 1000 عام· وخطاب بناء الدولة الكورية، في كوريا الجنوبية على الأقل، واضح وصريح· ''وعد واحد!'' و''رؤية جديدة للسلام والفرص'' شعاران من بين الشعارات التي تستعمل لإبراز إمكانيات ''كايسونج''· والواقع أن المستقبل يبدو مشرقا؛ فالمجمع الذي فتح أبوابه في ،2003 يضم اليوم نحو 24 مصنعا كوريا جنوبيا تنتج ما يعادل 10 ملايين دولار من السلع كل شهر، وتوظف 15000 عامل كوري شمالي في بعض من أفضل الوظائف المتوفرة في كوريا الشمالية اليوم· والحقيقة أن مخططات المنطقة الصناعية طموحة جدا؛ إذ يأمل المطورون أن ينتج 350 ألف كوري شمالي ما قيمته 20 مليار دولار من المنتجات في السنة· غير أن الحريات والحقوق الإنسانية الأساسية للعمال الكوريين الشماليين أُهمِلت ووضعت جانبا؛ ذلك أن القوانين الكورية الشمالية التي تحكم وتنظم المجمع الصناعي لا تكفل حرية تأسيس الجمعيات، وحق التفاوض الجماعي، والحق في الإضراب· كما أن قوانين العمل لا تُحرم عمل الأطفال أو التحرش الجنسي أو التمييز ضد المرأة -هذا علما بأن كل عمال ''كايسونج'' تقريبا هم من النساء-، وعلاوة على ذلك، فالأجور منخفضة جدا؛ إذ يحصل العامل على نحو 27 سنتا في الساعة، ما يمثل نحو 5 في المائة من التعويض العادي المعمول به في كوريا الجنوبية، ونصف ما هو معمول به في الصين· كما إن المسؤولين الكوريين الشماليين يفرضون على الشركات الكورية الجنوبية أن ترسل أجور العمال -بالدولار الأميركي- إلى الحكومة الكورية الشمالية، التي تتولى -حسب تقارير إخبارية كورية جنوبية- دفع الأجور للعمال لاحقا بواسطة تركيبة من العملة المحلية، وتذاكر الحصص الغذائية، وغيرها من المنتجات الاستهلاكية· من السهل تفسير ضياع حقوق الإنسان وقوانين العمل في ''كايسونج''، فالشركات الكورية الجنوبية إنما اختارت الاستثمار فيها تحديدا بسبب الكلفة المنخفضة لقيام المشاريع هناك؛ ويمكنها أن تتذرع بحقيقة أن نشاطها هو في كوريا الشمالية؛ وبالمقابل، فإن الحكومة الكورية الشمالية المعروفة برصيدها السيئ جدا على صعيد حقوق الإنسان، تستطيع أن تنحي باللائمة على الشركات الكورية الجنوبية التي تدير المنطقة· والحال أنه لا بد من وضع القوانين في ''كايسونج''، لأنها أولا ستدعم من كرامة الإنسان، ثانيا: لتفعيل وجذب الاستثمارات الخارجية، فالشركات متعددة الجنسيات تريد أن تحافظ على صورتها كشركات عالمية مسؤولة وأخلاقية، ولذا فإنها ستفضل البقاء بعيدا في حال لم تقم ''كايسونج'' بدعم حقوق الإنسان وقوانين العمل· وثالثا، لبناء كوريا جيدة؛ فـ''كايسونج'' أكثر من مجرد مشروع تنموي اقتصادي ينم عن الإبداع والخيال، بل تجربة كبيرة في بناء الدول؛ إذ من المتوقع أن تساهم ''كايسونج'' في تغذية ودعم السلام والرخاء بشبه الجـــــزيرة الكورية برمتها· ولذا فإنه يتعين على الزعيمين الكوريين، عندما يلتقيان في الثاني من أكتوبر المقبل، أن يبعثا برسالة قوية مؤداها أن الوضع الراهن سيتغير، كما سيتعين عليهما أن يقدما وعودا لعمال ''كايسونج'' بقانون يضمن حقوقهم، مدعوم بنظام يكفل تطبيقه، ومن ذلك مثلا إنشاء محكمة كورية-كورية خاصة يدخل المجمع الصناعي ضمن دائرة اختصاصها· إذ لا يمكن لـ''كايسونج'' -وغيرها من المبادرات الاقتصادية التي قد تليها- أن تقود إلى كوريا موحدة حرة ومفتوحة وديمقراطية إلا عبر وضع وتبني قوانين معترف بها دوليا، والحقيقة أن قمة شهر أكتوبر المقبل تشكل فرصة مثالية للبدء· أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة روجر ويليامز الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©